وظيفة التاريخ في فيلم التجلي الأخير لغيلان الدمشقي
اعترف المخرج السوري المعروف هيثم حقي بوجود "بعض المشكلات" التي واجهت عرض فيلمه "التجلي الأخير لغيلان الدمشقي"، مشيرا إلى أنه تم نقل الفيلم من قاعة سينما الشام إلى سينما الكندي وسمح بعرضه السبت الماضي بعد أن كان مقررا عرضه الأسبوع الماضي.
وأكد حقي أنه من بين "الذين استفادوا مؤخرا من السماح للقطاع الخاص في سوريا بالمشاركة في الإنتاج السينمائي".
وأضاف "أشعر بسعادة بعد عودتي للعمل السينمائي إثر انقطاع لسنوات طوال حيث أنجزت العديد من المسلسلات الدرامية التي لاقت رواجا على الشاشات العربية".
ومعلوم أن القانون السوري كان يحصر الإنتاج السينمائي في المؤسسة العامة للسينما، وهي الجهة الرسمية السورية الوحيدة المخولة إنتاج الأفلام والأعمال السينمائية.
واعتبر حقي أن الدراما السورية دخلت للعالم العربي من أوسع الأبواب، "ولذلك نحن نأمل أن تدخلنا السينما إلى العالمية"، مشيرا إلى أن "لدى سوريا كل الإمكانات التي تسمح بهذه الاختراقات، فالنجوم متوفرون والمبدعون والأموال.. أعتقد أن غيلان الدمشقي هو الخطوة الصغيرة في هذا الاتجاه".
يتحدث الفيلم عن حالة مثقف يعيش عبر خياله قصة غيلان الدمشقي الذي عينه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز خازنا لبيت المال، ونجده بعد ذلك يطالب بإعادة المال المسروق إلى الشعب وبإحقاق العدل بين الناس، لكن الخليفة هشام بن عبد الملك يعاقبه بالصلب على البوابة السابعة لعاصمة الأمويين دمشق.
وقبل أن يصلب غيلان، يظهر في مشهد وهو يكرر بصوت مرتفع ألم يقل الله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وتنتقل كاميرا الفيلم بين غيلان الدمشقي التاريخي و"سامي" الموظف المسحوق في إحدى الدوائر الرسمية، وهو بطل الفيلم الذي يحاول أن ينال شهادة الدكتوراه من الجامعة بعد أن يقدم أطروحة الدكتوراه عن غيلان الدمشقي وحياته.
وتوحي تلك المقاطع من الفيلم بأنها إسقاطات على الواقع السوري المعيش خصوصا والعربي عموما حيث تتسم شخصية سامي بالانهزامية، فليست لهذا المواطن المغلوب على أمره أي ردة فعل تجاه الأشياء لكنه دائما يستجيب للضغوطات الخارجية دون إبداء أي مقاومة أو اعتراض.
ومن لقطات الفيلم الدالة، تلك اللقطة التي ترينا مجموعة من الشباب العربي في اجتماع لهم ليناقشوا الواقع العربي خاصة بعد احتلال العراق وسقوط التمثال الرمز لقيادي دكتاتوري مثل صدام حسين. ويعلو صراخ الشباب بين مؤيد ومعارض، هل العراق نموذج للتحول نحو الديمقراطية أم أنه الحالة التي أهلكت العالم العربي؟
ويصل الفيلم إلى مرحلة المفكر السوري عبد الرحمن الكواكبي ويقارن بينه وبين دور غيلان الدمشقي قبل مئات السنين، وكلاهما كان متمردا على الحاكم مع اختلاف الحاكم. ففي الزمان القديم في زمن غيلان كان الخليفة هشام بن عبد الملك، وحديثا في زمن الكواكبي كان السلطان العثماني عبد الحميد، وكأنه يريد أن يقول إن لكل زمان دولة ورجالا، أو إن التاريخ يعيد نفسه بأسماء مختلفة.
ويقول بطل الفيلم الفنان والناشط المدني فارس إن "تشرذم الوسط الثقافي السوري سمح في الآونة الأخيرة بدخول بعض الأفكار غير المتنورة إلى الوسط الثقافي والمشهد الفني السوري، فبدلا من أن يكون لدينا فكر متطور ومتنور نجد أحيانا أن البعض يتبنى أفكار الذين ساهموا في قتل غيلان الدمشقي".
وقد كشف المخرج حقي أن الفيلم تم تصويره في زمن قياسي نسبيا إذ لم تستغرق مدة التصوير أكثر من 33 يوما.
والفيلم من إنتاج شركة "ريال فيلم" التي يشرف عليها حقي، وقد شارك في بطولته إلى جانب الفنان فارس الحلو الفنانة كندة علوش.
المصدر: الألمانية
إضافة تعليق جديد