أمة إقرأ لا تنتج سوى 1.1% من كامل الإنتاج العالمي للكتب

08-03-2008

أمة إقرأ لا تنتج سوى 1.1% من كامل الإنتاج العالمي للكتب

بين تنوع المصادر المعلوماتية ودخولنا عصر المعلومة السريعة كرغيف الخبز الطازج هل اصبح الكتاب طريقاً قديماً لايمر عليه احد لوجود طرق اكثر سهولة ويسراً للوصول للمعلومة.

ولماذا يتركز الاهتمام على البرامج والاخبار الترفيهية والترويجية والدعائية وليس التثقيفية ولماذا اصبحت المكتبات العامة خالية والغبار يسيطر على الكتب والارفف. هل صحيح اننا امة لاتقرأ علماً أن اول كلمة في القرآن الكريم أمرت بـ( اقرأ) ‏

- تقول احصائية منظمة التربية والثقافة والعلوم اليونسكو ان متوسط قراءة الطفل في العالم العربي لايتجاوز /6/ دقائق في السنة خارج المنهج الدراسي رغم ماللقراءة والمطالعة خارج المنهج الدراسي من اثر كبير على المستوى التعليمي للطالب، ويقرأ كل /20/ عربياً كتاباً واحداً بينما يقرأ كل بريطاني/7 / كتب اي مايعادل مايقرؤه/140/ عربياًَ ويقرأ كل امريكي/11 / كتاباً اي مايعادل مايقرؤه/220/ عربياً ‏

والاشد ايلاماً ان اجمالي ماتنتجه الدول العربية من الكتب يساوي 1.1% من الانتاج العالمي لا اكثر رغبة ان نسبة سكان الوطن العربي الى سكان العالم تقريباً 5% حسب احصائيات عام 2006 و60% من الكتب التي تطبع باللغة الانكليزية وياللاسف هذه الارقام تطل علينا بحقائق محبطة حيث تخبرنا بأبعاد المشكلة بشكل مقارن... والاكثر حزناً عندما نسمع موقف شريحة الشباب من الكتاب الذي اصبح في خبر كان بعد انتشار وسائل الاتصال الحديثة ‏

يقول سليمان منصورطالب جامعي ان الذين يحبون القراءة مازالوا يحبونها لكن هذا الجيل لم يشجعه احد على القراءة خارج المنهج الدراسي الذي يعتبره الوالدان الاهم لتحديد المستقبل فالعلاقة منفعة بالدرجة الاولى ثم ان القليل من الكتب يستحق القراءة بسبب تكرار تناول الموضوعات السطحية التي تلقى رواجاً وربحاً سريعاً كالجمال والغذاء والأبراج وتفسير الاحلام وحمل المسؤولية في هذا التقصير لدور النشر والكتاب والمثقفين اضافة للوضع الاقتصادي وعدم القدرة على شراء الكتب فكل انسان يتمنى اقتناء مكتبة في بيته ومراجع مفيدة لاختصاصه لكن هذا مكلف جداً لذلك اقتصر مورد المعلومة على الفضائيات والانترنيت التي لاتحتاج لصرف المال والجهد او حتى العناء في البحث 
 وتقتصر القراءة عند مريم صقر موظفة في احدى الدوائر الرسمية على الصحف اليومية فقط لتعرف مايدور من اخبار في مجتمعها وان كانت هناك نية لزيادة الرواتب واين وصلت مقترحات الحكومة بشأن رفع الدعم وهل ستمنح قروضاً دون فوائد مشيرة الى ان مستقبلها المهني قد تحدد وقراءة اي كتاب لن تساهم في تطورها اكثر مما وصلت اليه مهنياً. ‏

ويرى ياسرسليمان ان المكتبات العامة فارغة ولايأتي اليها الطلاب الإ لضرورات البحث والقراءة في هذه الايام تنحصر في صحف ومجلات الموضة والسيارات والحوادث وان الضغط على المكتبات يتركز في فترة حلقات البحث معتبراً ان القراءة اصبحت في خبر كان لاسيما بعد وجود الكتب المقروءة عبر الانترنيت منوهاً الى ان الوضع المادي هو حجة غير مبررة فعلى الارصفة تباع كتب قيمة جداً وبأسعار زهيدة. وهناك اشخاص مازالوا يقدرون قيمة القراءة الا ان نسبتهم ضئيلة وتخالف سامية ونوس مدرسة لغة عربية الرأي بأن القراءة اصبحت في خبر كان بل انها اكثر كثافة من ذي قبل حيث احتكر الكتاب المعلومة وكان الوسيلة الوحيدة في الوصول اليها بينما تعددت اليوم الاشكال بدءاً من الشريط الاخباري في التلفزيون الى الانترنيت وحتى الموبايل اصبح وسيلة لمعرفة اخبار العالم عن طريق الاشتراك بمواقع اخبارية وليس المهم باعتقادها الوسيلة التي تصل عن طريقها المعلومة بل المهم وصول المعلومة والسؤال الاهم برأيها هل مازلنا نقرأ الكتب التي اصبحت في خبر كان 
 وتضيف على وزارة التربية والاهل تشجيع الابناء منذ صغرهم لزيارة المكتبات ومطالعة الكتب والا فمن المستحيل ان يحب هذا الجيل القراءة ففي اوروبا تعلم الام ابنها منذ الصغر ان يكون الكتاب رفيقاً له في الحديقة والسيارة والبيت.. اما عندنا فالمهم لدى الاهل دراسة المنهج الدراسي لينجحوا ولايوجد لدينا قدوة قارئة ‏

د. مجدي الفارس مدرس علم النفس الاعلامي في جامعة دمشق يؤكد ان الدراسات تشير إلى ان 75% من الصور الذهنية عند الانسان مستمدة من وسائل الاعلام بأنواعها التلفزيون ـ الراديو ـ المجلات.. واشار إلى ان الكتاب كوسيلة اتصال قديمة تراجع في مجتمعنا ولايستغرب د. الفارسي ذلك كون علاقة الانسان بالكتاب في مجتمعنا بالاصل ضعيفة بسبب نمط التربية الذي لايشجع على القراءة والبعض يبرر ذلك بصعوبة الحياة وعدم توفر الوقت وعدم القدرة على الشراء هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن التقدم التكنولوجي في وسائل الاعلام فرض هيمنة معرفية وثقافة معينة تتمثل في انتشار الفضائيات ودخول الانترنيت الى كل البيوت تقريباً واصبح الحصول على المعلومة اسهل وامتع ‏

منوهاً الى ان عناصر الجذب في التلفزيون والانترنيت من حيث الصورة ـ اللون ـ الحركة لاتتوفر في الكتاب كون الكتاب يحتاج لمهارات عقلية متقدمة نوعاً ما وأهمها التركيز الفكري لفهم مايدور بين السطور ويرى ان شراء الكتب سيضيع الوقت والمال وتحتاج الى حيز من المكان اما عبر الانترنيت فكبريات الكتب والمكتبات بين يديك ولايكلف الحصول عليها سوى كبسة زر كما يمكن استعراض كافة صحف الوطن العربي بدلاً من صرف النقود على شرائها 
 الا ان د. الفارس على الرغم من ذلك يرى انه رغم التطور والتنوع واساليب الاقناع في وسائل الاتصال الاخرى غير ان الكتاب يبقى خير جليس والمصدر الاساسي لكل وسائل الاتصال الاخرى الذي تواترت عبره كل المعلومات الموجودة في وسائل الاتصال الاخرى ‏

ويلاحظ ان علاقة الشباب بالكتاب اليوم علاقة مصلحة اي ان الكتاب هو السلم لنيل علامات في الجامعات لاجراء حلقات بحث اكاديمية فقط وبرأيه ان ثقافة وسائل الاعلام متقطعة مستمدة من الايقاع السريع بالنهاية لانلتقط منه الا القليل اما معلومة الكتاب فراسخة في الذهن لاتضمحل مع مرور الزمن ‏

ولفت الى مشكلة عدم تطوير المناهج بما يتناسب مع التطور العلمي المحيط في الجامعات وان هناك كتباً تدرس منذ عشرين عاماً في الجامعات ولم تخضع لأي تحديث كما ان انتاج الكتب في الجامعات قليل ‏

ويبقى السؤال: هل تم نسيان القراءة حقاً؟! نجزم بلالكن البدائل السريعة في طريقها لدعس كل المارة للبحث عن الكتاب وتأسيس مقابر جماعية للاغلفة وعناوينها ومؤلفيها ليتلون العالم بغبار السطحي والراقص والهامشي وسريع النسيان وليصبح الكتاب شيخاً يتعكز امام جيل الفضائيات والانترنيت.

