استقراء جولة الانتخابات البرلمانية الأردنية القادمة

24-10-2010

استقراء جولة الانتخابات البرلمانية الأردنية القادمة

الجمل: بدأت الصراعات والخلافات تطل برأسها مرةً أخرى في الساحة السياسية الأردنية مع اقتراب جولة الانتخابات البرلمانية العامة التي سبق وأن حددت السلطات الملكية الأردنية يوم التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 القادم موعداً لعقدها: فما مدى مصداقية انعقاد هذه الانتخابات في موعدها؟ وما هي الملامح الرئيسية لخارطة الصراعات السياسية؟ وما هي التداعيات الماثلة والمؤجلة لحدث الانتخابات الأردنية؟
* المسرح السياسي الأردني: ماذا تقول المعلومات؟
بدأ العد التنازلي لانعقاد جولة مجلس النواب الأردني التي تم تحديد يوم 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 القادم لانعقادها، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات والتقارير الصحفية والإعلامية بأن مدى نجاح انعقاد هذه الجولات الانتخابية هو أمر مازال ينطوي على الكثير من الشكوك وانعدام المصداقية، وفي هذا الخصوص توجد العديد من مؤشرات الإنذار المبكر التي تدل على ذلك:خارطة المملكة الأردنية الهاشمية
•    المؤشر الأول: تم تحديد تاريخ انعقاد هذه الجولة الانتخابية منذ يوم 15 حزيران (يونيو) 2010 الماضي، وبرغم ذلك لم تصدر أي تأكيدات رسمية قوية المصداقية حول هذا التاريخ.
•    المؤشر الثاني: كل الأحزاب الأردنية صغيرة وعديمة الفاعلية ما عدا حزب جبهة العمل الإسلامي، وحالياً قرر حزب جبهة العمل الإسلامي مقاطعة جولة الانتخابات لعدة أسباب منها ما يتعلق بالشفافية ومنها ما يتعلق بقانون الانتخابات وأسلوب توزيع الدوائر الانتخابية.
•    المؤشر الثالث: تزايد حملات الاعتقالات التي استهدفت الناشطين السياسيين الأردنيين الذين وجهوا المزيد من الانتقادات المعارضة لقانون الانتخابات الأردني.
•    المؤشر الرابع: البطىء والفتور المتزايد في ارتفاع حرارة الحملات الانتخابية بما أدى إلى جعل المنافسة السياسية تأخذ طابعاً منخفض الشدة يعكس كل ما يحدث في جولات الانتخابات السابقة.
برغم وجود كل هذه المؤشرات، فإن الترتيبات الإجرائية لعقد جولة الانتخابات البرلمانية العامة لاختيار أعضاء مجلس النواب الأردني الجديد ما تزال تمضي على قدمٍ وساق وفي هدوء، ومن المتوقع عدم وضوح الصورة بشكلها النهائي إلا في الأيام الأخيرة، وذلك لأن عدد الناخبين في السجل الانتخابي هي التي  سوف تحدد مدى نجاح أو عدم نجاح جولة الانتخابات في الحصول على الإسناد الشعبي اللازم لتعزيز قوة زخم العملية السياسية. وبالتالي، إذا لم يكن التسجيل أو حتى المشاركة بالمستوى المطلوب وضمن المعايير المتعارف عليها، فإن احتمالات صدور قرار ملكي بتأجيل جولة الانتخابات سوف يظل احتمالاً ممكناً.
* البعد السياسي-المؤسساتي في جولة الانتخابات الأردنية
على أساس اعتبارات المحددات العامة، تبلغ مساحة الأردن 92300 كم2 بعدد سكان في حدود 6.3 مليون نسمة، ومؤشرات اقتصاد كلي تقول بأن الناتج المحلي الإجمالي في حده الأعلى 33.7 مليار دولار وحده الأدنى 23 مليار دولار، مع معدل دخل سنوي للفرد حده الأعلى 5620 دولار والأدنى 3828 دولار.
تشير معطيات التركيب الاجتماعي السكاني إلى أ، 92% من السكان هم من المسلمين السنة و7% من المسيحيين أما الـ1% المتبقية فتمثل الأقليات الصغيرة التي تتكون من الدروز والمسلمين الشيعة إضافةً إلى أتباع الصوفية. شكل الدولة في الأردن هو الملكية الدستورية مع وجود حكومة أردنية تمثل السلطة التنفيذية وبرلمان أردني يتكون من غرفة عليا هي «مجلس الأعيان» الذي يتكون من 40 عضواً ويتم تعيينهم بواسطة الملك حصراً، ومهمة هذا المجلس هي متابعة الأداء الحكومي، وغرفة دنيا هي «مجلس النواب» ويتكون من 110 عضواً يتم انتخابهم لفترة  4 سنوات مع التأكيد على ضرورة وجود ستة نواب من النساء وتسعة مقاعد للمسيحيين وثلاثة مقاعد للشركس.
