المناورات العسكرية المصرية-السعودية: من هو العدو المفترَض؟
الجمل: تحدثت بعض التقارير والتسريبات الخافتة عن قيام مصر والمملكة العربية السعودية بإجراء مناورات عسكرية مشتركة، وتقول هذه المعلومات بأن هذه المناورات قد شاركت فيها قوات الجانبين بكثافة غير مسبوقة: فما هي حقيقة هذه المناورات؟ وما هي خلفياتها؟ وما هو سيناريو المواجهة الافتراضية الذي شكل هدف هذه المناورات؟
* ماذا تقول المعلومات؟
تحدث تقرير استخباري أمريكي تم نشره مؤخراً عن قيام مناورات عسكرية سعودية-مصرية، وفي هذا الخصوص أشار التقرير إلى النقاط الآتية:
• الاسم الكودي للمناورات هو «تبوك-2».
• شملت المشاركة طيفاً واسعاً من الأصناف العسكرية: القوات الخاصة، البحرية، المدرعات، الصواريخ إضافةً إلى صنوفٍ أخرى.
• فرضية المناورات تمثلت في سيناريو صد هجومٍ إيراني متحمل ضد المملكة العربية السعودية ثم العمل على نقل المعركة إلى داخل أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
• استمرت المناورات لفترة خمسة أيام، من يوم الأحد 17 تشرين الأول (أكتوبر) وحتى يوم 21 تشرين الأول (أكتوبر) 2010م.
• تولى وزير الدفاع والطيران السعودي الأمير خالد بن سلطان (ابن ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز) قيادة المناورات.
هذا، وتقول المعلومات بأن الخبراء الأمريكيين والإسرائيليين قد نظروا إلى مناورات «تبوك-2» باعتبارها تشكل نقطة البدء في كتابة فصل جديد من تاريخ الشرق الأوسط: أكبر بلدان عربيان في المنطقة ينشران قواتهما من أجل مقاتلة القوات الإيرانية وقوات الحرس الثوري الإيراني، ويبديان بشكل واضح وعملي الإرادة والرغبة في مقاومة ومكافحة التمرد الإيراني عن طريق القيام بغزو أراضي الجمهورية الإيرانية المعتدلة –افتراضياً.
تقول المعلومات والتقارير بأن مناورات «تبوك-2» هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات العسكرية المصرية-السعودية، إضافةً إلى أن هذه المناورات قد تم تغليفها بجوٍ من التعتيم وغطاء من السرية المطلقة، وبالتالي، لم تجد حظها من التوضيح والتغطية الإعلامية، ولكن، وبرغم ذلك سعت بعض المصادر الأمريكية والإسرائيلية إلى تسريب المعلومات المتعلقة بالمناورات.
أشارت المعلومات إلى أن خبرة الأمير خالد بن سلطان في الشؤون العسكرية تعود إلى واقعتين هما:
- قيام الأمير خالد بن سلطان في عام 1991 بقيادة القطع العسكرية السعودية التي اشتركت مع القوات الأمريكية في عملية إخراج القوات العراقية من الكويت.
- قيام الأمير خالد بن سلطان في عام 2009 بقيادة قطع قوات التدخل السريع السعودية لشن العمليات العسكرية ضد ميليشيا الحوثيين في مناطق شمال اليمن.
أشارت التقارير والمعلومات بأن مناورات «تبوك-2» المصرية-السعودية، قد سبقتها بأيام قليلة عملية وصول متواترة لتدفقات الأسلحة والعتاد العسكري السعودي والتي وصلت للأراضي المصرية بشكلٍ سري وذلك في أول سابقة من نوعها تاريخ العلاقات العسكرية المصرية-السعودية.
هذا، وتقول المعلومات والتقارير بأن مناورات «تبوك-2» سوف تعقبها سلسلة كبيرة من المناورات العسكرية المصرية-السعودية، وسوف يتم توزيع رقعة إقامة هذه المناورات بحيث تغطي كل أنماط الجغرافيا العسكرية في المنطقة وذلك بما يشمل: المناطق ذات الطبيعة الشرق متوسطية، المناطق ذات الطبيعة الصحراوية إضافةً إلى مناطق بيئة البحر الأحمر ومناطق بيئة الخليج العربي.
