اختتام زيارة الأسد إلى زغرب: اسـتثـمار التـاريـخ والمصالح
اختتم الرئيس السوري بشار الأسد زيارته إلى زغرب أمس، والتي وضع خلالها مع نظيره الكرواتي ستيبان ميسيتش أسساً عملية للتعاون بين البلدين.
وكان الأسد استكمل محادثاته في زغرب مع ميسيتش، قبل مغادرته عائداً إلى دمشق، وذلك بعد أن تم التوقيع على مذكرة للتفاهم الاقتصادي. والتقى بممثلين عن الجالية السورية شرح لهم خلالها مجمل القضايا والتطورات في الشرق الأوسط.
وبدا واضحاً للجانبين السوري والكرواتي الرغبة المشتركة في استثمار علاقات تاريخية، سبق وان نسجها قادة سوريا ويوغوسلافيا السابقون في بناء علاقات ثنائية مستقبلية. وركز الأسد خلال زيارته على فكرة التعاون الثنائي، وذلك ضمن بيئة جغرافية مساعدة تتمثل في إمكانية ربط موانئ البلدين، وهو أمر رأت فيه مصادر كرواتية عاملاً جذاباً لتأمين احتياجاتها من الطاقة خصوصاً بعد مشاكل الإمداد التي واجهتها مع روسيا العام الماضي نتيجة خلاف موسكو وكييف.
وتسعى كرواتيا إلى الاعتماد على الغاز العربي وفقاً للمصادر ذاتها، فيما تسعى سوريا إلى تأمين خيارات إضافية أكثر اتساعاً لحركتها التجارية والاقتصادية، ولا سيما بعد إعلان «الأولوية للتعاون وليس للشراكة» مع أوروبا، ما يعني التركيز على الأبعاد الثنائية للتعاون مع دول أوروبا إلى حين انتهاء النقاش الداخلي في موضوع الاتفاقية.
كما تسمح الزيارة بتفقد عناصر الجذب الاستثماري لدى كل من الطرفين باتجاه الآخر، خصوصاً أنه لم يسبق لمسؤول سوري بهذا المستوى أن تحرك باتجاه تكريس التعاون مع دول شرق أوروبا المستقلة حديثاً. ورأى البعض في هذا التحرك «خطوة إلى الأمام بعيداً عن الدبلوماسية التقليدية القائمة على التحالفات وعكسها».
كما بدا الانسجام السياسي على الجانبين. ونقل موقع «الوطن أونلاين» عن ميسيتش قوله إن «الجولان أرض سورية»، وأنه «لا يجوز تقديم تنازلات على حساب الأرض»، مكرراً موقف بلاده الرافض للسياسة الأميركية في العراق ولا سيما في عهد الرئيس السابق جورج بوش.
وكان الرئيسان أكدا خلال مأدبة غداء على «وضع أسس عملية لتنفيذ النقاط التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة. وشددا على «أهمية الإسراع بدراسة الاتفاقيات المطلوب توقيعها لتشجيع الشركات والمستثمرين في كلا البلدين، وفتح الأبواب أمامهم للنهوض بالتعاون الاقتصادي إلى المستوى المطلوب».
وفي هذا السياق، بحث نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري مع نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد الكرواتي دامير بولانتشيتس التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية كافة. وتم الاتفاق على وضع إطار زمني تنفيذي للارتقاء بالعلاقات الثنائية في مجالات الاستثمار والتجارة والسياحة والبنية التحتية، خصوصاً في ميدان النقل البحري والبري والسككي والطاقة الكهربائية والنفط والغاز والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى الصناعات الإلكترونية والنسيجية.
كما تم الاتفاق على استكمال توقيع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار واتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين البلدين، تمهيداً لعقد منتدى رجال الأعمال الذي سيعلن خلاله انطلاق مجلس الأعمال السوري الكرواتي. كما جرى في إطار الزيارة توقيع مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق بين وزارتي الاقتصاد والتجارة في سوريا ووزارة الاقتصاد والعمل الكرواتية.
وكان الأسد التقى في مقر إقامته في زغرب وفداً من أبناء الجالية السورية في كرواتيا. ورحب الرئيس السوري بأبناء الجالية وشرح لهم مواقف سوريا من مجمل القضايا والتطورات في الشرق الأوسط.
واستمع الأسد إلى طروحات وأفكار المغتربين والصعوبات التي تواجههم، مؤكداً أهمية تواصلهم مع وطنهم الأم ونقل خبراتهم بهدف المساهمة بعملية البناء والتطوير الجارية فيها. وقال إن «الجالية العربية السورية تشكل جسراً مهماً بين الوطن الأم وبلدان الاغتراب».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد