وقائع الحدث السوري وإشكالية التضخيم السياسي- الإعلامي

17-05-2011

وقائع الحدث السوري وإشكالية التضخيم السياسي- الإعلامي

الجمل: سعى ستيفن هايدمان خبير الشؤون الشرق أوسطية في معهد السلام الأمريكي لمقاربة وقائع الحدث السوري، ضمن تحليل سياسي، ركز من خلاله على رصد وتحليل الخطوط الرئيسية التي شكلت سياق ومجرى الحدث: كيف نظر الخبير ستيفن هايدمان إلى تطورات وقائع الحدث السوري وما هي أبرز خطوط المقاربة التي استند عليها تحليله السياسي؟steven heydeman
* العوامل الرئيسية التي شكلت مجرى الحدث السوري
أشار الخبير ستيفن هايدمان إلى أن حركة الاحتجاجات السورية الأخيرة واجهت مصاعب بالغة الشدة، وأضاف قائلاً بأن هذه المصاعب لم تتمثل في الخوف من خوض المواجهات مع القوات النظامية، وإنما الخوف من اللايقين والغموض الذي سوف ينطوي عليه شكل السيناريو الذي سوف يعقب هذه المواجهات، وسعى الخبير ستيفن هايدمان قائلاً، بأن محددات هذه المخاوف تتمثل في النقاط الآتية:
•    عدم الاستقرار الذي يمكن أن تفضي إليه المواجهات.
•    حالة الانكشاف الوطني أمام التهديدات.
وتوضيحاً لهذه النقاط تحدث الخبير ستيفن هايدمان قائلاً، بأن تأثير عامل عدم الاستقرار المحتمل، وتأثير عامل الانكشاف المحتمل، قد أدى اجتماعهما، إلى دفع جميع السوريين، بما في ذلك الذين شاركوا في الاحتجاجات لجهة الشعور بالخوف المتزايد إزاء مخاطر حدوث سيناريو الصراع الدامي الطائفي اللبناني. وأيضاً مخاطر حدوث سيناريو التدخل الأجنبي على غرار النموذجين العراقي والليبي.
وصف الخبير ستيفن هايدمان فعاليات الحدث السوري بأنها لم ترق بعد لجهة وصفها بأنها تشكل معارضة صلبة متماسكة، وحتى الآن لا توجد لها قيادة داخلية، وفي خارج سوريا، لعب الإعلام والانترنيت دوراً كبيراً في تضخيم هذا الحدث، وأضاف قائلاً بأن المعارضة السورية الموجودة في الخارج تواجه مصاعباً جمة، وتحتاج إلى وقت أطول لكي يكتمل نضجها وتصبح متماسكة. وإلى حين يأتي وقت اكتمال نضوجها، تكون تطورات الأحداث والوقائع قد تجاوزتها.
* وقائع الحدث السوري وإشكالية التضخيم السياسي ـ الإعلامي
تحدث الخبير ستيفن هايدمان بوجود العديد من العناصر الحوارية الجارية التي ظلت تعكس القدر الكبير من سوء الفهم والتشويه المتعمد، وأضاف قائلاً، بأن الدوائر السياسية في واشنطن قد نظرت على ضوء هذه العناصر إلى الحدث السوري باعتباره:
•    يمثل إحياءاً للحلم الأمريكي الذي استمر طويلاً على أمل أن يتم طي صفحة سوريا وقلبها عن طريق عملية تغيير النظام.
•    يمثل فرصة من أجل إعادة ترتيب توازن القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بما يصب بشكل نهائي في مصلحة أمريكا.
وتأسيساً على ذلك، أشار الخبير ستيفن هايدمان قائلاً، بأن دوائر صنع واتخاذ القرار الأمريكي، إضافة إلى العديد من الأطراف الأمريكية الأخرى، قد نظرت إلى الحدث السوري على أساس اعتبارات أنه يتوجب على واشنطن تقديم الدعم والسند للمعارضة السورية، طالما أن حركة الاحتجاجات تمثل في حد ذاتها فرصة استراتيجية لتعزيز المصالح الأمريكية بغض النظر عما سوف يحدث للسوريين.
انتقد ستيفن هايدمان مقاربة الدوائر السياسية الأمريكية للحدث السوري، قائلاً الآتي:
