ندوة معهد واشنطن حول فشل الدراسات الشرق أوسطية في أمريكا
الجمل: ضمن فعاليات ملتقى السياسة الخاصة، التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تم تقديم الندوة بواسطة الثلاثي: جنيفر ويندسور (المدير التنفيذي لبيت الحرية، وعضو اللجنة الاستشارية لوزارة الخارجية الأمريكية)، وكارل غيرشمان (رئيس مؤسسة المنحة الوطنية للديمقراطية، وعضو اللجنة الاستشارية لوزارة الخارجية الأمريكية، المختصة بتطوير وترقية الديمقراطية)، ومارتن كرامر (الحائز على زمالة عضوية معهد واشنطن، ومؤلف كتاب /بروج عاجية على الرمال: فشل الدراسات الشرق أوسطية في أمريكا/).
حملت الندوة عنوان (تطوير وترقية الديمقراطية في الشرق الأوسط: هل هذا أوان تطبيق وتنفيذ الخطة /ب/).
برغم تعدد النماذج، والفرضيات التي تناولتها اطروحات المشاركين الثلاثة، إلا أنها كانت تدور حول (قطاع عرضي) موحد، يتمحور حول عملية الإدارة الاستراتيجية للشرق الأوسط بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الرئيسيين مثل بريطانيا، ودرجة أقل فرنسا.
نموذج الإدارة الاستراتيجية الذي سارت على منواله المداخلات يقوم على موديل مصفوفة جداول الفرص والمخاطر، وهي مصفوفة تركز على الفرص المتاحة في البيئة الداخلية، والمخاطر المحدقة في البيئة الخارجية، وما كان لافتاً للنظر هو استخدام مداخلات المشاركين الثلاثة لهذه المصفوفة بشكل معكوس، أي ركزوا على مخاطر البيئة الداخلية، بدلاً من فرصها ومزاياها الإيجابية، وعلى فرص البيئة الخارجية بدلاً عن مخاطرها.
ومن الواضح أن مضمون القيام باستخدام النموذج معكوساً قد هدف بشكل واضح إلى تلبية اعتبارات نظرة اللوبي الإسرائيلي المتحيزة لصالح إسرائيل.
وبعبارة أخرى: الوضع التطبيقي الصحيح للنموذج يقوم على اعتبارات الفرص والمزايا الإيجابية الممكنة في البيئة الداخلية الشرق أوسطية، ومقابلتها بالمخاطر الخارجية الأجنبية المحدقة بالشرق الأوسط. أما الوضع التطبيقي المعكوس الذي طبقته ندوة معهد واشنطن، فيقوم على المخاطر الداخلية المحدقة بالشرق الأوسط، ومقابلتها بالمزايا والفرص الإيجابية التي توفرها أمريكا وغيرها من البلدان الغربية إلى منطقة الشرق الأوسط.
ويمكن، تفريغ العناصر الأساسية للمداخلات الثلاثة على النحو الآتي:
• بالنسبة لـ(المخاطر الداخلية) التي تؤثر سلباً على الشرق الأوسط:
- تصاعد الإرهاب:
- انتهاكات حقوق الإنسان.
- ضعف ا لمؤسسات المدنية.
- الصراعات الداخلية.
• بالنسبة لـ(المزايا والفرص الخارجية) التي تؤثر إيجاباً على الشرق الأوسط:
- الدور الأمريكي المتزايد في منطقة الشرق الأوسط.
- دور المنظمات الحكومية وغير الحكومية الغربية.
تركز المداخلات الثلاثة في وصفها للوضع القائم في منطقة الشرق الأوسط باعتباره ناتجاً من سببين هما:
• عدم قيام الإدارات الأمريكية السابقة بالتدخل المباشر في هذه المنطقة، كذلك تتحدث المداخلات، واصفة تدخل إدارة بوش الحالية في المنطقة بأنه كان تدخلاً (متساهلاً).
• تقول المداخلات: إن الإصلاحات التي حدثت كانت من نواتج الضغوط الأمريكية الهادفة إلى الإصلاح في الشرق الأوسط، وتجدر الإشارة إلى أن المتحدث الأول جنيفر ويندسور قال في مداخلته: عن كل الإصلاحات السياسية السابقة التي تمت في منطقة الشرق الأوسط، تم القيام بها تحت ضغوط وتهديدات الإدارات الأمريكية السابقة، وهي ضغوط وتهديدات لولاها، لما شهدت منطقة الشرق الأوسط حتى مجرد هذه الإصلاحات السياسية والاقتصادية البسيطة.
أما الرأي الأكثر تحيزاً ووضوحاً، جاء في نهاية مداخلة مارتن كرامر، والذي قال فيه:
(ظل العالم العربي لفترة طويلة منعزلاً عن الغرب بواسطة درع الامبراطورية العثمانية، وعندما وصل العالم العربي إلى مرحلة الاتصال المباشر مع الغرب، فقد مرّ داخلاً في مرحلة امبريالية قصيرة نسبياً. والآن نظام الدولة في أجزاء الشرق الأوسط أصبح واقعاً تحت الضغط الهائل الرهيب. والعراق بالطبع يشكل المثال الرئيسي. ونفس هذه العملية يجب أن تبدأ وتحدث في أماكن –الشرق الأوسط- الأخرى. فنفس الحدود المطبوعة الآن على الخرائط يمكن أن تصبح أكثر ضعفاً مما هو واضح الآن، والخطوط الحدودية الأخرى يمكن أن تصبح الخطوط الحقيقية الفعلية. وبرغم أن الولايات المتحدة تعمل وتكرّس جهدها حالياً من أجل الحفاظ على الحدود الحالية، فإنه قد لا يكون في مقدورها وقوتها الحفاظ والإبقاء على هذه الحدود.
وهكذا يمكن القول: إن ما يشير إليه مارتن كرامر، هو ضرورة تطبيق خرائط الحدود الجديدة، (أي حدود الشرق الأوسط الجديد)، وعلى العالم أن يقتنع بأن أمريكا تحاول الحفاظ على الحدود القائمة، ولكن الأمر فوق قدراتها وطاقاتها.
نشير إلى حديث جنيفر ويندسور الذي قال فيه: (إن عدم الاستقرار ليس بالضرورة أن يفضي ويؤدي دائماً إلى التأثيرات السالبة، وذلك لأن عدم الاستقرار الحالي سوف يساعد الشرق الأوسط على التحرك والانتقال ضمن الاتجاه الإيجابي الصحيح).
وعلى خلفية مضمون المداخلات الثلاثة يمكن القول: إن المعالم الرئيسية للخطة (ب) التي أشار إليها عنوان الندوة تطرح الآتي:
• ان الفوضى التي تحدث في الشرق الأوسط حالياً هي الفوضى الخلاقة، والتي ستؤدي في نهاية الأمر إلى سلام واستقرار وتطور الشرق الأوسط.
• ان على أمريكا أن تتدخل بقدر أكبر، ليس عن طريق الوسائط العسكرية وحسب، بل وباستخدام الوسائط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
• ان الحفاظ على الوضع الحالي لخارطة الشرق الأوسط، غير ممكن، وليس في مقدور الولايات المتحدة الإبقاء عليه، ومن ثم يجب على أمريكا اعتماد وتفعيل صيغة خارطة الشرق الأوسط (الجديد) الجديدة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد