تحت شمس الوطن
لا أستطيع التخلص من إحساسي بالحزن والشفقة على أولادي في كل يوم أوقظهم فيه وأطردهم من دفء الفراش ووداعته إلى سجن المدرسة الذي يهدرون فيه طفولتهم بانتظار اليوم الذي يصبحون فيه جاهزين لخدمة أنفسهم وبلادهم التي ستدير لهم قفاها أو تركلهم على أقفيتهم خارج حدودها كما يحصل مع بقية أولادها من حملة الشهادات العاطلين عن العطاء والحياة.. وفي ذلك الوقت فقط سوف يستيقظون دون أن أوقظهم لكي يتعلموا فنون الحياة والاحتيال والزوربة ليعملوا في مهن لا علاقة لدراستهم واختصاصهم بها.. وسوف يتعلمون ترقب الفرص والانقضاض على الفريسة بعد تقدير قوة وحجم الكائنات التي ستنافسهم عليها، وما هي نسبة الأرباح والخسائر في حروبهم اليومية الصغيرة لإيجاد مكان لهم تحت شمس الوطن.. وأسوأ من ذلك حين سيتوقف أولادك عن الاستماع لنصائحك ووصاياك بعدما يتجرعون خسائر الصدق والاستقامة والاجتهاد التي كنت تصبها في أسماعهم طوال عقدين من عمرهم الضائع..
في كل صباح، بعدما يلفظهم الباب ويستقبلهم برد الشارع وغضب المعلمين أتساءل: ما العمل؟ هل نستمر في توجيههم إلى مكارم الأخلاق الخاسرة، أم ندربهم على الافتراس؟ هل نخسرهم من أجل أن يربحو احياتهم أم العكس؟ أمران كلاهما مرّ.. وبانتظار أن تطلق وزارة العدل خططاً خمسية للتنمية القانونية والأخلاقية فقد نضطر إلى دخول تسوية مع أولادنا تشبه حلول التجار مع أولادهم: يدربونهم على المراوغة والكذب مع الزبائن مثلما يجبرونهم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لكي يغفر لهم ربهم ما تقدم وما تأخر من ذنبهم..
نبيل صالح
التعليقات
تحت بسطار الــ.........
حطيت ايدك عالجرح
شكراَ
هاليلويا
خارج نطاق التغطية
تعليق ابن ...
إضافة تعليق جديد