هكذا أصبحتُ مراسلاً في موقعٍ إخباري دون علمي

15-12-2012

هكذا أصبحتُ مراسلاً في موقعٍ إخباري دون علمي

شاءت الصدف أن أكون صباح اليوم الجمعة 14-12-2012 في حضرة طلاب السنة الأولى من كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية ليسألوني في مقابلة "تمرينية" عن صورة الإعلام الحزبي أو بحسب تعبير أحد هؤلاء الأعزاء "الإعلام المؤدلج" (من كلمة أيديولوجيا). لم أتردد للحظة وأنا أجيب خلال اللقاء بهم في إحدى صالونات قناة المنار (أكرر: داخل إحدى صالونات قناة المنار) أن زمن ما يسمى "الربيع العربي" أحدث تداعيات كبرى على كل الصعد في العالم العربي لم تستثنِ الإعلام، وأن امبراطوريات إعلامية كبرى انهارت دعائمها المهنية "كالبسكويت" نتيجة انكشاف الأقنعة الإعلامية غداة بدء الأزمة السورية، وبالتالي فإن السؤال الذي ينبغي أن يحتل اليوم اهتمام: الجامعات، منظري الإعلام، المفكرين، بل وحتى الإعلاميين: هل أصبح الإعلام جزءاً من الدعاية السياسية بعد أن كانت الدعاية جزءاً من الإعلام؟؟ وحين سألني منتقد "الأدلجة" من مجموعة الطلاب عن صوابية أن تصبح المؤسسة الإعلامية جزءاً من أجندة سياسية، أجبت: لا فرق أن تكون صادقاً فتعترف بذلك أو أن تكون مدعياً فتدّعي الحيادية الإعلامية طالما أنك موضوعي، فلا تنقل خبراً أو معلومة إلا بعد التحقق من صحتها، وأن لا تكشف معلومة إلا منسوبة إما إلى مراسلك وإما إلى مصدرها الحقيقي..

وللمصادفة أيضاً - سبحان الله - أني كنت أناقش مع أحد الأصدقاء مضمون مقالة صحفية تناولت بشيء من "حرص الغيور" تراجع أداء بعض البرامج على شاشة المنار، فقلت حرفياً حين سألني الصديق عن سبب بقائي في المنار طوال اثني عشر عاماً: نحن في المنار لسنا إعلاميين نعمل في قناة المقاومة، بل نحن مقاومون نعمل في الإعلام.
كل هذا كان قبل صلاة يوم الجمعة. الساعة الثالثة بعد الظهر، وخلال عملي في غرفة الأخبار في قناة المنار (أكرر: داخل غرفة الأخبار في قناة المنار) وردني اتصال هاتفي من صديق، بالمناسبة أيقنت اليوم أن هناك فعلاً أصدقاء في هذا الزمن، سألني فيه إن كنت أراسل موقعاً إلكترونياً مغربياً إسمه أشكاين (بذل صديقي أكثر من خمس دقائق ليهجئ لي طريقة كتابة إسم الموقع بالأحرف اللاتينية)، وأن الموقع نقل عني خبراً يتعلق بتصريح لفضيلة الشيخ نبيل قاووق، نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله.
نحو ربع ساعة من البحث عن الموقع المذكور لم يسعفني فيها إلا موقع غوغل (من باب التفصيل الممل وليس من باب الدعاية) للعثور على الموقع المذكور...وكانت المفاجأة (الرجاء أن تتفاجأوا معنا):

آشكاين - ضياء أبو طعام من لبنان
في تصريح خطير وفريد من نوعه منذ انطلاق الاحتكاكات السورية التركية، قال الشيخ نبيل قاووق نائب رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، في تصريح له داخل اجتماع لبعض قيادات الحزب الجهوية (الجهوية؟؟؟!!!! سامعين فيها قبل؟) بمدينة بيروت.......أن مجموعة كبيرة من المتطوعين من مجاهدي حزب الله (متطوعين؟؟؟؟ معقول قصدهن تعبئة؟!!)  تقوم بتدريبات واستعدادات يومية وهي جاهزة للدخول للأراضي السورية فور المناداة عليها من قبل قيادة الجيش العربي السوري ..... إلخ
(الآن إربطوا الأحزمة): وأضاف القاووق في لقاءه (تعمدت نقل الخطأ اللغوي للهمزة كما ورد في الخبر "الآشكايني") الذي حضره مراسل موقع "آشكاين" من لبنان الشقيقة "ضياء أبو طعام" (إحم إحم) وهو صحفي ومراسل لقناة المنار (لماذا الإضطرار لذكر ذلك!!! إنو من باب المصداقية يعني؟؟؟)، أن قيادة حزب الله تتدارس كيفية الرد ودعم الجيش العربي السوري في حال تنفيذ أردوغان لأوامر أوباما وحلفاءه....(إنتهى الخبر).

بشكل موجز، أحبائي، ضحكت، ثم غضبت، ثم ضحكت، ثم كتبت تعليقاً على الخبر بدأته: أيها الكاذبون أنا ضياء أبو طعام مراسل ومقدم برامج في قناة المنار، وختمته: برغم اعتقادي أنكم لن تنشروا التعليق إلا أنني أتمسك بحقي في مقاضاتكم.

باختصار شديد، في يوم من الأيام شاهدت على إحدى القنوات السورية ذاك المواطن السوري وهو يبحث في شارع الميدان بدمشق عن جثته بعدما أردي على يد الشبيحة (بحسب ما ذكرته إحدى قنوات الرأي والرأي والآخر) وهو يقول: أتيت لأبحث عن جثتي فلم أجدها (راجع نشرة أخبار قناة الدنيا بتاريخ 25/3/2011). يومها ضحكت من أعماق قلبي، وقلت في نفسي: ألهذا الحد بات بعض الإعلام مجنوناً في سبيل ضرب النظام في سوريا. فإذا كان مقتل مواطن كذباً قد أضحك مئات الآلاف مثلي، فإن عملي في موقع مغربي دون علمي لا يستأهل إلا إضافة تجربة شخصية في متن اللقاءات التي تجمعنا بطلابٍ أطرياء العود، ما زالوا يؤمنون أن "الأدلجة" عيب على الإعلام..عسى الله تعالى أن يجعلها أكبر المصائب كما يقول اللبنانيون. 

ضياء أبو طعام

المصدر: موقع المنار
 
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...