لماذا وقف إطلاق النار في سوريه؟

الجمل- ترجمة: رندة القاسم:
الصراع الحالي في سورية لا يشبه أي شيء سوى التمهيد لحرب عالمية، هذا ما قاله باول ر. بيلار الموظف العريق في الـ CIA  و زميل الشرف في مؤسسة بروكينغز للأبحاث، ملقيا الضوء على أهمية وقف إطلاق النار في سوريه...و قال بيلار: "تدخل في  الحرب السورية لاعبون دوليون كثر، ما شجع وسائل الإعلام الغربية على وصف الصراع الحالي في حلب على أنه حرب عالمية مصغرة"
و بالطبع هناك تشابهات مذهلة و مقلقة  بين الصراع الدائر في سورية و أزمة عام 1914 التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى ، و هذا ما يؤكده بيلار في مقالته التي نشرتها  The National Interest  إذ قال:
" بقي مشهد الصراع السوري مضطربا لسنوات ،و لهذا فإن فتح المجال أمام فرص كثيرة لكي ينمو إلى شيء أكبر هو نقطة البداية لفقد السيطرة على سيناريوهات متصاعدة..و لكن الصفة المميزة بهذا الصراع هي التشابهات الكبيرة و المقلقة بينه و بين أزمة 1914..و أحدها هو تنوع اللاعبين من خارج و داخل سورية و المنطقة، الذين يرون أنهم مرتبطون بالصراع" ..
و لتعقيد الأمور أكثر، مفهوم الارتباط بالصراع متعلق بشكل كبير بالنزعة لرؤية الحرب في سورية كجزء من حرب أوسع بين حلفاء أكبر، إذ يقول الخبير : "هذه الرؤية توسع أكثر من مفهوم الارتباط و تستدعي الإحساس بالالتزام بالأصدقاء و الحلفاء"..
و من غير المفاجئ أن السعودية و تركيا تحاولان استغلال الصراع لأجل مصالحهما الجيوسياسية، و ذلك مع  بذل كل جهد ممكن لجر الولايات المتحدة و الناتو إلى صراع الشرق الأوسط..
و إسقاط بشار الأسد أضحى هاجس الرياض ما دفع  المملكة الخليجية لإنفاق الأموال على المتطرفين السنة المعادين للأسد، و بدورها  أضحت أنقره مهووسة بالقضية الكردية، و تلاحق المقاتلين الأكراد في كل من تركيا و سوريه و يؤكد بيلار قائلا: " إمكانية قيام تركيا بجر الولايات المتحدة إلى مأزق أكبر تغدو أكبر مع كونها جزءا من حلف شمال الأطلسي"
و نتيجة لذلك ، يميل  المجتمع الدولي إلى اعتبار الرياض و أنقره صناع مشاكل و جزء من مشكلة الشرق الأوسط.
و يضيف خبير ال CIA : " الخط التركي- الروسي في الصراع، و الذي يختفي وراء حروب كثيرة روسية –تركية عبر عدة قرون، يمكن أن يكون في مركز تصعيد و توسيع الصراع السوري، و إذا كان الحال كذلك، فثانية تلقي الحرب العالمية الأولى ظلالها، حين كانت الإمبراطوريتان الروسية و العثمانية على جانبين متعاكسين"..
و بالطبع غضبت القيادة التركية من النجاحات الأخيرة الروسية السورية شمال سوريه..و الجيش العربي السوري ، مدعوما بالقوات الجوية الروسية، على وشك تحرير مدينة حلب الكبيرة. و في ضوء ذلك تطل أمام القوى التي تقود دمشق الفرصة لتحرير الرقة معقل داعش .. و لكن كم سيحتاج الجيش السوري لبدء طريقه نحو الرقة عاصمة داعش، هذا ما تساءل عنه الصحفي البريطاني روبرت فيسك في مقالته التي نشرتها صحيفة الإندبندنت.
يقول فيسك: " الخلافة الإسلامية السنية الباقية في سوريه  لا تبدو أنها باقية أبدا....  ألهذا قرر السعوديون السنة فجأة إرسال قوات برية إلى سوريه؟ و لماذا يشعر الأتراك بهذا القدر من الإحباط؟ و أشك أن أحدا يبكي في إيران الشيعية"....
و فيسك يحاكي أفكار بيلار المتعلقة بالتشابهات الغريبة بين الصراع الحالي في سورية و بداية الحرب العالمية الأولى، و قد  حذر الأخير من أن عضو الناتو تركيا قد تطلق العنان لحرب عالمية جديدة ببدء عمليات أرضية في سورية فقال : "سنجد أنفسنا في لحظة غافريلو برينسيب * أخرى... و كلنا نعلم ما جرى عام 1914 .... و هذا هو السبب وراء منح أولوية كبرى للجهود من أجل ضمان وقف إطلاق النار و إدراك أن إخماد هذه الحرب التي لا تزال داخلية أهم بكثير من مواصلة الحرب لأجل الحصول على نتائج محلية".

* غافريلو برينسيب  (مواليد 25 يوليو 1894 - الوفاة 28 أبريل 1918) كان قوميا صربيا من صرب البوسنة والهرسك قام في الثامن والعشرين من حزيران 1914 باغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند وريث عرش الإمبراطورية النمساوية المجرية، وزوجته صوفي دوقة هوهنبيرغ، وهو يتجول في سراييفو بسيارة مكشوفة مع زوجته، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى في الثامن والعشرين من يوليو عام 1914.

عن موقع Information Clearing House

الجمل