أين أفضليتي كمواطن ؟؟؟
حاتم الطائي علم من أعلام العرب، كان يعيش واسرته في خيمة على حدود الصحراء.
اشتهر الطائي بكرمه حتى صار مضرب المثل بذلك(صاحب اختصاص يعادل الدكتوراه في هذا المجال), تداول الأعراب (وهم كثيرا ما يفعلون)العديد من القصص التي صارت أشبه بالأساطير عن كرم الطائي, فهو مرة ذبح حصانه وهذا أغلى شيء عند الأعرابي بعد شرفه وسيفه ذبح حصانه الوحيد ليطعم ضيفاً حلّ في ربوعه ليلاً... وفي أسطورة أخرى طلب الطائي من زوجته إعداد الطعام لضيوفه فأخبرته بصوت هامس (بينها وبينه )أن الزاد نفذ, فأمر (وكان الرجل يومها يأمر فيطاع )أمرها بذبح أحد أطفاله !!فهو الطائي والطائي لا يمكن إلا أن يطعم ضيفاً حلّ بدياره , ولا تروي الأساطير ما حل ببقية أبناء الطائي بعد نفاذ ابله وأغنامه وحميره وكلابه ودجاجاته وأحصنته التي أطعمها جميعاً لضيوفه الكثر, ربما فر كل واحد منهم في جهة من جهات الأرض يبحث في قمامة مضاربها عن شيء يسد رمقه ( لا أعلم ) فالأساطير لم تذكر أي شيء عنهم وهم بذلك إما تحولوا إلى شواء على موائد الكرم العجيب أو أنهم صاروا من بخلاء الجاحظ بعد ذلك الفقر المدقع يفطرون برائحة الطعام تجنباً للإصابة بالشحوم الثلاثية.
ولكن لماذا نذكر الرجل وهو من تاريخ بعيد؟؟
يقول طالب جامعي فقد عدة كيلو غرامات من وزنه بعد انهيار المستوى المعيشي مع بداية الشتاء الماضي يقول وهو يفرد أصابعه العشرة بتشنج (حركة مضاعفة للتعبير عن شدة الاستفسار): متى نتخلص من عقدة حاتم الطائي ؟؟؟ويؤكد أنه لا يتناول كفايته من الطعام منذ عدة أشهر فالبطاطا أصبحت حلماً ويعلق ساخر : والبصل أحد أنواع العطور, والثوم ثمين...
ويضيف :أنا لست ضد سياسة الدولة في استقبال الضيوف والمهاجرين الذين باتوا يشكلون نسبة هامة من السكان ولكن هذا لا يجب أن يتم على حساب الفقراء ولا يؤثر على حياتهم الصعبة أصلاً و يسأل : كيف سأمتلك بيتاً مع هذا الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات؟ كيف سأبني أسرة؟؟ سأستغني مرغماً عن هذا الطموح قل لي كيف سأكمل دراستي وأنا أشعر بالجوع يومياً؟؟ أجرة الغرفة ارتفعت ثلاثة أضعاف ووجبة الطعام صارت تكلف ما كان يكفي ليومين، والدي متقاعد، أخي يدرس في دمشق وهو الآخر يستأجر غرفة في حي للاجئين وأصحاب البيت يطالبونه يومياً بزيادة الأجرة فالضيوف الجدد يدفعون مبالغ أكثر .
يسأل( وهذا هو الأهم) أين أفضليتي كمواطن طالما أدفع ثمن الكهرباء والماء والخبز والمحروقات كأي سائح يزور بلدي أو لاجىء يقضي فيه سنوات طويلة ينافسني على المسكن والطعام وواسطة النقل وكل ذلك بلا ضريبة,وهل من العدل أن نتحول إلى لاجئين في وطننا؟؟ .
أنا كمواطن ودافع ضرائب أضم صوتي إلى صرخة ذلك أطالب وأسأل أين أفضليتي كمواطن؟؟.
في عملي الصحفي كمحرر لصفحة الجامعة الأسبوعية ألتقي بالعديد من الطلبة يومياً ولأحصل منهم على إجابات صريحة لا أتعرف على أسمائهم ,سنة بعد أخرى وخاصة هذا العام يمكن ملاحظة الإحباط على نسبة متزايدة منهم، فالشتاء المنصرم كان سيئاً بكل المقاييس فمن أزمة المازوت إلى أزمة الغاز إلى الارتفاع الجنوني للمواد الغذائية المكونة للوجبة اليومية للفقراء كل ذلك أضيف إلى أزمة السكن وأزمة النقل ... الخ وفي الأفق تلوح فرص الوظيفة كسراب الصحراء ومع ذلك يبقى صدرنا رحب لمن أراد القدوم إلى ربوعنا من أصل ثلاثمائة مليون عربي !!!؟؟؟.
عشرون عاما في الوظيفة وثلاثة أعوام كعامل لدى (الأشقاء )في لبنان وما زلت أطمح كما ذلك الطالب الجامعي لامتلاك بيت وتكوين أسرة.
بعد كل هذه السنوات اسأل متأخراً، وأرد د ما قاله شاب على حافة الانفجار ,أين أفضليتي كمواطن؟ وأضيف لماذا تحتكر الدولة الأراضي المعدة للبناء ولماذا أصبح سعر أسوأ بيت في حزام الفقر (أحياء المخالفات ) أعلى من سعر فيلا في فيينا أو باريس .
بعد كل هذه السنوات هل يجب أن ألتحق بطوابير الذل أمام السفارات العربية والأجنبية للحصول على فيزا للعمل لأضمن العيش بكرامة كما نص الدستور ؟؟ ولماذا يحملنا أصحاب الياقات البيضاء كل يوم منة دعم المواد الأساسية والكهرباء والماء والتعليم طالما أن هذا الدعم يشمل أي شخص في هذا العالم أراد الاستقرار في بلدنا !!!؟؟
أين أفضليتي كمواطن؟ أين أفضليتي ؟؟!! أين ؟؟!!!
حمص - بطرس الشيني
الجمل: من مساهمات القراء
إضافة تعليق جديد