أخطاء لغوية في الصحافة العربية
ينتبه العاملون في مجال الصحافة والكتابة أحيانا الى تذكير بعضهم بما يستخدم خطأ في بعض التعابير والكلمات العربية، وما أكثرها. ولكثرة ما شاع من أخطاء، فإن كتابتها بالصورة الصحيحة صارت توحي لغير المطلع أنها «خطأ شنيع وقع فيه الكاتب أو الصحافي».
ومن هذه الأخطاء ما يرد كثيرا في وسائل الاعلام والصحف حين تستخدم كلمة «استبدل». واسهاما في اصلاح الخطأ صاغ الاعلامي والكاتب السوداني ايوب صديق، المعروف لدى مستمعي اذاعة «بي. بي. سي» مقالا، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أورد فيه ان ثمة اجماعا على خطأ لغوي يرد كثيرا هذه الأيام في وسائل الاعلام، خصوصا في مجال الحديث عن شؤون السياسة، من أخبار وتعليقات. ويقول صديق: عبارة «استبدَل ويستبدِل كذا بكذا، وهي عبارة ما سمعت متحدثين بها، سواء كانوا قراء نص مكتوب أو متحدثين عفو خواطرهم، الا وهم يخطئون فيها من حيث ما يريدون من معنى، وهي عبارة تكثر في سياق ما يرد من حديث عن منطقتنا العربية على وجه الخصوص، بسبب ما يهب عليها من غواشٍ وزعازع هذه الأيام. يقولون في ذلك مثلا:
«استبدل الناخبون الفلسطينيون فتح بحماس، أو استبدل العراقيون في رئاسة الحكومة الجعفري بالمالكي، وترفض حكومة السودان ان تستبدل القوات الافريقية بقوات دولية في اقليم دارفور». ويضيف صديق «وقد سمعت أحد المسؤولين في دولة من الدول يقول: الحمد لله فقد استبدلنا الحرب بالسلام. ذلك كله استخدام خطأ، والصواب هو أن يقال: استبدل الناخبون الفلسطينيون حماس بفتح، واستبدل العراقيون في رئاسة الحكومة المالكي بالجعفري، وترفض حكومة السودان ان تستبدل قوات دولية بالقوات الافريقية في اقليم دارفور، وهكذا، ذلك هو الصواب، اذ الاسم المستبدل في صحيح اللغة هو الذي يؤتى به، والاسم المستبدل به، أي الذي يدخل عليه حرف الباء هو الاسم المتروك. ولمزيد من تقريب المعنى أقول: لو كانت لدي سيارة قديمة، ثم رآني من يعرفني في سيارة جديدة، وسألني عنها أقول له: لقد فتح الله عليّ فاستبدلت هذه السيارة الجديدة بتلك السيارة القديمة». ويمضي صديق شارحا «إن عبارة «استبدل» و«بدَّل» كثيرا ما وردت في القرآن الكريم، والغريب ان الناس يتلون القرآن أو ينصتون اليه متلواً عليهم، وتتكرر هذه العبارة، حتى اذا أوردوها في نصوصهم، أوردوها على عكس ما يقتضي صحيح اللغة. وهذه شواهد من القرآن الكريم على هذا النوع من التعبير، إذ ان لغة القرآن هي قمة صواب اللغة، ثم ان شواهد القرآن اسعف من غيرها من النصوص، للاستدعاء من الذاكرة استدلالاً بها». ويزيد صديق بقوله «معروف ما دار بين رسول الله موسى عليه السلام، وبين قومه: «وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يُخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، قال اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟» الآية 61 من سورة البقرة:
فالمستبدل في حالة قوم موسى عليه السلام هو الطعام الأدنى، وهو ما تنبت الأرض من البقل والقثاء وغيرهما، كما تبين الآية الكريمة، والمُستبدل به أي الذي يريدون تركه، هو ذلك الطعام الذي هو خير منه، وهو المن والسلوى الذي كان يُنزل عليهم: «.... وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى، كلوا من طيبات ما رزقناكم...» الآية 57 من سورة البقرة: ولذا جاء سؤال موسى عليه السلام لهم سؤالا استنكاريا: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟
أيوب صديق
المصدر: الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد