لماذا هدنة حلب؟
الجمل ـ * توني كارتالوتشي ـ ترجمة رنده القاسم:
غريب هذا الاهتمام المفاجئ بالسلام من قبل الأمم المتحدة و الناتو.فالمنظمتان تسعيان لهدنتين في أرضي معركة منفصلتين، واحدة في أوكرانيا شرق أوروبا، و الثانية في حلب المدينة السورية الشمالية، وسط حريق إقليمي في الشرق الأوسط.و الغرابة تكمن في أن الحديث عن "هدنات" كان غائبا لوقت قريب في 2011، عندما دعمت كلا المنظمتين، الناتو و الأمم المتحدة، حشود الإرهابيين الزاحفين عبر ليبيا، و المرتكبين لفظاعات رهيبة تضم إبادة جماعية نظامية لمجموعات السود في ليبيا.
و كان هناك تطويق و تجويع متعمد و منع للمساعدات الإنسانية إلى جانب قصف مدن ليبية مثل سرت، التي لم تشهد أي احتجاجات أو مناشدات من قبل الأمم المتحدة و الناتو لوقف إطلاق النار. و في الواقع، مع قيام الإرهابيين بفرض حصار على الأرض لتجويع السكان حتى الموت، قام الناتو جوا و بلا شفقة بقصف المدن المحاصرة لأسابيع. و السقوط النهائي لسرت، على سبيل المثال، خلف مدينة مدمرة تماما تضم عشر سكانها. و مدنا أخرى قتل كل سكانها أو أجبروا على الهرب.
و لتوضيح التغير المنافق الواضح في السياسة، نقول بأن الأمم المتحدة و الناتو تشهدان تغيرا في مصير قوى لقيت دعما من المصالح الخاصة ذاتها التي استولت على المهمات الرسمية للمنظمتين و قلبتها رأسا على عقب.
تتعرض قوى منحت حصانة كاملة من قبل الأمم المتحدة، و لقيت الدعم و السلاح و الغطاء الجوي من الناتو في ليبيا، للحصار و تواجه الدمار في سوريه. و كذلك ،تشهد حرب الوكالة المشابهة في أوكرانيا حصار آلاف الميليشيات المدعومة من قبل الناتو. و فشلت محاولة يائسة للتوصل إلى وقف إطلاق النار عبر ما يسمى اتفاقية Minsk قبل أن يجف حبرها، مع التصريح العلني للميليشيات المدعومة من الناتو عن عدم نيتها التخلي عن القتال.
و بالنسبة لسوريه بشكل خاص، فلا زالت حلب تعمل كأرض معركة و السبب الوحيد هو كون الناتو لا يزال حتى اليوم يمول و يسلح و ينقل الإرهابيين إلى أرض المعركة عبر تركيا عضو الناتو. و أي اتفاق من أجل وقف إطلاق النار أو هدنه في المدينة السورية الشمالية حلب، أكبر مدن سوريه و المركز التجاري الوطني، يجب أن يترافق مع تمركز قوات حفظ السلام الدولية في تركيا لضمان عدم قيام النظام في أنقره بإيواء و تسليح و تمويل الإرهابيين ضمن أراضيها.
و مع إلغاء تدفق الإرهابيين عبر حدود تركيا مع سوريه، سينتهي التهديد الوجودي لحلب و باقي الشمال السوري ، و سيكون اقتراح انسحاب الجنود السوريين أكثر منطقية ، أما أن تطلب منهم ذلك الآن ، بينما تتدفق حشود الغازين إلى بلدهم بهدف تقسيمها و تدميرها، فليس سوى سخف مناف للعقل. فحين تمنع الميليشيات الغازية من العبور إلى سورية بشكل نهائي، سيكون من الممكن التسوية من أجل الصفح عن الميليشيات السورية.
فالاستعادة الكاملة و النهائية للسلام و الاستقرار في سورية، مع كون كل أراضيها سليمة بشكل كامل، يجب أن يكون الشرط الوحيد المقبول في أي اتفاق مع الأمم المتحدة.و أي شيء أقل من هذا ليس سوى حيلة من قبل الأمم المتحدة و الناتو لكسب الوقت لصالح جيش الميليشيات المقاتلة بالوكالة و المنهزمة أكثر فأكثر، و آخر جهد من أجل التحضير لتسوية تؤدي الى ترك قسم كبير من الأراضي السورية في أيدي القوات المقاتلة عن الناتو بالوكالة حيث يمكنها تجديد بنائها و القيام ثانية بشن حملتها التدميرية في المستقبل القريب.
عن موقع Information Clearing House
الجمل
التعليقات
التجربة و البرهان
إضافة تعليق جديد