الصراع السياسي الانتخابي يدور حصراً ضمن نطاق مجلس النواب الأردني، وبالتالي، فإن انفتاح النظام الملكي على المشاركة السياسية يتم حصراً ضمن صيغة توازن قوى ثنائي بين الشعب والملك ضمن ما يمكن أن نسميه: مجلس الملك وهو مجلس الأعيان الأردني المكون من 40 عضواً يختارهم الملك، ومجلس الشعب وهو مجلس النواب الأردني المكون من 110 عضواً يختارهم الملك الأردني عبر الانتخابات النيابية القائمة على التعددية الحزبية.
تشير المعلومات إلى أن مجلس النواب الأردني السابق قد تم حله رسمياً بواسطة المرسوم الذي أصدره الملك عبد الله الثاني وذلك لأسباب متعددة بعضها معلن تمثل في الخلافات والمواجهات السياسية التي احتدمت بين مكونات المجلس، وبعضها غير معلن تمثل في التطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص في المسائل المتعلقة بقضايا الصراع العربي-الإسرائيلي المختلفة.
* خارطة الصراع الانتخابي: المحتوى والسيناريو
أسفرت جولة انتخابات مجلس النواب السابق –المحلول- التي انعقدت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 عن المعطيات الآتية:
-    نسبة المشاركين الكلية: 54% من إجمالي سكان الأردن.
-    نسبة المشاركة في المناطق الريفية: 80%
-    نسبة المشاركين في المناطق الحضرية: 20%
وإضافةً لذلك، فقد أسفرت النتائج عن صعود كتلة كبيرة من المستقلين مع وجود كتلة إسلامية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    98 مقعداً حصل عليها المستقلين ولكن أداءهم كان خافتاً داخل المجلس السابق.
•    6 مقاعد حصلت عليها جبهة العمل الإسلامي، وبرغم ذلك فقد كان أداءهم طاغياً عليها داخل المجلس السابق.
•    6 مقاعد خصصت للنساء، وكعادة النساء العربيات، فقد كان أداءهم "مدجناً" لم يسفر عن شيء.
تقول التحليلات الجارية، بأن أبرز أسباب سعي جبهة العمل الإسلامي لمناطق الانتخابات تمثل في الآتي:
-    الصراع داخل جبهة العمل الإسلامي بين الإسلاميين ذوي الأصول الفلسطينية الساعين للتهدئة مع النظام الملكي حتى لا تحدث أي مواجهة بين القصر والفلسطينيين على غرار ما حدث في مواجهات أيلول الأسود الفلسطينية-الأردنية وبين الإسلاميين ذوي الأصول الأردنية الساعين للتصعيد مع النظام الملكي، وخوض معركة الإصلاح السياسي والاقتصادي.
وفي هذا الخصوص، تشير التوقعات إلى احتمالات مقاطعة الإسلاميين ذوي الأصول الأردنية  ومشاركة الإسلاميين ذوي الأصول الفلسطينية.
-    الصراع حول القانون الانتخابي برز على خلفية صدور قانون انتخابي جديد ينص على تخصيص المزيد من المقاعد للمناطق الريفية والقليل من المقاعد للمناطق الحضرية، وفي هذا الخصوص تقول التسريبات بأن النواب الذين يتم تصعيدهم بواسطة المناطق الريفية هم الأقل اهتماماً بتوجيه الانتقادات بسبب روابطهم العشائرية والقبلية، أما النواب الذين يتم تصعيدهم بواسطة المناطق الحضرية فهم الأكثر توجيهاً للانتقادات والأكثر اهتماماً بالمطالبة بالإصلاحات والتنوير والحداثة وما بعد الحداثة.
حتى الآن، لم تظهر أي بوادر لأي عمليات عنف سياسي أردني-أردني، ولكن، ومع اقتراب انعقاد جولة الانتخابات، فمن المحتمل أن تبرز بعض عمليات العنف السياسي الرمزي والتي قد تأخذ شكل الاحتجاجات والمظاهرات، وهو أمر سوف يتوقف على مدى نجاح المعارضة الأردنية على القيام بعمليات التعبئة السلبية الفاعلة ضد الانتخابات، ونفس الشيء يمكن أن يحدث على الجانب المقابل، لجهة احتمالات قدرة السلطات الأردنية على النجاح في القيام باحتواء الاحتجاجات المعارضة عن طريق تفعيل عمليات التعبئة الإيجابية الفاعلة الداعمة لعقد جولة الانتخابات ودعم المرشحين المستقلين الذين تقوم العشائر بترشيحهم في الدوائر المخصصة للمناطق الريفية والتي نص القانون الجديد على إعطاءها المزيد من المزايا النسبية عن طريق زيادة عددها هذه المرة.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...