اقتصاد الكماليات أولاً حرصاً على البريستيج في زمن الحرب.. الفقراء يدفعون فاتورة رفاهية الأغنياء
حين جولتك في أسواق دمشق تستفزك أسعار البضائع والسلع الأساسية الغذائية وغيرها وهي مستمرة بالصعود يوماً بعد يوم، فكيف إذا ما شاهدت رفوف المحلات التي تضيق بالسلع الكمالية غالية الثمن رغم ظروف الحرب والأزمة التي نمر بها، وكيف سيكون شعورك عندما تعلم بأن ثمن قلم حبر عادي لماركة عالمية يعادل 500 ألف ليرة سورية أي ما يساوي ألف يورو وهي كافية لشراء 5 أطنان من القمح.
قمنا بجولة في أسواق دمشق واطلعنا على أسعار العديد من السلع والبضائع الكمالية والتي تعتبر رفاهية في زمن الحرب، وكان لافتاً وجود كل السلع التي تعد كمالية وبأسعار أقل ما يقال عنها بأنها خمس نجوم، فسعر ساعة يد لأحد الماركات يبدأ من 90 ألف ليرة سورية ليصل في موديلات منها إلى المليون ليرة سورية، وأكثر، وسعر نظارة شمسية لماركة أخرى يتراوح ما بين 10 و50 ألف ليرة سورية، وسعر حذاء رياضي لماركة رياضية مشهورة يبدأ بـ30 ألف وقد يصل إلى 100 ألف ليرة سورية، فيما لا يوجد حد معين لأسعار الألبسة التي تختلف باختلاف الماركة إن كانت محلية أو عالمية وإن كانت مصنعة محلياً باسم ماركة عالمية أم مستوردة ولكنها بالحد الأدنى لا يقل سعر أي قطعة ألبسة عن 20 ألف ليرة سورية والرقم قابل للزيادة بسهولة، علماً بأن الاقتصاد تنفي منح أي إجازة استيراد لمثل هكذا سلع.
«الاقتصاد» تنفي
أكد مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن الوزارة لم تمنح أي موافقة لاستيراد السلع الرفاهية، وأن الوزارة ملتزمة بالتوجه الحكومي في دعم المنتج الوطني وترشيد الاستيراد لجهة استيراد المواد الأساسية والمواد الأولية.
وبيّن المصدر المسؤول أن هذا التوجه طال حتى شركات الماركات العالمية، موضحاً أن منتجات هذه الشركات المتواجدة في الأسواق حالياً هي إنتاج محلي كون هذه الشركات والتي تعتبر وكالات نظامية للشركات العالمية لديها القدرة على التصنيع المحلي للمنتجات التي تنتجها الشركات الأم التي تمثلها.
مضيفاً بأن الوزارة تمنح استثناء وحيداً على الاستيراد لهذه الشركات وهو عند تقدم أحد هذه الشركات بطلب لاستيراد نماذج لمنتجات جديدة أطلقتها الشركات الأم التي تمثلها محلياً، لتقوم بالتصنيع محلياً اعتماداً على هذه النماذج ليصار إلى رفد الأسواق المحلية بها، مشدداً على أنه لم يتم منح أي موافقة لاستيراد سلع رفاهية حتى لشركات عالمية معروفة.
وهنا نسأل ما دام الاستيراد متوقفاً والتصنيع محلياً، فما سبب الأسعار الخيالية في الماركات؟
«زعبرة»..!!
قال صاحب أحد المحال المتخصصة ببيع الكماليات وسلع البريستيج بأن حركة البيع بالنسبة لهذه الماركات قد انخفضت في الآونة الأخيرة نتيجة فرق الأسعار الكبير الذي حدث، ولكنها بالمجل مازالت موجودة فهناك دائماً زبائن معروفون لهذه البضائع.
وأفاد مدير وكالة إحدى ماركات الألبسة والأحذية الرياضية المشهورة عالمياً بأن لدى شركته امتياز التصنيع المحلي بموجب ترخيص من الشركة الأم، موضحاً بأن الشركة تقوم باستيراد المواد الأولية من الشركة الأم في بلد المنشأ وتصنعها محلياً باسم الشركة الأم، وفق خطة عمل توضع بشكل سنوي لكافة الموديلات والأصناف التي ستصنعها الشركة، والتي تكون بغالبها للألبسة، كون الأحذية يتم استيرادها حصراً من الشركة الأم ولا تصنع محلياً، ونتيجة انحسار قوائم الاستيراد من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، فإن الشركة لم تستورد أحذية من الشركة الأم منذ فترة طويلة ولذلك فكل المحلات تفتقر لصنف الأحذية الرياضية وهناك نقص في عدد الموديلات والمقاسات.
