اتّهام نائب مصري بقتل سوزان تميم
»جريمة مصرية على أرض عالمية«! لم تعد هذه العبارة، التي كانت تتردد بقوة، وإن همساً، محظورة على الصحافيين المصريين، الذين منعوا طوال الشهر الماضي من تغطية جريمة قتل المغنية اللبنانية سوزان تميم.
والعبارة مأخوذة من شعار »مدينة عالمية على أرض مصرية«، الذي روّج لمشروع سكني ضخم يملكه رجل الأعمال النافذ هشام طلعت مصطفى، الذي أصبح منذ أمس، رسمياً، المتهم الثاني في مقتل تميم.
وبعدما أصدر النائب العام عبد المجيد محمود قرارات عديدة بحظر النشر في قضية تميم، أصدر أمس بياناً أعلن فيه إحالة مصطفى، الملقب بـ«إمبراطور العقارات«، لامتلاكه واحدة من أكبر شركات التنمية العقارية في مصر وتقدر ثروته بالمليارات، والقيادي في الحزب الوطني الحاكم وعضو مجلس الشورى والمقرب من النظام ورموزه، إلى محكمة الجنايات بتهمة تمويل محسن السكري وتحريضه على قتل تميم في منزلها في ٢٨ تموز الماضي في دبي.
ثم أصدرت النيابة العامة أمراً بمنع المتهمين من السفر وأوقفتهما بعدما طلبت من مجلس الشورى رفع الحصانة عن مصطفى، لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضده، فيما أمر
النائب العام »باستمرار حبسهما احتياطياً على ذمة القضية«. وعلى الفور وافق رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف على طلب النائب العام برفع الحصانة عن مصطفى.
وبحسب بيان النائب العام، اعترف السكري بتلقي مبلغ مليوني دولار من مصطفى لقتل تميم، »انتقاماً منها«، وأنه »سهّل له تنقلاته لدخول لندن ودبي« لمطاردتها. وإذا ما أُدين، يواجه مصطفى عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى ٢٠ عاماً.
وخلال ساعتين من انتشار الخبر، هبطت أسهم شركات مصطفى بشكل حاد، لتفقد ٢٥ في المئة من قيمتها في أقل من ٢٤ ساعة، من ١١ جنيهاً مصرياً إلى ٤,٩٩ جنيهات للسهم الواحد.
وقررت إدارة مجموعة طلعت مصطفى بالإجماع، تعيين شقيق المتهم، طارق طلعت مصطفى، رئيساً جديداً لمجلس الإدارة. ويرأس الرئيس الجديد لمجلس الادارة، لجــنة الإسكان في مجلس الشعب (البرلمان)، الذي قد تسهم »سمعته الطيبة في طمأنة المستثمرين«، كما قال المسؤول في المجموعة حاتم نصار.
ويأتي قرار النائب العام ليعزز الاعتقاد السائد لدى الكثيرين، بأن النظام المصري فقد مصداقيته لدى عموم الشعب الذي يرى في رموزه »وحوشاً جشعة تمص دماءنا وتدمر البلد«، كما يقول أحد بائعي الصحف في حي الزمالك عندما سمع بالخبر، موضحاً أن الصحف اليومية لم تعد بحاجة لكتابة تحقيقات مميزة من أجل رفع أرقام توزيعها، إذ »يكفيها متابعة فساد الناس الكبيرة، لتشفي بعضاً من غليل الناس الغلابة«.
وتتزامن فضيحة تورط مصطفى، وهو أحد رموز ارتباط رجال الأعمال الأثرياء بالنظام، عبر العضوية في لجنة السياسات في الحزب الحاكم، التي يرأسها نجل الرئيس جمال مبارك والتي تسنّ سياسات الدولة، وشغله منصب وكيل اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى الذي التهمته النيران قبل أسبوعين، وسط مشاعر السخط والشماتة التي سادت الشارع المصري.
ويقول رئيس تحرير صحيفة العربي، الناصرية عبد الله السناوي، إن السلطات المصرية اضطرت، على عكس الإرادة السياسية الأولية، إلى رفع يدها التي كانت تحمي مصطفى، بسبب ضغوط شديدة جاءت من إمارة دبي، حيث وقعت الجريمة، لأن التستر على جريمة قتل كهذه قد تؤثر على أجواء الاستثمار هناك، وأنه »لم يكن أمام السلطات المصرية خيار آخر«.
إلا أن »المريب« في الأمر، كما يقول السناوي، هو أن »السلطات الأمنية في دبي طلبت تسليم المتهمين، وبالتالي لا أفهم سبب إحالتهم للمحاكمة في مصر رغم أن الجريمة وقعت في دبي«، مضيفاً »أعتقد أن هناك العديد من الأسرار والخبايا التي لا نعلم عنها شيئاً بعد، وستكشف عنها الأيام المقبلة«.
من جهته، رأى المحلل ضياء رشوان في قرار إحالة مصطفى إلى المحاكمة »محاولة للرد على سلسلة من الفضائح التي شهدتها مصر مؤخراً، بينها تبرئة مالكي عبارة السلام، (التي غرقت في عام ٢٠٠٦ مودية بحياة أكثر من ألف شخص)، والحريق الذي شب في مجلس الشورى«، موضحاً أن »مصر تشهد تراكماً للكوارث والأزمات، ولو كانت (قضية) مصطفى، حادثة فردية، لما تم التعامل معها على هذا النحو. وهم (المسؤولون) يحاولون التضحية بشخص ما، من بينهم، فهشام طلعت (مصطفى) ليس غريباً. أي إنهم يضحّون بفرد من العائلة لحماية العائلة«.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد