هل تستمر الإدارة الأميركية بدعم النظام المصري
الجمل: خلال جولتها الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، من أجل لملمة شمل وتجميع تحالف (المعتدلين)، وتحديداً في القاهرة، قامت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، بالاجتماع مع الرئيس المصري حسني مبارك، وبرغم أن المؤشرات العلنية تقول بأن لقاءها مع الرئيس المصري، كان يتعلق بترتيب الملفات والأوراق الشرق أوسطية، التي (لخبطها) حزب الله اللبناني، إلا أن ما اتضح لاحقاً بأن الوزيرة الأمريكية قد سلمت الرئيس المصري حزمة كبيرة من موجهات ومطالب الإدارة الأمريكية، التي يشترط البيت الأبيض على الرئيس المصري التقيد بها:
• فيما يتعلق بالشأن الداخلي المصري:
- مراجعة وتقويم الصحافة وأجهزة الإعلام المملوكة للدولة: والاعتقاد السائد بأن الإدارة الأمريكية كانت تطالب بحرية وليبرالية الصحافة والإعلام في مصر، باستثناء الموضوع القومي حيث طالبت الوزيرة بالتقليل من الأداء الإعلامي الداعم للنزعة القومية العربية، وأيضاً التركيز على النقد الإعلامي الموجه ضد حزب الله، حركة حماس، المقاومة العراقية، والأطراف العربية الأخرى غير المؤيدة للتوجهات الأمريكية في المنطقة.. كذلك طالبت الوزيرة بالمزيد من الانفتاح والتعاون الإعلامي بين مصر وإسرائيل.
- دعم وتمكين المرأة: تمثل قضية المرأة واحدة من القضايا العامة المزمنة في كامل منطقة الشرق الأوسط، وقد ظلت الإدارة الأمريكية تستخدم هذه القضية على غرار المثل القائل: حق يراد به باطل، وذلك بحيث تتمكن من التهرب من تقديم المساعدات والمعونات لحلفائها الشرق أوسطيين، وفي كافة اجتماعات وكالة المعونة الأمريكية مع دول الشرق الأوسط، يقوم المفاوضون الأمريكيون بطرح موضوع تمكين المرأة، بدلاً من دعم التعليم والصحة والبيئة وخفض مستوى الفقر.
- دور الأفراد: شددت الوزيرة الأمريكية على ضرورة أن يتيح النظام المصري المجال واسعاً أمام الأفراد لكي يقوموا بدورهم في عملية التغيير الاجتماعي، وأطلقت عليهم تسمية (المصلحين المستقلين)، ورأت أنه يتوجب على النظام المصري الاعتماد على الأفراد بنفس درجة اعتماده على المؤسسات.
- إعادة تشكيل النخبة السياسية: تحدثت كوندوليزا رايس عن ما أطلقت عليه ظاهرة الصراع بين (الحرس القديم)، و(الحرس الجديد)، وقالت: إن عمليات التغيير التي قام بها النظام المصري في استبدال الوجوه القديمة، بالعناصر الشابة الجديدة، ماتزال تعتبر غير كافية في نظر واشنطن، وذلك لأن الإدارة الأمريكية تريد أن (ترى شيئاً جديداً).
• فيما يتعلق بالشأن الخارجي:
- إقليميا: طالبت الوزيرة الأمريكية بأن يقدم النظام المصري المزيد من التعاون مع الأنظمة المعتدلة الأخرى في المنطقة، وأيضاً أن يمارس المزيد من الضغوط على الأطراف المتطرفة، كذلك طالبت النظام المصري بأن يلعب دوراً أكبر في الحرب الجارية ضد الإرهاب، وأن يقدم مساعدات ملموسة في دعم القوات الدولية المزمع إرسالها إلى دارفور.. كذلك طالبته بالتعاون مع إسرائيل في مكافحة الإرهاب ودعم جهودها لاستعادة جنودها (المختطفين).. كذلك رأت الوزيرة أن على النظام المصري أن يلعب دوراً في القضاء على الخطر الإيراني، وذلك لمنع إيران من تمديد نفوذها في المنطقة العربية.
- دولياً: طالبت وزيرة الخارجية الأمريكية النظام المصري بالتركيز على دعم وتعزيز الروابط الاستراتيجية التي تربط مصر بأمريكا وحلفائها الغربيين، خاصة في مجالات التعاون الأمني والعسكري، والمساعدات التي يمكن أن تقدمها مصر لحلف الناتو والقوات الأمريكية في الحرب الدولية المفتوحة ضد الإرهاب.
وعموماً، يمكن القول: إن حزمة الشروط التي حملتها كوندوليزا رايس لنظام الرئيس حسني مبارك، تتضمن الكثير من الجوانب التعجيزية، ليس لصعوبة تنفيذها، ولكن لأنها تمثل بالأساس أجندة تتميز بطابع الـ(سيولة)، وعلى سبيل المثال فإن مطالبة الإدارة الأمريكية للنظام المصري بأنها تريد (أن ترى شيئاً جديداً)، تمثل في حدّ ذاتها مؤشراً يتطابق مع
الهدف الأمريكي غير المعلن، والذي يركز على تطبيق أطروحة الانسحاب والتخلي عن نظام حسني مبارك عن طريق فرض المزيد من الشروط الـ(سائلة)، والمبهمة عليه، ثم الادعاء لاحقاً بأنه لم ينفذ ما هو مطلوب منه، وهكذا، كما سوف نرى لاحقاً كيف أن الإدارة الأمريكية سوف تقلل مساعداتها لمصر، استناداً إلى ذريعة أنها لم (ترَ شيئاً جديداً).
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد