أدونيس يصدر «الآخر» مجلة للفكر المختلف والشباب
«الآخر» مجلة فصلية جديدة تصدر عن «مؤسسة 40» صاحباها الشاعر أدونيس وحارث يوسف وتضم هيئة التحرير: ادونيس، كمال بلاطة وحارث يوسف وحمل عددها الاول الذي يوزع بدءاً من غد نصوصاً فكرية ونقدية وإبداعية وحوارات. ومن المساهمين: (باب: في الثقافة العربية والإسلامية): أحمد برقاوي: «أكثر من كوجيتو»، محمود خضرة: «أهناك فلسفة عربية معاصرة؟»، عبد الأمير الأعسم: «لماذا لا يستطيع العرب أن يقدموا فيلسوفاً على مستوى العالم؟»، يوسف سلامه: «هل ثمة سؤال فلسفي جذري في الثقافة العربية الإسلامية؟»، علي محمد إسبر: «نقد الأسس النظرية للتفكير الفلسفي في الثقافة العربية الإسلامية»، مصطفى صفوان: «نسيان الحرية»، أحمد دلباني: «متى ينتهي نشيد البجعة؟»، موسى وهبه: «البعد الفلسفي العربي».(في باب الآخرية): آن الآن: «تأخروا»، نظير حمد: «الآخرية: لا وفاق الديانات»، حورية عبدالواحد: «أمّاً كانت أم بنتاً!»، فيليب سرجان: «مسألة الآخرية»، كمال بُلاطه: «عين الآخر وصورة الذات»، تيسير البطنيجي: «غزة: البيت»، برنار ماركاديه: «هذه النهاية التي لا تتوقف عن الانتهاء»، نجوان درويش: «جانو والطريق الى البيت».
في الديوان: فاتح المدرّس: «وُلدت غريقاً»، عادل محمود: «الشاعر يتقدم في الحرية والسن»، أريج حمود: «تقرأ الهواء بالمقلوب»، دُمّر حبيب: «مدينة أخرى»، فادي عزام: «في مدح الخسارة»، إيمان الإبراهيم: «العالم كما هو»، أمارجي: «آخر أوبرا شراعية في بيروت»، أسامة إسبر: «في صحراء المدينة».
الحوار: أنطوان جوكي: «الانتماء الى موسيقى العالم: حوار مع الشاعر الفرنسي آلان جوفروا».
وكتبت هيئة التحرير تقدم المجلة في ما يشبه البيان التأسيسي ومما جاء فيه: «تصدر «الآخر» كأنها على موعد مع التمردات والانفجارات البهية التي كانت تحدس بها وتعمل لها أخواتها السابقات: «شعر»، «آفاق»،» مواقف»، الى جانب زميلاتها المجلات العربية الأخرى التي كانت تحدس بها كذلك وتعمل لها.
كان زمن هذه المجلات جميعاً زمن الاقتناع بأن حياة الإنسان العربي لا تكتمل ولا تأخذ معناها الإنساني إلا برفض الواقع العربي، في مختلف مستوياته، من أجل تغييره. كان اقتناعاً في مستوى الحقيقة. ذلك أن هذا الواقع كان غارقاً، على جميع الصعد، في نوع من التعفّن الآخذ في تحويل الحياة الى مقبرة متحركة. ولقد أدرك الشبان والشابات العرب هذه الحقيقة، فتمردوا وقادوا شعلة التمرّد غير عابئين بما يحدث حتى لو كان الموت الحصاد الوحيد.
وحصد كثيرون الموت. ننحني لهم تحية وإعجاباً وامتناناً. ونواصل مسيرتهم.
أثبتت التجربة في هذه البداية ما كان قائماً، مموهاً: السلطة عند العرب هي رأس الفساد. وهي أكثر من أن تنحصر في كونها مظهراً سياسياً. إنها هوس في بنية الذات. هوس تحول الى مرض مركب خاص، تتلاقى فيه عوامل أمراض معدية كثيرة (...).
بدأت الحركة، ولن تتوقف. وسوف تتهدم هذه السلطة - مفهوماً، وبنية، وممارسة. وسوف يكون الإنسان هو السيد، ولن تكون السلطة في هذه السيادة، إلا مهمة إدارية، وإلا وسيلة للسهر على حقوق الناس، وحرياتهم. ولن تكون إلا حرباً على الفساد، وعلى كل ما يحول دون بهاء الحياة - حباً، وسعادة، وعدالة.
الآخر مناخ، ونوافذ وآفاق. مفتوحة ومنذورة لجميع الخلاقين في جميع الميادين. خصوصاً للشابات والشبان. عندما نقول «مناخ»، نعني أن العواصف، رؤية وإبداعاً، يمكن أن تنفجر فيها.
وعندما نقول «نوافذ»، و «آفاق» نعني الآخر الذي يكمن داخل الذات، جزء لا يكتمل إلا بالآخر الذي يتحرك خارجها، ولا تكتفي هذه المجلة في أن تكون مكاناً للمغامرة، وإنما هي كذلك وسط لتوليد المغامرات. المغامرة في صلب مهماتها الإبداعية. ومن هذه المغامرة يجيء اسمها: الخروج من الذاتية المنغلقة، والواحدية. وهو خروج لا تطيقه ثقافة السلطة العربية التي هي، منغلقة وواحدية.
وقد لا نفهم القول بهذا الخروج. ذلك أن المثقف بهذه الثقافة يسلك ويفكر كما لو أن رسالته هي أن يُثقف «الآخر»: أن يذوّبه في سوائله «الكيميائية»، لا الآخر - الإنسان، وحده، بل أيضاً الآخر - العالم. تغذيه في ذلك عقيدة «الآخرة» - بمعنييها الغيبي والدنيوي، حيث لا مكان في هذا العالم الآخر، للآخر، إلا إذا استقال من ذاته. الأنا في هذه الثقافة، ثقافة السلطة العربية، لا تكتفي بالهيمنة على الآخر، وإنما تفرض عليه أن ينفي ذاته.
ومجلة «الآخر»، إذاً، هي للذات والآخر معاً، من أجل فكر آخر في كتابة أخرى: كتابة تتنفس هواء اللغة العربية فيما تتنفس هواء اللغات كلها، وفيما، تحتضن هواء البشر، كأنها الفضاء.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد