«كرشة» و «وسكسكة» خذلتهم السينما وانصفهم الادب
أصرّت السينما المصرية عبر تاريخها على تجاهل شخصية المثلي واستبدلتها بشخصية “الرجل المائع” الذي يلتصق بالراقصة أو يعمل في أحد بيوت الدعارة. ومن النماذج المعروفة “شخصية كرشة” في رواية “زقاق المدق” للكاتب نجيب محفوظ التي جسّدها رجل مثلي “يصطاد الرجال”. عندما تحوّلت “زقاق المدق” الى السينما، خشي كاتب المخرج حسن الإمام من ردود فعل الجمهور، فحوّر شخصية “كرشة” ليصير رجلاً “مائعاً” فقط. وهكذا، خذلت السينما جرأة الأدب. في عام 1983، قدّم الفنان فاروق فلوكس شخصية “سكسكة” في فيلم “درب الهوى” فعلقت الشخصية في ذهن الجمهور الذي صار يُطلق اسم “سكسكة” على كل رجل يُشتبه في ميوله الجنسية. لكن الصدمة جاءت مع فيلم صلاح أبو سيف الشهير “حمام الملاطيلي” (1973) الذي تدور أحداثه في حمام شعبي يتردد عليه مثليون، من بينهم رسام،
جسّد دوره يوسف شعبان، يجذب الشباب في الحمام. كانت شخصية يوسف شعبان من أجرأ الشخصيات التي قدمتها السينما المصرية ولم يتقبلها الجمهور، حتى إنّ يوسف شعبان هوجم بقسوة وتدنّت شعبيته نتيجة لذلك. هذا الهجوم جعل المخرجين يحسبون ألف حساب لدى الاقتراب من شخصية المثلي، فوجدوا في كيفية معالجة المسألة المخرج المناسب. وانتهى فيلم “قطة على صفيح ساخن” (1977) لنور الشريف وبوسي، من إخراج سمير سيف، بانتحار صديق البطل صاحب الميول الجنسية “المنحرفة”. هذا الحل أرضى الجمهور بالطبع، فالمثلي يجب أن يتعرض للعقاب. إلا أن صورة المثلي في أفلام يوسف شاهين، بدءاً من “الناس والنيل” و“إسكندرية ليه” و “حدوتة مصرية” و “اسكندرية كمان وكمان”، تجلّت في شخصيات إيجابية، من دون الاهتمام بتحليل سبب مثليتها. ولم يتعمّق فيلما “سرقات صيفية” و “مرسيدس” ليسري نصر الله، وفيلم “شحاذون ونبلاء” لأسماء البكري، في شخصية المثلي الى أن جاء فيلم “ديل السمكة” لوحيد حامد ليصوّرها (رؤوف مصطفى) بتعاطف شديد، وبتفهّم درامي لمنطق تلك الشخصية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد