«سقف العالم» و «المحارب 13»:اقتباس أم توارد أفكار؟
«أكلة لحوم الموتى» رواية كتبها الكاتب الاميركي مايكل كريشتون مستنداً الى مخطوط للرحالة العربي أحمد بن فضلان الذي أرسله الخليفة العباسي المقتدر سفيراً الى بلاد الصقالبة البلغار.
رواية كريشتون المقتبسة عن مخطوط ابن فضلان تحولت الى سيناريو فيلم أخرجه عام 1999 المخرج جون ماكتيرنان تحت اسم «المحارب 13» من بطولة أنطونيو بانديراس وعمر الشريف.
ويروي الفيلم قصة أحمد بن فضلان بن رشيد (انطونيو بانديراس) وصاحبه الشيخ يوسف (عمر الشريف) ورحلتهما من الجنوب حتى بلاد الشمال، ونشرهما لقيم حضارية وسلوكية لم يكن يسمع عنها أهل الشمال (الفايكنغ) نظراً الى همجيتهم وتوحشهم، حتى أن من بينهم آكلي لحوم الموتى. عندما يصل ابن فضلان إلى الشمال يقابله بولفاي ابن الملك الذي مات للتو ليحتفلا بموته في حفلة همجية تسيل فيها الدماء مع كؤوس الخمر. وفي الصباح يقرر الشماليون بحسب رأي العرّاف تشكيل مجموعة من «13» محارباً كان ابن فضلان واحداً منها، إذ يذهب معهم عنوة بعد اختطافه ليكون الرقم 13. ولهذا الرقم دلالة، فشهور الشماليين في العام كانت بحسب التقويم القمري 13، والشهر 13 يعتبر سحرياً لأنه ليس دائماً كاملاً.
وهكذا يصبح ابن فضلان شمالياً، ويخوض معهم المعارك ضد الوندول (آكلي لحوم البشر). وعلى رغم أنه لم يكن محاربا إلا أنه أعطى لذلك الشعب مفهوما آخر للقوة، وهي قوة العقل التي ستشترك مع قوة الجسد التي كانوا يعتمدون عليها فقط.
القصة ذاتها اقتبسها الكاتب حسن م. يوسف ليحولها الى سيناريو مسلسل باسم «سقف العالم» من إخراج نجدت أنزور ويعرض الآن على الفضائية السورية ومحطات أخرى.
رافق تصوير مسلسل أنزور دعاية اعلامية كبيرة وترويج لافت «كعمل فني يدافع عن قيم الاسلام»، بدءاً من رمضان الماضي (2006)، حين عقد أنزور ويوسف مؤتمراً صحافياً أعلنا فيه خبر انتاج المسلسل، كما تبع ذلك مؤتمر صحافي في شباط 2007 تحدث فيه حسن يوسف عن قصة سيناريو «سقف العالم» قائلاً: «في عام 1988 سافرت في مهمة صحافية الى فنلندا، وكتبت من وحي هذه الرحلة مقالات سميتها «سقف العالم». وبعد حين قال لي أحد الأصدقاء بأن عربياً سافر الى تلك البلاد قبلي بـ 1080عاماً، وكان اسمه أحمد بن فضلان، فبدأت البحث عن قصة هذا الرجل وعثرت على رسالة محققة من قبل السيد أحمد دهمان في مجمع اللغة العربية... ثم اكتشفت أن مقاطع من هذا المخطوط موجودة في معجم البلدان لياقوت الحموي وغيره من المؤرخين كالإدريسي... وعثرت في مكتبة أحد الاصدقاء على كتاب أجنبي اسمه «أكلة لحوم البشر» كتبه اميركي اسمه مايكل كريشتون. وهذا الكتاب كان مخطوطاً لرحالة عربي اسمه أحمد بن فضلان».
كما عقد أنزور مؤتمراً صحافياً ثالثاً في الشهر السابع من العام الجاري في موقع التصوير (وادي قنديل) قرب اللاذقية..
في كل المؤتمرات الصحافية التي عقدتها أسرة «سقف العالم»، ركز المخرج والكاتب على قصة الرسوم المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في الدنمارك، وأشارا الى ان المسلسل أتى كدفاع حضاري عن الاسلام من خلال اقتباس قصة ابن فضلان ورسالته التي حاول نشرها بين قوم الشمال (الهمج) في العصر الوسيط.
واذا كان فيلم «المحارب 13» اقتصر على رواية كريشتون، فإن صناع «سقف العالم» وضعوا لمسلسلهم حاضنة معاصرة هي قصة طالبة عربية (سلاف فواخرجي) تقدم رسالة دكتوراه في الدنمارك حين حدوث أزمة الرسوم (2005) عن ابن فضلان ورحلته المثيرة الى أوروبا.
بعضهم رأى «تشابهاً بين مناخ الفيلم ومناخ المسلسل، إضافة الى محاولة محاكاة أداء انطونيو بانديراس ورفيقه عمر الشريف في الفيلم ، من خلال أداء قيس الشيخ نجيب ومصطفى الخاني في المسلسل، ولكن أسرة العمل الجديد لم تأتِ على ذكر الفيلم أبداً في كل التصريحات والمؤتمرات الصحافية.
الفارق بين الفيلم والمسلسل هو الإطار المعاصر وخط ضجة الرسوم الدنماركية. وفي الحلقات المعروضة حتى الآن من المسلسل، هناك ميل واضح من المخرج للوفاء لأجوائه الفانتازية التي كرسها في أعماله السابقة (المناخ العام – مواقع التصوير- الازياء- المؤثرات...) مع بعض المحاكاة لمشاهد من فيلم ميل غيبسون «قلب شجاع»، في حين حافظ فيلم «المحارب 13» على طابعه التاريخي. وخلافاً لهذا الاعتقاد يرى آخرون أن التشابه بين أجواء الفيلم والمسلسل سببه الاعتماد على المصدر ذاته وتحويله الى عمل فني.
أحمد الخليل
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد