ما هي حقيقة مخيم «قويوباشي» السري في أنطاكية؟
المخيمات التي أنشأتها تركيا للاجئين السوريين في منطقة الاسكندرون (هاتاي بالتركية) بلغ عددها رسمياً ستة، لكن هناك مخيماً سابعاً لم يكشف عنه لوسائل الإعلام، ويتسم بالسرية.
مراسلة صحيفة «راديكال» ألف اينجه دخلت المخيم الذي أفردت له الصحيفة صفحتها الأولى أول أمس، ونشرت التحقيق تحت عنوان «مخيم السرّ».
والتحقيق يطرح علامات استفهام حول حقيقة ما يجري داخله. هل هو مخيم خاص بالمشاغبين والمهددين للنظام العام في المخيمات الأخرى؟ هل هو مخصص لمن يكتشف انه من عملاء الاستخبارات السورية بين اللاجئين السوريين؟ هل هو نوع من أنواع السجون؟ هل يمارس التعذيب داخله؟ أم انه يخدم أهدافا أخرى؟
تقول ألف اينجه إن المخيم يقع في منطقة «قويوباشي» وهو مخصص للاجئين الذين يخلون بالنظام العام في المخيمات الست الأخرى فينقلون إليه.
ويقع المخيم بالقرب من بلدة «قار بياض» ذات الألفي نسمة التابعة لقضاء ألتين اوز على بعد كيلومتر واحد من الحدود ويعرف بـ«مخيم النفي». إذ تبعا لمسؤولي المخيم هو مكان نفي من يحدث شغباً في المخيمات الأخرى، ولكن نظراً لأن إبعاد المشاغبين بالقوة خارج الحدود لا يسمح به القانون فإنهم يأتون بهم إلى هذا المخيم، ومن يرد أن يعود إلى سوريا فعليه أن يقدم طلبا خطيا بذلك لتكون عودته بإرادته.
ويطلق مسؤولو المخيم عليه اسما آخر هو «مخيم استراليا» على أساس أن الذين تبعدهم بريطانيا من أراضيها ترسلهم إلى استراليا. وفي الغالب أن الذين يبعدون إلى هنا من اللاجئين السوريين لا يلبثون بعد بضعة أيام أن يتقدموا بطلب خطي ويعودوا إلى بلادهم. ومن بين الذين يرسلون إلى المخيم نساء، وإن كان عددهن قليلا.
لا يمارس التعذيب على ساكني «مخيم النفي» لكنه لا يتمتع بالشروط الإنسانية التي تتوفر للمخيمات الأخرى، لذلك يسارع المبعدون إليه للعودة إلى سوريا. ويؤكد رئيس بلدية «قار بياض» (أي اسود ابيض) خليل اوزديمير أن المخيم هو للمشاغبين.
تقول ألف اينجه إن معرفة وجود مخيم هنا تم بطريق الصدفة والمسؤولون عنه لا يرغبون في الحديث عنه، بل إنهم ينفون وجوده.
تقول الصحيفة إن عدد الموجودين فيه الآن، حوالى العشرين شخصا، معزولون وراء الأسلاك، ويحرسهم جنود وقوى أمن، ونصب لهم الهلال الأحمر الخيم. وقد مر في المخيم خلال شهر واحد حوالى 150 لاجئاً سورياً غادروا جميعهم تركيا، ليس بالضرورة عائدين إلى بلادهم.
وتبعا لما قاله سليم ماتكاب، رئيس غرفة أطباء هاتاي في اتحاد الأطباء الأتراك، فإن أي طبيب لا يدخل هذا المعسكر. ويوضح انه «إذا مرض لاجئ في المخيم يستدعى الرقم 112 ولا يسمح بإدخال أي طبيب، ووفقا لما يقوله الأطباء، كل شيء هناك يدار بسرية تامة».
ويرى فولكان غورين داغ، منسق شؤون اللاجئين في منظمة العفو الدولية فرع تركيا، أن «دفع الظروف في المخيم لتكون سيئة والضغط بها لإعادة اللاجئين إلى بلادهم، أو إعادة اللاجئين بالقوة، أمر يخالف القوانين الدولية. ولا نريد أن نفكر حتى بوجود مثل هذا الاحتمال». ويقول «إن المخاطب في حال وجود تهم للاجئين هو القضاء. وفي حال وجود أفراد يعبثون بالنظام العام في المخيمات فيمكن إبعادهم إلى مخيم آخر، أما أن يفرز اللاجئون وفقا للتهم بين مذنب وغير مذنب فيجب عدم السماح بذلك. وننتظر التحقيق في الأمر».
وتورد الصحيفة تعليقا على الأمر من جانب مسؤولين في وزارة الخارجية من أنه لا يمكن إعادة أحد بالقوة، لكن إذا ارتكب أحدهم جرماً فإنه يحاكم وفقا للقوانين الدولية. والمحاكم هذه لها مطلق الصلاحيات. وتبعا للقوانين التركية فإن من يبعد من المخيم الذي بقي فيه بعد ارتكابه الجرم يطلب منه العودة إلى بلاده، ولكن بعد أن يوقع على ورقة بذلك انه يعود بملء إرادته. لكن أيضا ان من تثبت علاقته من سكان المخيم بالاستخبارات السورية تطبق عليه آلية مختلفة. وتبعا لمسؤولي الخارجية التركية فإن بين السوريين اللاجئين جنودا، لكن أيا من المخيمات التي فيها هؤلاء الجنود لا تخضع لإشراف الجيش التركي.
محمد نورالدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد