تساؤلات حول زيارة مدير المخابرات المصرية للعاصمة السورية
الجمل: وصل العاصمة السورية دمشق مدير المخابرات المصرية اللواء الركن مراد محمد أحمد موافي وذلك في زيارة تنطوي على المزيد من المعطيات ذات الصلة والعلاقة بملفات العلاقات السورية-المصرية: فمن هو اللواء الركن موافي؟ وما هي طبيعة زيارته لدمشق؟
* اللواء الركن مراد موافي في سوريا: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات بأن اللواء الركن مراد موافي مدير المخابرات المصرية قد وصل بالفعل إلى العاصمة السورية دمشق، وذلك لعقد المزيد من اللقاءات والتفاهمات المتعلقة بعلاقات خط دمشق-القاهرة، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعلومات التي تعرّف باللواء الركن موافي على النحو الآتي:
• المعلومات الشخصية: من مواليد 23 شباط (فبراير) عام 1950، وهو خريج الدفعة 57 في الكلية الحربية المصرية التي تخرجت في عام 1970، متزوج وله ولد واحد وبنتين.
• المعلومات الوظيفية العسكرية: التحق بالقوات المسلحة المصرية وتدرج في الرتب العسكرية وصولاً إلى رتبة رئيس أركان الجيش الثاني الميداني، ثم منصب قائد المنطقة العسكرية الغربية، ثم نائب مدير المخابرات الحربية ثم مدير المخابرات الحربية.
• المعلومات الوظيفية المدنية: أصدر الرئيس المصري السابق حسني مبارك قراراً بتعيين اللواء مراد محمد أحمد موافي محافظاً لشمال سيناء. هذا، وتقول المعلومات بأن الرئيس المصري السابق حسني مبارك قد سعى لتعيين اللواء موافي في منصب مدير المخابرات المصرية، لملء الفراغ الذي تركه اللواء عمر سليمان عندما عينه مبارك في منصب نائب رئيس الجمهورية قبل سقوطه ببضعة أيام.
* القراءة في أوراق مدير المخابرات المصرية
جاءت زيارة اللواء الركن مراد موافي ضمن بيئة سياسية شرق أوسطية عامرة ومليئة بالتعقيدات والشكوك واللايقين السياسي والدبلوماسي، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
- لماذا اللواء موافي في هذا الوقت؟ هل من أجل إنعاش علاقات دبلوماسية خط دمشق-القاهرة التي تضررت كثيراً بفعل توجهات سياسة الخارجية المصرية الشرق أوسطية خلال حقبة الرئيس السابق حسني مبارك؟
- ما هو هدف القاهرة من إرسال اللواء موافي إلى دمشق في هذا التوقيت؟ هل المطلوب هو تحريك ملفات السياسة الخارجية المصرية بما يعزز من سلطة المجلس العسكري المصري المؤقت، أم المطلوب التأسيس لإعادة ترتيب أوراق السياسة الخارجية المصرية بما يعزز من توجهات ومصداقية القاهرة إزاء قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها التدخل الأمريكي في المنطقة وعلى وجه الخصوص في لبنان والسياسات العدوانية الإسرائيلية إزاء الحقوق العربية المشروعة؟
- ما هي علاقة زيارة اللواء الركن موافي إلى دمشق بزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون الأخيرة إلى العاصمة المصرية القاهرة؟
- ما هي مكانة المخابرات المصرية في عملية صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد حسني مبارك، ومن المعلوم أن السياسة الخارجية المصرية كانت تتم بواسطة ثنائي وزير المخابرات عمر سليمان ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، فهل يا ترى سوف تستمر عملية صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية المصرية تسير على نفس المنوال بحيث تتم بواسطة الثنائي الدكتور العربي وزير الخارجية الحالي واللواء الركن موافي مدير المخابرات الحالي؟
هذا، وعلى أساس الاعتبارات الجيوسياسية، فقد شهدت الساحة السياسية المصرية أربعة تحركات دبلوماسية مثيرة للاهتمام نشير إليها على النحو الآتي:
• زيارة اللواء الركن موافي مدير المخابرات المصرية الحالي إلى العاصمة السورية دمشق
• زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى القاهرة.
• زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى العاصمة القاهرة.
• زيارة مسئول مصري عسكري- مخابراتي رفيع المستوى إلى رام الله عاصمة السلطة الفلسطينية.
