الخيارات أمام دمشق
الجمل: يعتبر ريتشارد هاس من أبرز الخبراء الأمريكيين المختصين بشؤون السياسة الخارجية الأمريكية والنظام الدولي، وعلى خلفية أحداث سوريا الأخيرة، فقد كتب ريتشارد هاس تحليلاً سياسياً نشرته مجلة فورين بوليس الأمريكية الشهيرة. ما الذي قاله الخبير ريتشارد هاس وما هو تصوره للاحتمالات والتداعيات القادمة؟
* توصيف الحدث السوري
بدأ ريتشارد هاس تحليله بالإشارة إلى حديث رجل الدين المصري يوسف القرضاوي، والذي قال فيه: "بأن قطار الثورة العربية قد وصل إلى سوريا". إضافة إلى السخرية من حديث الشيخ القرضاوي الذي سعى من خلاله إلى تشبيه الحدث السوري بالحدث المصري والحدث التونسي.
قال ريتشارد هاس بأنه زار سوريا عندما كان يتولى منصب مسؤول الشرق الأوسط من هيئة مجلس الأمن القومي الأمريكي، حيث التقى بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأشار ريتشارد هاس إلى أنه لاحظ الآتي:
• إن اللقاء مع الرئيس الراحل حافظ الأسد يستوجب الاستماع جيداً، لأنه حديث يأتي على غرار محاضرة تغطي خلفيات تاريخية كثيرة، قد تمتد إلى عدة ساعات.
• كان الرئيس الراحل حافظ الأسد براغماتياً حازماً.
هذا، وأشار ريتشارد هاس إلى براغماتية الرئيس الراحل حافظ الأسد الحازمة، عندما لاحظ أنه قد قام بالآتي:
• انضم إلى التحالف الدولي الذي أخرج قوات نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من الكويت في عام 1990م.
• كان أول الموافقين على المشاركة في مؤتمر سلام مدريد.
وتحدث ريتشارد هاس قائلاً، بأن الأمريكيين اكتشفوا لاحقاً بأن الانضمام إلى التحالف الدولي والمشاركة في مؤتمر سلام مدريد لم تكن بسبب موافقة الرئيس الراحل حافظ الأسد على ذلك، وإنما كانت بسبب إدراكه بأن عدم الانضمام للتحالف، وعدم المشاركة في مؤتمر مدريد سوف يفسحان المجال أمام الملك الأردني حسين بن طلال، لكي ينفرد بالانضمام إلى التحالف الدولي ويشارك في مؤتمر مدريد وحده من بين سائر زعماء منطقة شرق المتوسط، الأمر الذي كان سوف يجعل من الملك حسين في نظر أمريكا والغرب بمثابة الزعيم الشرق متوسطي صاحب النفوذ الواسع على السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية تجاه المنطقة. ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق للملك حسين، وذلك بسبب براغماتية الرئيس الراحل حافظ الأسد وحساباته الدقيقة، والتي جعلته يكتسب نفوذاً أكبر في المنطقة خلال فترة ما بعد الحرب الباردة.
* الرئيس السوري بشار الأسد والإصلاح
تطرق ريتشارد هاس في تحليله إلى أن الرئيس بشار الأسد لم يكن يسعى للسياسة وكان هدفه أن يصبح دكتوراً مختصاً في مجال طب العيون، وقد ساقته الظروف إلى السياسة، ويضيف ريتشارد هاس قائلاً الآتي:
• توجد لدى الرئيس بشار الأسد نوايا لجهة القيام بالإصلاحات.
• العديد من الخبراء والمراقبين الدوليين يعتقدون بعدم الشك في نوايا وقدرة الرئيس بشار الأسد لجهة القيام بالإصلاحات.
• القدرة على تحقيق الإصلاحات تتطلب التغلب على المصاعب والتحديات.
هذا، وأشار ريتشارد هاس إلى الحوار الذي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية مع الرئيس بشار الأسد في نهاية شهر كانون الثاني (يناير) 2011م الماضي، والذي ألمح من خلاله إلى عملية الإصلاح السياسي التدريجي، وأضاف ريتشارد هاس قائلاً بأن التعب من انتظار حدوث الإصلاحات هو الذي دفع البعض في سوريا لجهة محاولة الاستلهام من حدث النموذج التونسي وحدث النموذج المصري.
* الخيارات أمام دمشق
لجهة تحديد الخيارات المتاحة أمام دمشق، فقد سعى الخبير ريتشارد هاس بشكل مباشر في التحليل لجهة الإشارة إلى الآتي:
• الخيار الأول: إجراء الإصلاحات وتقديم المزايا.
• الخيار الثاني: استخدام عمليات القمع المرتفع الشدة.
وعلى خلفية هذه التحديات، أشار ريتشارد هاس من خلال تحليله إلى أن خطاب الرئيس الأسد التلفزيوني في 30 آذار (مارس) 2011م، قد تضمن الآتي:
• عدم إلغاء قانون الطوارئ الصادر في عام 1963م.
• اتهام الأطراف الخارجية بالتآمر ضد سوريا.
وتعليقاً على ذلك، أشار ريتشارد هاس إلى أن انطباعه عن الخطاب جعله يعتقد بأنه سوف لن تكون هناك عملية إصلاح، وأن الخيار المتوقع هو استخدام القمع، وأضاف ريتشارد هاس قائلاً بأن الحكومات تميل إلى الاحتفاظ بالسلطة إذا كانت موحدة، وتسعى لاستخدام قوات الأمن لإخماد مقاومة المناوئين لها.
وعلق ريتشارد هاس مشيراً إلى أن خيار استخدام القمع بالقوة المرتفعة الشدة، لم يحدث، واستدرك ريتشارد هاس قائلاً بأن السبب يتمثل في أن الرئيس بشار الأسد لا يتمتع بمساندة طائفة معينة وحسب، وإنما بمساندة وتأييد في أوساط عدد كبير من السنة السوريين، والذين وصفهم ريتشارد هاس بأنهم يرحبون باستمرار حكم الرئيس بشار الأسد لأنه واعد بالاستقرار والمجتمع العلماني المستنير، وأضاف قائلاً بأن هذا الترحيب ـ بحكم الرئيس بشار ـ لو لم يكن موجوداً، لكانت دمشق أكثر هشاشة من القاهرة وتونس في مواجهة الاحتجاجات.
اختتم الخبير الأمريكي ريتشارد هاس تحليله قائلاً بأنه إزاء حدوث أي واحد من الخيارين، فإن الأطراف الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، لا تملك الكثير من النفوذ الكافي لجهة التأثير على مستقبل سوريا، وكل ما في وسع هذه الأطراف هو: رفع الأصوات المطالبة بإجراء الإصلاحات، إضافة إلى القيام بفرض المزيد من العقوبات، والسبب في محدودية قدرة الأطراف الخارجية هو بفعل تميز دمشق بالتماسك، والعناد.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
من الصعب على أي أحد أن يقرأ دمشق
كيف ذلك؟
رد سريع و مختصر لسيد : مازن
شكرا
أكثر من ذلك..
أكثر من ذلك..
رد أخوي للسيد جهاد...
إضافة تعليق جديد