مستقبل الدولة المصرية بين العسكر والإسلافيين

03-12-2011

مستقبل الدولة المصرية بين العسكر والإسلافيين

الجمل: تشير تطورات الأحداث والوقائع الجارية إلى أن الساحة السياسية المصرية قد أصبحت تقف على أعتاب مرحلة جديدة أقل ما توصف به أنها بالغة الخطورة على بيئة السياسة المصرية الداخلية والخارجية، فما هي دلالة نتائج انتخابات المرحلة البرلمانية الأولى التي تم إعلانها بالأمس، وماذا تقول التسريبات والمعلومات الاستخبارية الفائقة الحساسية عن مستقبل الدولة المصرية على المدى القريب المنظور؟

* المسرح السياسي المصري: توصيف المعلومات الجارية
سعت السلطات المصرية إلى الإعلان رسمياً مساء الأمس عن نتائج فرز صناديق اقتراع المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية، وعلى أساس الاعتبارات النوعية السياسية أشارت النتائج إلى الآتي:
•    فوز القوى الإسلامية بالأغلبية: حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين) حصل على 40%، وحزب النور (السلفيين) حصل على 20%، حزب الوسط (الاتجاه الإسلامي) حصل على حوالي 6%.
•    هزيمة القوى السياسية التقليدية: جاء حزب الوفد المصري العريق في المرتبة الخامسة، وحلت بعده الأحزاب والقوى السياسية الصغيرة بنسب تتراوح بين 2% إلى 1%، وحصل بعضها على صفر%.
تحدثت التقارير بشيء من الاهتمام عن نتائج الانتخابات المصرية، ولكن اهتمام هذه التقارير لم يتجاوز سطح الحدث، وتحديداً لم يسع إلى الدخول في عمق الحدث السياسي المصري والذي يحمل من المخاطر بأكثر مما يحمل من الفرص، وفي هذا الخصوص نشير إلى أنه أصبح في حكم المؤكد أن تسفر مرحلة الانتخابات الثانية والثالثة عن المزيد من فوز وتقدم حركة الإخوان المسلمين، وحركة السلفيين، وذلك لأن المرحلة الأولى التي انعقدت بالأمس كانت في المراكز الحضرية الرئيسية: العاصمة القاهرة ـ الإسكندرية ثاني أكبر المدن المصرية، إضافة إلى مدينة السويس. وبالنسبة للمرحلة الثانية والثالثة فسوف تغطي فعالياتها المناطق الريفية التي تنشط فيها حركة الإخوان المسلمين والحركة السلفية إضافة إلى الحركات الجهادية المصرية الأخرى. وفي هذا الخصوص فإن نتيجة انتخابات المرحلة الأولى معناها الحقيقي هو اكتساح حركة الإخوان المسلمين والحركة السلفية لنتائج الانتخابات البرلمانية المصرية. وبالتالي فإن البرلمان المصري الجديد سوف يكون إخوانياً ـ سلفياً. وتبعاً لذلك فإن كل القوانين والتشريعات التي سوف يصدرها البرلمان الجديد سوف تكون بالضرورة إخوانية ـ سلفية.

* الصعود الإخواني ـ السلفي في مصر: التفسيرات والدلالة
تقول المعلومات والتسريبات بأن الصعود الإخواني ـ السلفي في مصر ، كان بفعل عدة عوامل، من أبرزها:
•    الدور القطري ـ السعودي الفاعل خلال الأشهر الماضية، فقد سعى محور الرياض ـ الدوحة منذ البداية لجهة تقديم الدعم والسند الكامل لحزب الحرية والعدالة (الإخوان) وحزب النور (السلفي)، وأضافت التسريبات، بأن حزب النور السلفي قد تم التركيز على دعمه بواسطة المنظمات والجمعيات الوهابية ـ السلفية الناشطة في السعودية والخليج، بحيث يجد الفرصة، ويحصل على نصيب معتبر، يساعد في ترجيح كفة حركة الإخوان المسلمين، والتي رصدت التقارير السابقة بأنها سوف تحصل على نسبة وإن كانت كبيرة، فإنها سوف تكون أقل من نسبة الـ50%، وبالتالي، لا بد من تعزيز نسبة الإخوان المسلمين، في الحصول على أغلبية برلمانية نافذة.
•    الدور الأمريكي "الغامض": ظلت واشنطن الداعم الرئيسي لنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك الخصم الرئيس لجماعة الإخوان المسلمين، وبقية حركات وجماعات الإسلام السياسي. وبعد سقوط نظام حسني مبارك، تقول التسريبات بأن واشنطن تحولت إلى دعم حركة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي، وإضافة لذلك فقد سعت واشنطن عملياً إلى إضعاف التيار القومي العربي والعلماني المدني السياسي المصري، وحالياً، تشير التسريبات إلى أن تحول واشنطن المثير للجدل، قد بدا واضحاً من خلال زيارة السيناتور الجمهوري جون ماكين حليف إسرائيل الرئيسي، ولقاءاته المطولة مع زعماء ورموز حركة الإخوان المسلمين المصرية.
•    تأثير "المال السياسي": تقول الكثير من التقارير المؤكدة، بأن العواصم الخليجية قد سعت خلال الأشهر الماضية بعملية ضخ غير مسبوقة للمال لصالح حركة الإخوان المسلمين المصرية، إضافة إلى الجماعات السلفية المصرية، وأضافت التقارير بأن قدراً كبيراً من الأموال قد تم استخدامها في التأثير على تفضيلات الناخبين المصريين، وبالذات في أحياء القاهرة الفقيرة المكتظة بالسكان.
هذا، وأياً كانت الأسباب، فهناك العديد من المؤشرات التي تفيد لجهة أن حركة الإخوان المسلمين قد سعت إلى القيام بمناورة فائقة الأهمية، عندما أعلنت عن تشكيل ما أطلقت عليه تسمية "حزب الحرية والعدالة"، وتركت لرموز الصف الثاني قيادته بحيث يبدو آخذاً مظهر الواجهة المدنية وأبقت الحركة على الصف الأول بحيث يبدو وهو يقود حركة الإخوان المسلمين بشكلها التقليدي. وإضافة لذلك فقد سعت حركة الإخوان المسلمين المصرية نفسها، بدعم الأطراف السلفية ـ الوهابية السعودية والخليجية لجهة القيام بتجميع الحركات السلفية المصرية ضمن كيان موحد أطلقت عليه تسمية "حزب النور"، والذي شكل تجمعاً سلفياً ركز على توحيد المنظور السلفي بغض النظر عن الخلافات الفقهية والمذهبية السلفية.

* حقيقة المخاطر المصرية الجديدة: ماذا تحمل؟
تشهد الساحة السياسية المصرية حالياً حالة من الاستقطابات الحارية، والتي سوف تسعى بدورها إلى تغذية المزيد من الاصطفافات العدائية، ومن أبرزها:
•    لعبت حركات شباب الثورة الدور الرئيسي في تحريك فعاليات الاحتجاجات السياسية التي أسقطت نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والآن قاطعت هذه الحركات الانتخابات. وما هو مثير ل للاهتمام أن التوقعات كانت تقول بأن أغلبية المصريين سوف يقفون إلى جانب شباب الثورة. وبرغم ذلك فقد أبت الرياح إلا أن  تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد شاركت أغلبية المصريين في الانتخابات وبنسبة فاقت الـ62% من إجمالي الناخبين المسجلين. فهل يا ترى تخلى المصريين عن شباب الثورة أم أن للمشهد جزءاً آخر لم يكتمل بعد؟
•    من المفترض أن يسعى البرلمان الجديد إلى إعداد الدستور المصري الجديد الذي سوف تنعقد على أساسه الانتخابات الرئاسية القادمة، والتي سوف تنهي عملية تداول السلطة. فهل يا ترى سوف يسعى الدستور الإخواني ـ السلفي الجديد لجهة قسمة السلطة مع العسكريين الذين ثبت أنهم ظلوا خلال الأشهر الماضية أكثر اهتماماً بدعم الإخوان المسلمين والسلفيين.

هذا، ومن المتوقع أن تتفاقم المواجهات بين شباب الثورة المعتصمين في ميدان التحرير وأنصار المجلس العسكري وأنصار التكتل الإخواني ـ السلفي.
وعلى الأغلب أن تسعى الأيادي الخفية لجهة تصعيد المواجهات بما يعطي المبرر للتحول المصري المحتمل: الانقلاب العسكري والذي سوف يدخل مصر في ثورة يوليو جديدة أخرى تشبه السابقة ولا تشبهها في آن واحد!

 

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...