• الجهود المصرية الجارية على خط الأزمة الليبية.
على أساس معطيات التحليل السياسي نشير إلى أن هذه التحركات الخمسة تتضمن الخطوط الأساسية التي تشكل المجال الحيوي الخاص بملفات الإستراتيجية المصرية السياسية المتعلقة بشئون وقضايا الأمن والدفاع، ونوضح ذلك على النحو الآتي:
- الملف السوري-الفلسطيني يشكل اهتمامات القاهرة بالمجال الإستراتيجي الجغرافي المصري الشرقي العابر لبوابة شبه جزيرة سيناء.
- الملف السوداني يشكل اهتمامات القاهرة بالمجال الإستراتيجي الجغرافي المصري الجنوبي الذي يضم العديد من الأوراق الهامة: مياه النيل، النفاذ إلى القارة الأفريقية، الأمن الغذائي المصري، تسويق السلع المصرية، استيعاب العمالة المصرية الفائضة، تنفيس ضغوط الاكتظاظ السكاني الديموغرافي المصري.
- الملف الأمريكي يشكل اهتمامات القاهرة بالمجال الإستراتيجي النوعي الاقتصادي-الأمني، وذلك لجهة تأمين الحصول على المعونات والمساعدات الأمريكية إضافة إلى الضغط على إسرائيل حتى لا تفكر بالعودة مرة أخرى إلى إعادة احتلال سيناء.
- الملف الليبي يشكل اهتمامات القاهرة بالمجال الإستراتيجي الجغرافي الغربي، لجهة تأمين المصالح الاقتصادية المتعلقة بتصدير العمالة المصرية الزائدة إلى الأسواق الليبية إضافة إلى النفاذ البري إلى مناطق المغرب العربي.
نلاحظ من خلال هذه النقاط أن زيارة اللواء الركن مراد موافي إلى العاصمة السورية دمشق خلال فترة ما بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك هي زيارة هامة وذلك لأنه لا غنى للقاهرة عن دمشق طالما أن مذهبية مصر الإستراتيجية لن تستطيع أن تحقق الكمال المنشود إذا غابت عنها على الأقل ثلاث محطات هي: محطة دمشق، محطة الخرطوم، محطة طرابلس. ولكن برغم ذلك تبقى مشكلة المصداقية السياسية وهي تتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم.
- سبق أن تولى اللواء الركن مراد موافي منصب محافظ شمال سيناء، وبالتالي، ما هو دوره في قيام نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك في إنفاذ عمليات حصار قطاع غزة، بناء الجدار العازل على حدود غزة مع مصر، الاتصالات الميدانية التي كانت تتم بين المسؤولين المصريين والإسرائيليين في المناطق الحدودية المصرية-الإسرائيلية إضافة إلى القضايا الأمنية المصرية-الإسرائيلية التي كانت تتم عبر الحدود المصرية-الإسرائيلية.
- يتمتع اللواء الركن مراد موافي بدعم ومساندة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ووزير مخابراته (ونائبه لبضعة أيام) اللواء عمر سليمان، وذلك بدليل أن مبارك قام بتعيين اللواء الركن موافي في منصب مدير المخابرات المصرية بدلاً عن عمر سليمان الذي تولى منصب نائب الرئيس حسني مبارك، بكلمات أخرى، لقد كان اللواء الركن موافي محط ثقة حسني مبارك وعمر سليمان.
برغم أن اللواء الركن موافي سوف يجد كل الاحترام والتقدير في العاصمة السورية دمشق، فإن المشكلة الأساسية سوف تتمثل ليس في توجهات المجلس العسكري المصري الحاكم إزاء دمشق، وإنما في مصير ومستقبل هذا المجلس نفسه والذي تقول المعلومات والتسريبات بأن فترة ولايته سوف تنتهي في شهر تموز (يوليو) 2011 القادم بعد عقد جولة الانتخابات المصرية العامة لجهة اختيار البرلمان المصري الجديد والرئيس المصري الجديد، وبالتالي، فإن ما سوف يتوصل إليه اللواء الركن موافي من غايات سوف يكون عمرها بضعة أشهر، اللهم إذا وافقت الحكومة المصرية الجديدة القادمة على الاستمرار في نفس النهج!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
شكرا لجهودكم
إضافة تعليق جديد