وقف إطلاق النار : العبرة في التطبيق
أعلنت دمشق، أمس، قبولها بالخطة الروسية ـ الأميركية لوقف إطلاق النار، من دون التعهد بوقف القتال تماماً، والذي قال بيان رسمي إنه موجه لـ «مكافحة الإرهاب»، ولا سيما تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة».
وجاء البيان بعد يوم على اتفاق الجانبين الأميركي والروسي على بنود خطة لوقف إطلاق النار تستمر أسبوعين قابلين للتمديد، وتشمل كل الفرق والتنظيمات عدا «النصرة» و «داعش».
ووفقا لبيان الخارجية السورية، فإن دمشق «تعلن عن قبولها بوقف الأعمال القتالية، وعلى أساس استمرار الجهود العسكرية بمكافحة الإرهاب ضد داعش وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة بهما وبتنظيم القاعدة وفقا للإعلان الروسي الأميركي».
ويضيف مصدر مسؤول في الخارجية أنه «لضمان نجاح تنفيذ وقف الأعمال القتالية في الموعد المحدد يوم السبت 27 شباط، تؤكد الحكومة السورية استعدادها لاستمرار التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد المناطق والمجموعات المسلحة التي سيشملها هذا الوقف طيلة مدة سريانه».
وأشار المصدر إلى أن «حكومة الجمهورية العربية السورية تشدد على أهمية ضبط الحدود، ووقف الدعم الذي تقدمه بعض الدول إلى المجموعات المسلحة، ومنع هذه التنظيمات من تعزيز قدراتها أو تغيير مواقعها، وذلك تفادياً لما قد يؤدي لتقويض هذا الاتفاق». وأضاف أن دمشق «تتمسك بحق قواتها المسلحة بالرد على أي خرق تقوم به هذه المجموعات ضد المواطنين السوريين أو ضد قواتها المسلحة»، وأنها «عبر موافقتها على وقف الأعمال القتالية تؤكد حرصها على وقف سفك الدم السوري وإعادة الأمن والاستقرار، تنفيذاً للإرادة الشعبية للسوريين في وحدة سوريا، أرضاً وشعباً، والتي من أجلها كانت تضحيات الشهداء، مدنيين وعسكريين».
ويعتبر مراقبون، على قرب من مركز صنع القرار في دمشق، أن اتفاق الهدنة الذي جرى الإعلان عنه، أمس الأول، هو الأكثر جدية بين كل الإعلانات التي جرت سابقاً، نتيجة الاتفاق الأميركي ـ الروسي بالطبع، وهو باعتراف مسؤولين سوريين «يعتبر عتبة جديدة من عتبات الصراع»، بسبب اتفاق القطبين العالميين عليه.
إلا أن الاتفاق لا يأتي خاليا من الأسئلة بشأن ما إذا كان ممكنا استكماله أم لا، وإن كان سيمدد بعد فترة الأسبوعين المقررة كفترة تجريب، وهل سيقود لاستئناف العملية السياسية بشكل فعلي؟
كثر في دمشق كانوا يفضلون ألا يجري الاتفاق، وألا يسير به الروس حتى التوقيع، مفضلين في هذا التوقيت هدير الطائرات الحربية وتقدم القوات البرية على مختلف الجبهات.
ففي تجارب سابقة، كما بات معلناً، لم تكن النتائج مرضية للجانب الحكومي، إذ مكنت كل هدنة، أجريت في فترات الصراع الممتد لخمس سنوات حتى الآن، الخصوم من تثبيت مواقعهم وتحصينها في أسوأ الأحوال، إن لم يكن التقدم على الجبهات.
وفيما يشدد البيان الروسي ـ الأميركي على منع استغلال الهدنة، يبرز السؤال عن كيفية متابعته على كامل المساحة السورية، والتي تزيد فيها مواقع المعارك عن المئة، وتختلط خطوط التماس وألسنة النار.
وسيتركز وقف إطلاق النار، في ما يبدو في الجنوب بشكل أساسي ولا سيما في درعا، كما في ريف حمص الشرقي حيث كانت القوات الحكومية تستعد لعملية استعادة الطوق المحيط بمدينة الرستن، فيما يكثر تواجد أفراد ومجموعات «جبهة النصرة» على جبهات ريف حماه وادلب وبعض مناطق حلب.
وسيتحتم على بعض الفصائل إعلان وقف ارتباطها مع «جبهة النصرة» للابتعاد عن قائمة الأهداف التي يستهدفها الطيران السوري والروسي، وفقاً لذات المصادر، ولا سيما في مناطق سيطرة «جيش الفتح» في إدلب، والذي يعتبره الجانبان حليفا لـ «النصرة».
وستستمد الخطة فعاليتها، أو على الأقل انطباعات «حسن النوايا»، بشكل رئيسي من زخم العمليات الإنسانية التي ستجري بين المناطق كافة.
ويشير مراقبون كثر إلى أن حصول خرق في الهدنة أمر «يسير وسهل، وعصي على التدقيق أحيانا»، ويمكن «لمجموعة أفراد صغيرة القيام به»، وأنه «بالنظر لكثرة مرجعيات المعارضات الموجودة، فإن الحد من الخروقات، أو تحميل المسؤوليات عن أي خرق، سيكون مهمة معقدة للغاية».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد