معركة “كسر عظم” روسيّة تركيّة متوقعة… هل تكون في إدلب؟
ترتفع مستوى التقديرات القائلة بانهيار قريب لتفاهمات روسيا وتركيا في الملف السوري؛ بفعل التصعيد الحاصل في ليبيا، بعد ازدياد حدة القتال هناك والتدخل من قبل الجانبين في المعارك، حيث تدعم أنقرة قوات حكومة الوفاق، بينما تدعم موسكو قوات حكومة طبرق.
الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق في مدينة طرابلس، ساهم في تحقيق تطورات لمصلحة تلك القوات في مناطق متعددة من ليبيا كانت تسيطر عليها قوات خليفة حفتر (التابعة لحكومة طبرق) المدعومة من روسيا ودول عربية.
بفضل الدعم التركي لطرابلس والذي رفضته دول عربية وإقليمية إضافة إلى روسيا مقابل تأييد ضمني من قبل الولايات المتحدة، تمكنت قوات “الوفاق” من قلب معادلة الصراع بشكل ملموس، و التي انتقلت مؤخراً من الدفاع إلى الهجوم، بعد أن أطلقت عملية “عاصفة السلام”، منذ أكثر من شهرين.
في المقابل قالت موسكو وعبر المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، اليوم الجمعة، إن الوضع في ليبيا يتدهور، ووقف إطلاق النار هناك يتهاوى.
ونسبت وكالة “إنترفاكس” الروسية إلى زاخاروفا قولها، إن المساعدة الخارجية لأطراف الصراع غيّرت توازن القوى على الأرض في ليبيا، كما نقلت عنها أن روسيا على اتصال مع جميع أطراف الصراع وستصر على حله بالوسائل الدبلوماسية. وذلك في وقت أشارت تقارير إلى تواجد عناصر من قوات “فاغنر” الروسية الخاصة والتي تقاتل هناك مؤخراً إلى جانب قوات حفتر.
وتتابعاً مع المجريات في ليبيا، وفي تطور لافت على الأرض السورية حلّقت يوم أمس الخميس، أربع طائرات روسيّة بشكل كثيف، في منطقة إدلب لخفض التصعيد (الخاضعة للنفوذ التركي) بريفي إدلب وحلب، بعد غياب طويل للطيران الروسي في سماء الشمال السوري، وذلك منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين موسكو وأنقرة في 5 آذار الماضي، الأمر الذي يعتبر تلويحاً روسياً بالتصعيد هناك في وقت ترجح ذلك توقعّات متابعين للملف السوري.
خلافات شائكة؟
الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، طه عودة أوغلو، رأى خلال حديثه لـ “روزنة” بأنه ورغم الخلافات الشائكة بين تركيا وروسيا في ملفات سياسية عديدة؛ إلا أن أنقرة وموسكو تسيران بتحالفهما بشكل حذر، وفق تعبيره.
وتابع “الوجود العسكري الروسي في سوريا وليبيا ما زال عاملا مقلقا بالنسبة للأتراك، في المقابل تبقى العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين مهمة للجانبين للتمسك بها، ولكن رغم ذلك يمكن القول بأننا على أبواب معركة “كسر عظم” قادمة وشيكة على الأرض وفي الأجواء الليبية بين روسيا وتركيا، وسيلعب السلاح الجوي الدور الأكبر فيها”.
وفيما يتعلق بالتوافقات التركية-الروسية في منطقتي إدلب وشرق الفرات، أشار عودة أوغلو إلى أن أنقرة أرادت من خلال التصريحات الأخيرة لوزير دفاعها خلوصي أكار، القول بأنها مع استمرار وقف إطلاق النار في إدلب وعدم فتح جبهة جديدة مع الروس، وذلك بالتزامن مع الصراع الدائر حاليا في ليبيا.
وزاد بالقول “لكنها (تركيا) في المقابل لم تتوقف لحظة عن ارسال التعزيزات العسكرية تحسبا لأي تطورات عسكرية على الساحة السورية… على كل الأحوال يمكن القول بأن الأشهر الثلاثة القادمة حافلة بالكثير من الأحداث المهمة في المشهد السوري، في ظل الحديث عن وضع النقاط على الحروف على بعض القضايا المصيرية.
الالتزام بالتوافقات؟
الكاتب المتخصص في الشؤون التركية، عبدالله سليمان أوغلو، قال بأن الطرفين ملتزمان -حتى الآن- بالتوافقات المشتركة فيما بينهم، حيث أرجع ذلك إلى أنه وفي حال الاخلال بالتوافق فإن ذلك سيكون في غير صالح البلدين، بل وسيكون في صالح الايرانيين وأطراف أخرى تنافس روسيا في الاستحواذ على أكبر مكسب في سوريا.
غير أنه استدرك بأن “التفاهمات والتوافقات الروسية هشة تحمل في طياتها عوامل نقضها في أي لحظة… هناك اختلاف رؤى وتضارب مصالح بين البلدين في أكثر من محور في سوريا وليبيا، لكن بنفس الوقت البلدان بحاجة لبعضهما البعض سياسياً واقتصادياً، وكلاهما يستخدم الطرف الآخر ضد طرف آخر أو التلويح به عند اللزوم”.
واعتبر سليمان أوغلو بأن المعطيات الحالية تشير إلى أن الطرفان يخشيان بعضهما، ما يستدعي تعزيز تواجد كل طرف ودعم ذلك باستمرار، متابعاً بالقول أن “كفة التوافق حالياً راجحة وكلا الطرفين يحاولان الحفاظ على التوافق، لكن دخول عامل على الثالث على الخط ربما – مثل الولايات المتحدة- ترجح كفة الخلاف وتنسف كل التوافقات والتفاهمات وتلهب المنطقة من جديد؛ إن كان في ادلب أو شرق الفرات أو في ليبيا أو في مكان آخر موضع خلاف بين الدولتين”.
وكان “مركز السياسة العالمية” توقع معركة “كسر عظم” بين تركيا و روسيا وحلفائهما في المستقبل القريب، وقال المركز في تقرير له أن التوتر في العلاقات الروسية التركية يتزايد على مختلف الجبهات سواء في سوريا وليبيا.
وذكر المركز إن التوتر في العلاقات الروسية التركية يتزايد على مختلف الجبهات سواء في سوريا أو ليبيا، وإن حاول كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان التظاهر بغير ذلك، وَفْق تعبيره.
وحذّر أن يتجدَّد القتال في المستقبل القريب بين الدولتين وحلفائهما في سوريا، مُعتبِراً أن الاتفاقات الروسية والتركية ما هي إلا ضمادة مؤقتة، وأشار المركز إلى أن الأهداف الروسية والتركية غير مُتوافِقة، فتركيا تريد إنشاء منطقة عازلة كبيرة شمالي سوريا، فيما تهدف روسيا إلى بسط سيطرة الجيش السوري قدر الإمكان في جميع أنحاء سوريا, بحسب ما أورد تقرير المركز.
المصدر: روزنة
إضافة تعليق جديد