منال صافي

المصدر: تشرين

التعليقات

لفعل الكتابة ميزة مهمة و هي تمكين العقل من إعادة انتاج الخبرات الحسية و العاطفية -الخارج و الداخل- على شكل كودات لغوية يبدوا انها ستبقى حجر الزاوية في تشكيل المجتمع البشري لما لللغة من دور في تثبيت الوظيفة التواصلية للعقل الإنساني. و حيث ان فعل الكتابة يفترض فعل القراءة تلقائياً فإن فعل القراءة سيبقى وسيلة العقل الى تثبيت قدرته التكيفية و التواصلية و التي بقدر ما تبدو فعلاً طبيعياً فإنها محكومة بقدرة العقل الهائلة على المخادعة و التحوير مما يفرض ضرورة القراءة على اعتبارها وظيفة ستبقي العقل في مستويات إنجازاته التي تراكمت عبر التاريخ. الصورة تقدم سيلا من المعلومات دفعة واحدة في حين ان القراءة تشبه الحياكة و القراءة فعل يعتمد على التذكر لأن العملية تتطلب ربط المعلومات التي تتبادل أمكنتها- حتى تشكل في العقل تصوراً ما. في حين ان الصورة تخاطب مراكز و آليات مختلفة في إنجاز فعل التوصيل. و إذ تختلف المقدرة على /قراءة/صورة من فرد الى فرد بحسب تراكم الخبرات و أشكالها و حتى لدى الفرد الواحد بحسب مزاجه او استعداده فإن الكلام / اللغة/ يبقى الحامل الأساس لسمة الإنسان كعاقل .المسيحية اكدت على أن في البدء كان الكلمة و كان الكلمة الرب. و الإسلام أتى ليكمل معنى العبارة الأولى في المسيحية فإذ كان الرب هو الكلمة فإن جبريل يؤكد على الرسول محمد-ص- أن إقرأ . تقرأ و انت مستلق على ظهرك و تقرأ و أنت تتمشى على السطح و تقرأ و انت مستلق على حضن صاحبتك و تقرأ و انت على الشاطئ و تقرأ و انت تتناول القهوة. تتظاهر انك تقرأ و أنت تغازل بنت الجيران و تتظاهر بالقراءة و أنت تتصفح مجلة البورنو و تتظاهر بالقراءة عندما تلطي لإحداهن في المقهى و تتظاهر بالقراءة عندما تكون مديراً عاماً و لا تفقه شيئاً مما يوضع بين يديك. الملفت هو ان العرب استطاعت ان تتواصل معرفياً عن طريق الكلام - الشعر - و هذه المشافهة و الحفظ تختلف قطعاً عن فعل القراءة من كتاب تماما مثلما يختلف الكمبيوتر او التلفاز عن الكتاب و هكذا فإن إحدى اهم أزمات امتنا هي عدم القدرة على الكلام و هذا ليس بالمعنى الحقوقيالسياسي و إنما بمعنى القدرة او الرغبة او الإيمان بضرورةانتاج معرفة و تبادلها مع الآخر. هذا قد يكون مرده احباط شديد - اللاجدوى- او مرده شعور عميق بان الكتاب المقدس قد الغى أي نص يأتي بعده و قام مقام الكلام الإنساني. أياً كان مصدر الأزمة لكن المشكلة هي أن المجتمع لا ينتج حكايا و لا ينتج حوار و أنما ينتج مادة ضحلة رجاجة تدور في فلك عناوين الأخبار او الحاجات اليومية - بالمعنى الإقتصادي الضيق-.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...