* جدول أعمال التعاون العسكري السعودي-المصري: إلى أين؟
لاحظ الجميع في المنطقة وفي خارج المنطقة مدى التحولات الجارية في خارطة التحالفات الإستراتيجية والاصطفافات الإقليمية الشرق أوسطية الجديدة والتي حدثت على خلفية جملة من الملفات والتي من أبرزها:
- دخول الولايات المتحدة بكامل قدراتها العسكرية لجهة التمركز في السعودية وبلدان منطقة الخليج بما أدى إلى صعود تأثير العامل الأمريكي على عملية صنع اتخاذ القرار السيادي في هذه الدول.
- دخول مصر ضمن دائرة الاعتماد على المعونات والمساعدات الأمريكية، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالتبعية الغذائية، الأمر الذي أدى إلى نجاح واشنطن في تطويع توجهات عملية صنع واتخاذ القرار السيادي المصري.
ولاحقاً، وعلى خلفية ملفات الأزمة اللبنانية وعدم نجاح واشنطن في تطويع سوريا وبعض فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، فقد سعى محور واشنطن-تل أبيب إلى استغلال تطورات الأحداث والوقائع الجارية المتعلقة بمعطيات حرب صيف 2006م بين القوات الإسرائيلية وحزب الله اللبناني باتجاه بناء مظلة تحالفية سياسية جمعت مصر والسعودية والأردن وحركة فتح الفلسطينية وحكومة السنيورة تحت عنوان «تجمع المعتدلين العرب»، ثم لاحقاً، بعد ذلك، سعت واشنطن إلى القيام بعملية "تدجين" تجمع المعتدلين العرب ضمن مذهبية جديدة هدفت إلى خلق ملف قضية مشتركة تجمع بين الإسرائيليين والمعتدلين العرب، الأمر الذي أدى الاختلاق الافتراضي لمذهبية "مواجهة الخطر الإيراني".
وإضافةً لذلك فقد تفرعت عن هذه المذهبية مذهبيات فرعية أخرى مثل: مذهبية إبعاد سوريا عن إيران، مذهبية نزع أسلحة المقاومة اللبنانية، مذهبية محاصرة حركة حماس الإرهابية في غزة ومذهبية مواجهة انتشار القاعدة في الصومال واليمن وهلم جرا..
جاءت مناورات «تبوك-2» المصرية-السعودية لتؤكد الحقيقة الماثلة القائلة بأن تجمع المعتدلين العرب، وإن كان نفوذه قد تقلص كثيراً بسبب رفض الرأي العام العربي والإسلامي له، فإن بعض أطراف هذا التجمع ما تزال غير قادرة عملياً، أو بالأحرى، مغلوبةً على أمرها، فهي لا تستطيع فكاكاً من براثن وأنياب النفوذ الأمريكي الذي وقعت في شباكه: مصر لن تستطيع تحمل انقطاع إمدادات القمح الأمريكي يوماً واحداً طالما أن النتيجة الحتمية لحدوث هذا الانقطاع هي: ثورة الجياع، والسعودية لن تستطيع أن تحرّك ساكناً، بسبب الوجود المكثف للقوات الأمريكية على أراضيها.
وهكذا، فقد أصبحت الرياض والقاهرة كمن ركب على ظهر الذئب الجائع ولا يستطيع نزولاً طالما أن الذئب لن يسع إلى توفير لحمه لحظةً واحدة!
لقد أجرت القوات المصرية والسعودية مناورات «تبوك-2» القائمة على فرضية مواجهة الخطر الإيراني، وبالتأكيد لاحقاً سوف نسمع عن «تبوك-3» و«تبوك-4» وغيرها من المناورات، والتي بلا شك، سوف تقوم على فرضيات أخرى، وبالتأكيد سوف يكون بينها مسميات افتراضية مثل «الخطر السوري» و«خطر حزب الله» و«خطر حماس» والفلسطينيين والإيرانيين وغيرهم قادرون على تفهم الوضع الصعب المحرج التي تورط فيه أركان محور الرياض-القاهرة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
للقادم القريب أقول ...!؟
رجاء يارأفت السقال
رد على حكمت الجنيدي
قبلة للأخ أبي اسكندر وتوضيح ..!
لاحقاً لردي على أبي اسكندر
إضافة تعليق جديد