مشيراً إلى أن الشركات التي تمتلك حقوق ملكية حصرية تعاني بشكل دائم من البضائع المقلدة والمهربة وتقوم بتقديم الشكاوى بشكل دائم لمديرية حماية الملكية لمتابعة البضائع المقلدة، ولإدارة الجمارك العامة لملاحقة البضائع المهربة، حيث تشكل هذه البضائع إساءة للبضائع الأصلية كونها تباع بأسعار أقل ولكن بجودة منخفضة وتسيء لاسم الماركة التي تمثلها الشركة.
لافتاً إلى أن حركة المبيع قد انخفضت بشكل قوي عما كانت عليه سابقاً وهذا الحال العام للأسواق وليس فقط لمنتجات الماركات العالمية، كما أن الشركات تعاني من خسارة اليد العاملة الماهرة نتيجة هجرة الكفاءات والخبرات وخاصة أن العامل الذي يعمل في معاملها يجب أن يتمتع بخبرات كبيرة وكفاءة في هذا المجال ليتمكن من تصنيع الموديلات التي تصل من الشركة الأم بالجودة نفسها لديها للحفاظ على سمعتها وحقها بامتياز الماركة.
«التموين» تتكلم
بيّن مدير حماية المستهلك باسل الطحان أن المديرية ومن خلال فروعها في المحافظات تقوم بمتابعة الأسواق للتأكد من تداول الفواتير التي تعتبر الأساس الذي عليه يتم ضبط المخالفات، بالإضافة لبيانات التكلفة لكل المواد، فكل مستورد لديه بيانات الاستيراد وعند متابعة الأسواق وإيجاد مواد بأسعار مرتفعة جداً مشكوك بها يتم سحب عينة من السلعة لدراستها من لجنة مختصة من المديرية في المحافظة التي يتبع لها المستورد إن كانت مادة مستوردة أو المنتج للمادة إن كانت مادة إنتاج محلي، واللجنة تضم ممثلاً عن التجارة الداخلية وممثلاً عن اتحاد الحرفيين إن كانت السلعة منتجة محلياً أو ممثلاً عن اتحاد غرف التجارة أن كانت المادة مستوردة وعند دراسة المادة وبيان أنها غير مطابقة بالسعر المعلن للتكاليف الحقيقية لها يتم تنظيم ضبط مخالفة للجهة البائعة للمادة وإلزامها ببيعها وفق سعر التكاليف مع هامش الربح المسموح به، وفي الحالة الأخرى تقوم دوريات حماية المستهلك بمراقبة الأسواق وفي حال ملاحظة إعلان عن سعر مرتفع لمادة تطلب فواتير الشراء من البائع إن كان بائع مفرق أو نصف جملة وفي حال عدم وجود فواتير يتم إجراء ضبط مخالفة عدم إبراز الفواتير والإعلان بسعر زائد ويحال المخالف للقضاء المختص. ولدينا حالة نذكرها لمحل ألبسة في أحد المولات الكبيرة بدمشق كان يعرض فستان سهرة بسعر 200 ألف ليرة سورية وعند طلب البيانات من البائع تبين أنه يبيع بسعر مرتفع جداً وتم تنظيم ضبط مخالفة بحقه وإغلاق المحل وإحالته للقضاء المختص، وأكد الطحان بأن التلاعب بالفواتير على أساس تغيرات سعر الصرف غير مسموح به حتى لأصحاب الماركات العالمية كما أن التكاليف لا تقتصر على سعر الصرف فهناك تكاليف غير مرتبطة بسعر الصرف.
لافتاً إلى أن المديرية تقوم بمتابعة أي شكوى من صاحب إحدى الماركات بوجود بضاعة مقلدة أو مهربة على أنها من ذات الماركة التي يمثلها ويتم تشكيل دورية من مديرية حماية الملكية والتي تقوم بمتابعة الملف وإحالة المخالف للجهات المختصة سواء كانت سلعة مقلدة أو مهربة.
علي محمود سليمان – محمد راكان مصطفى
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد