الإبادة الجماعية في ريف اللاذقية
الجمل ـ باسل محمد يونس: مصطلح "الإبادة الجماعية"، الذي لم يكن موجودًا قبل العام 1944، هو مصطلح ذو مدلول خاص جدًا، حيث يشير إلى جرائم القتل الجماعي المرتكبة بحق مجموعات من الأشخاص و حقوق الإنسان، كما هو مبين في إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948.
يطلق اسم الإبادة على سياسة القتل الجماعي المنظم ، عادةً ما تقوم به حكومات وليست أفرادًا، ضد مختلف الجماعات.
الفظاعات التي ارتكبت أثناء محاولات الإبادة لطوائف وشعوب على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي، صنفت كـجريمة دولية في اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948 ووضعت موضع التنفيذ 1951 بعد أن صدقت عليها عشرون دولة. حتى الآن صدقت 133 دولة على الاتفاقية .
بموجب الاتفاقية ضمن المادة الثانية، تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة في قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
1- قتل أعضاء الجماعة
2- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة
3- إخضاع الجماعة عمدا لظروف معينة يراد منها تدميرها المادي كليا أو جزئيا
4- فرض تدابير تهدف الحيلولة دون القدرة على انجاب الأطفال داخل الجماعة
5- نقل الأطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى
كما ان المادة (6) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عرفت مفهوم جريمة الإبادة الجماعية وفقا للمفهوم أعلاه
وعلى ضوء ما ورد في نصوص الاتفاقية فان جريمة الإبادة تتكون من ركنيين هما :
1- "الركن المادي " الفعل الجرمي
2- الركن المعنوي".ركن العمد أو القصد الجنائي "
أولا الفعل الجرمي: ويقصد به
1) الأفعال المكونة للجريمة و يتكون من عدة أفعال تؤدي إلى القتل بجميع أنواعه بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة سواء انه قتل مباشر بإطلاق النار او القنابل او الجوع او المرض .. وسواء كان مباشر او غير مباشر لأعضاء الجماعة القومية . وسواء ارتكبت جريمة القتل في زمن السلم او زمن الحرب كما ورد في المادة ( 1 ) من الاتفاقية.
2) الاصناف المحظورة التي تكون الفعل الجرمي لجريمة الإبادة الجماعية هو إلحاق أذى جسدي او روحي خطير للجماعة القومية او الاثنية.
والمقصود بالمعنى العام الاذى هو الالم او الضرر نتيجة سلوك من جانب دولة ما للافراد وعلى ان يكون التهجير او المرض او سوء التغذية او القلق او حرمان الجماعة من وجودهم من خلال التهجير او النزوح او اعمال التعذيب والمعاملة الغير انسانية المهينة والاضطهاد.
دولياً :
بذل المجتمع الدولي محاولات لتطوير القانون الدولي وكان تركيزه على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وعليه اليوم فأن مصطلح الإبادة أو "التطهير العرقي" ليس مصطلحا وصفيا فحسب بل مصطلحا قانونيا .
و بحسب القانون الدولي يعد من أكثر الجرائم خطورة و هذه الجريمة بالاساس كانت تسمى "بالجريمة ضد الانسانية" لكن كظرف مشدد استحدث توصيف رابع أطلق عليه الإبادة الجماعية
الجرائم الدولية التي تبنتها محكمة العدل الدوليه الدائمة أربع سوف أقوم بذكرها حسب تكييفها أو توصيفها القانوني من الأقل إلى الأكثر خطورة :
١. جريمة الحرب ٢. جريمة العنف أو ضد السلم الأهلي ٣. الجرائم ضد الإنسانية ٤. جريمة التطهير العرقي أو الابادة الجماعية.
- حقائق تجري الآن :
في العام الماضي و تحديداً في شهر تشرين الثاني /نوفمبر نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لـ"سيمون آدامز" ، المدير التنفيذي لـ"المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية" ، قال فيه "إن الإبادة الجماعية العالمية التالية التي سيشهدها العالم ، ستكون بحق العلويين وباقي الأقليات الأخرى في سوريا. ونقل آدامز عن السفير الأميركي الأسبق "بيتر غالبرايت" ، الذي شهد عمليات التطهير العرقي في يوغسلافيا، توقعه بأن تكون الإبادة الجماعية العالمية التالية التي سيشهدها العالم بحق العلويين في سوريا.
وحذر الكاتب في مقاله ، الذي حمل عنوان "الإبادة الجماعية التالية في العالم"، من ان هذا الأمر أصبح قابلاً للحدوث الآن، بعد ان كان التحدث عنه قبل أشهر قليلة يعتبر بمثابة دعاية يسوقها مؤيدو السلطات السورية، حيث ترتفع كل يوم نسبة مخاطر ارتكاب هكذا إبادة بحق العلويين وبحق الأقليات الدينية الأخرى.
وبحسب الكاتب، فإن المقاتلين المتطرفين لا يحاربون فقط لتخليص سوريا من النظام، بل أيضا لتطهيرها دينياً. ونتيجة لذلك يتخوف المسيحيون من ان مصيرهم كأقلية سيكون شبيهاُ بمسيحيي العراق، الذين أجبروا على ترك العراق من خلال حرب ارهابية ومتطرفة"1.
اليوم و بعد عام تقريباً على تقرير نيويورك تايمز و بعد شهرين من وقوع مجزرة اللاذقية ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية ، في تقرير نشرته الجمعة 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، ان مسلحين "جهاديين" قتلوا 190 مدنيا، بينهم 67 اعدموا، وخطفوا 200 في قرى علوية في ريف اللاذقية مطلع آب الماضي.
وتابعت المنظمة في تقرير لها بعنوان: "ما زال يمكنك رؤية دمائهم" وجاء ضمن 105 صفحة ، إنها أجرت تحقيقا على الأرض، وسألت 35 شخصاً بمن فيهم ناجون من الهجوم الذي شنه مسلحون على 10 قرى علوية في 4 آب في محافظة اللاذقية.
وأضافت "في ذلك اليوم، قتل ما لا يقل عن 190 مدنيا، بينهم 57 امرأة و18 طفلا". ونشرت لائحة بأسماء هؤلاء الضحايا. ومن بين القتلى، هناك ما لا يقل عن 67 شخصا اعدموا عندما حاولوا الهروب كونهم غير مسلحين، بحسب المنظمة التي جمعت عناصر تظهر أن الأمر يتعلق بمدنيين غير مقاتلين، ولم يفعلوا أي شيء يمكن أن يعتبر تهديدا أو قاموا بأي شيء من شأنه أن يهدد المهاجمين.
"وأوضحت المنظمة أن ما لا يقل عن 20 مجموعة شاركت في العملية، التي أدت إلى احتلال هذه القرى، والتي استعادتها القوات التابعة للنظام في 18 آب. واشارت الى ان "التنظيمات الخمسة الرئيسية التي نظمت ونفذت الهجوم هي منظمات جهادية، مثل الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وجيش المهاجرين والانصار، بالاضافة الى منظمة انصار الشام وصقور العز". وتابعت ان "الدولة الاسلامية، وجيش المهاجرين والانصار، ما يزالان يحتجزان اكثر من 200 مدني كرهائن، معظمهم من النساء والاطفال".
وروى القرويون للمنظمة كيف حاولوا الفرار، في وقت فتح فيه المسلحون "النار عشوائيا، وفي بعض الاحيان على السكان مباشرة". واضافت ان "المقاتلين اعدموا او قتلوا في بعض الحالات عائلات باكملها".
واعتبر مدير المنظمة بالوكالة في الشرق الاوسط جو ستورك ان "هذه التجاوزات هي عملية مخطط لها ضد مدنيين في هذه القرى العلوية"، معتبرا ان "الأمر يتعلق بجرائم ضد الإنسانية".
بعد صمت دام أكثر من شهرين على المجازر التي ارتكبتها الجماعات المسلحة في ريف اللاذقية في الرابع من شهر آب / أغسطس الماضي، خرجت منظمة "هيومان رايتس ووتش بتقريرها "المنقوص" حول جرائم الإبادة والإعدام الجماعي المرتكبة. حيث كان موقع الحقيقة قد ذكر بأن عدد الضحايا هو 400 على الأقل من النساء والأطفال الذين ذبحوا وقتلوا وتعرضوا للسبي.
رابط نيويورك تايمز :
http://www.nytimes.com/2012/11/16/opinion/the-worlds-next-genocide.html?smid=fb-share&_r=0
إضافة تعليق جديد