•    توجد العديد من الفجوات التي يتوجب ملئها، والنقاط المتقطعة التي يجب وصلها، بما يتيح معرفة كيفية الحصول على هذا من ذاك، وعلى ذاك من هذا.
•    توجد عملية تقليل للتحديات التي يمكن أن تترافق مع عملية دفع سوريا ضمن مسار صعب ومليء بالمخاطر.
•    يوجد إهمال وتجاهل للتعقيدات المتشابكة التي سوف تحدث في حالة تصعيد وقائع الحدث السوري.
هذا، ووصف ستيفن هايدمان، بأن سوء الإدراك الأمريكي الناتج من التضخيم والتشويه، سوف يقود واشنطن ضمن مسار خطير لا يفضي لجهة الحصول على أي شيء نافع، وأشار قائلاً بأن على واشنطن أن تسعى خلال المرحلة القادمة إلى تطوير قدرات المعارضة السورية، وأن تسعى في نفس الوقت لجهة استغلال وقائع الحدث السوري من أجل مقاربة أفضل، وبكلمات أخرى أشار ستيفن هايدمان إلى ضرورة قيام الإدارة الأمريكية بوضع استراتيجية طويلة المدى لسياسة سوريا تتيح لواشنطن التعامل مع الطرفين.
* مقاربة الحدث السوري عربياً وشرق أوسطياً
سعى الخبير الأمريكي ستيفن هايدمان إلى عقد مقارنة تحليلية بين الحدث السوري وبين ما حدث في تونس ومصر، وما يحدث حالياً في الأردن والبحرين واليمن والجزائر، وفي هذا الخصوص أشار إلى النقاط الآتية:
•    تمتلك الأنظمة العربية خبرة كيفية التعامل والتكيف مع تقلبات الأوضاع المتغيرة.
•    ردود أفعال دمشق كانت مثيرة للاهتمام، فقد تعاملت بليونة من جهة وتعاملت بشدة من الجهة الأخرى.
•    استفادت دمشق ضمن قدر محدود من معطيات ما حدث وما يحدث الآن في بعض المناطق الشرق أوسطية المضطربة الأخرى.
•    طبقت دمشق بعض المقاربات وحصلت على النجاح مع ملاحظة أن نفس هذه المقاربات قد تم تطبيقها في بعض المناطق الأخرى ولكنها لم تحقق نفس النجاح الذي حصلت عليه في دمشق.
وبكلمات أخرى، أشار الخبير الأمريكي ستيفن هايدمان، إلى أن استراتيجية التعامل بليونة من جهة والتعامل بقوة من جهة أخرى، التي طبقتها دمشق بنجاح، هي نفس الاستراتيجية التي سعت تونس ومصر والبحرين واليمن إلى تطبيقها، ولكنها أفضت إلى الإخفاق والفشل الذريع.
سعى الخبير الأمريكي ستيفن هايدمان إلى تفسير مفارقة نجاح دمشق وإخفاق الآخرين، على أساس اعتبارات النقاط الآتية:
•    التزام دمشق بخط المقاومة أمن لها سنداً كبيراً في أوساط الرأي العام الشرق أوسطي، وذلك بعكس الأطراف الأخرى التي عادت المقاومة أو على الأقل تجاهلت احترام خط المقاومة.
•    تتمتع دمشق بوجود دعم داخلي أتاح لها قدرة الحصول على السند الشعبي خلال فترة الاحتجاجات، وهو الدعم الذي لم يكن متاحاً للقاهرة أو لتونس خلال فترة الاحتجاجات.
أشار ستيفن هايدمان إلى الطبيعة الفائقة الخصوصية التي تتميز بها سوريا عن بلدان شرق أوسطية عربية أخرى كثيرة مثل تونس ومصر واليمن والبحرين وحتى الأردن، وخلص هايدمان إلى أن مقاربة دمشق على أساس فرضية أنها تتطابق مع القاهرة وتونس وصنعاء أو المنامة أو عمان سوف يقود إلى خطأ كبير في التقديرات والتخمينات، وبالتالي، فإن المطلوب من واشنطن هو القيام بمقاربة دمشق على أساس اعتبارات أنها تتشابه مع الأطراف الشرق أوسطية الأخرى في بعض الجوانب، وفي نفس الوقت تختلف عنها في جوانب أخرى.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...