قمة دمشق تبدأ أعمالها اليوم
تبدأ أعمال القمة العربية العادية العشرين في دمشق ظهر اليوم في قاعة تدمر في قصر الأمويين الملاصق لفندق «أيبلا الشام» الذي شهد اجتماعات وزراء الخارجية ووزراء الاقتصاد والمال والتجارة والمندوبين الدائمين.
ومن المتوقع أن يتولى الرئيس بشار الأسد رئاسة القمة بشكل مباشر، وذلك بسبب غياب الملك السعودي عبد الله عن أعمالها، قبل أن يقدم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى تقريراً حول العمل العربي المشترك. وبعد الانتهاء من الكلمات سيتحول الاجتماع إلى جلستين مغلقتين، الأولى بعد الظهر، والثانية مساء.
وانضم المزيد من الملوك والرؤساء العرب، أمس، إلى قائمة من القادة الذين قرروا عدم حضور القمة العربية التي تبدأ أعمالها في دمشق، اليوم، حيث خفض الأردن مستوى تمثيله من خلال إرسال مندوبه الدائم لدى الجامعة العربية عمر الرفاعي، في حين انتدب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح نائبه عبد ربه منصور هادي للمشاركة في أعمالها.
ومن بين القادة والمسؤولين العرب الذين وصلوا إلى دمشق، أمس، العقيد الليبي معمر القذافي، والرؤساء الجزائري عبد العزيز بو تفليقة، والتونسي زين العابدين بن علي، والفلسطيني محمود عباس، والسوداني عمر البشير، والموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ورئيسا جمهورية جزر القمر احمد عبد الله محمد سامبي، ودولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وأمير الكويت صباح الأحمد الصباح، ونائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ونائب رئيس وزراء البحرين الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، ونائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي، ونائب رئيس مجلس الوزراء العماني فهد بن محمود آل سعيد، ورئيس الوفد المصري مفيد شهاب.
وقال وزير الإعلام والاتصال الأردني ناصر جودة أن الرفاعي سيترأس وفد بلاده، فيما كان وزير الخارجية صلاح البشير شارك، أمس الأول، في اجتماعات وزراء الخارجية العرب في دمشق.
وفاجأ اليمن المراقبين بتخفيض مستوى مشاركته في القمة العربية إلى نائب الرئيس، ما أثار مخاوف من أن ينعكس ذلك سلباً على المبادرة اليمنية للمصالحة بين حركتي فتح وحماس، علماً أنّ وزير الخارجية وليد المعلم كان قد أعلن، أمس الأول، أنّ القمة تنتظر الرئيس اليمني لشرح هذه المبادرة.
ورأى مصدر عربي إن غياب صالح قد يكون على حساب الملف الفلسطيني، مشيرا إلى أنّ «المبادرة اليمنية قد تفقد بغياب الرئيس اليمني احتضان العرب لها كما كان مأمولاً». واعتبر المصدر أنّ «القضايا الفلسطينية بحاجة إلى التفاف عربي واسع خاصة في ظل تأزم الأوضاع الفلسطينية جراء الممارسات الإسرائيلية، والذي زاد من وطأتها الخلاف الفلسطيني الذي يحتاج إلى تدخل الدول العربية بأسرع وقت ممكن وقبل أن يفوت الأوان»، مضيفة «لا يبدو تعامل بعض الدول العربية مع قمة دمشق منطقياً، ويظهر ميلاً واضحاً لمصالح لا تنسجم مع وحدة الصف العربي».
وأشار المصدر إلى أن «قرار لبنان بالمقاطعة خاطئ وليس في مصلحته والأيام المقبلة ستكشف عدم صوابيته»، مضيفاً أنّه «غير متفائل بانصياع إسرائيل لمبادرة السلام العربية الأمر الذي أصبح يتطلب تحركاً عربياً سريعاً عبر إعادة النظر بإستراتيجية تعاملهم مع مبادرة السلام حتى تحسّن إسرائيل سلوكها وتنصاع للسلام».
وقال دبلوماسي في العاصمة السورية إنّ «الأميركيين عملوا على ضمان وجود تمثيل منخفض المستوى في الفترة السابقة للقمة، وما نشهده الآن هو تأثير متضاعف»، مشيراً إلى أنّ الرياض اتخذت قرارها بتخفيض التمثيل بعد فترة قصيرة من زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إلى السعودية الأسبوع الماضي، فيما أشار دبلوماسيون آخرون إلى أنّ الزعماء العرب حاولوا هذا العام استغلال التهديد بضعف المشاركة في القمة للضغط على دمشق لتعطي الضوء الأخضر لانتخاب رئيس لبناني جديد بشروط مقبولة للحكومة اللبنانية.
واعتبر رئيس دولة الإمارات أن الظروف التي تمر بها الدول العربية تتطلب توحيد المواقف وتعميق التشاور للخروج برؤى وقرارات جماعية لمواجهة التحديات الخطيرة التي تواجهها الأمة العربية في حاضرها ومستقبلها، معرباً عن اعتقاده بأن «الظروف التي يمر بها عالمنا العربي تتطلب توحيد المواقف وتعميق التشاور وبصفة خاصة فيما يتعلق بالأوضاع المأساوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة واستمرار العدوان والحصار الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والوضع في لبنان والعراق وغيرها من المخاطر التي تحيق بالعديد من الدول العربية وتعصف بأمنها واستقراره».
من جهته، قال وزير الدولة المصري للشؤون البرلمانية مفيد شهاب، الذي يمثل القاهرة في اجتماعات القمة، إنّ الرئيس حسني مبارك «أكد منذ فترة على ضرورة تسوية الأزمة اللبنانية قبل انعقاد القمة حتى تكتمل لها عناصر النجاح اللازمة... ولكن مع الأسف لم يحدث ذلك»، نافياً أن تكون مصر قد سعت إلى إفشال القمة، موضحاً أنه لو كانت القاهرة تريد ذلك، «لكانت تجاوبت مع دعوات تأجيلها أو استباقها بقمم أخرى أو سعت لتغيير مكان انعقادها».
ورداً على سؤال حول رضوخ مصر لضغوط أميركية بخفض مستوى تمثيلها في القمة والانحياز للموقف السعودي في هذا الشأن، قال شهاب إنّ «هذا الكلام مرفوض شكلا وموضوعا لأنه غير جدي»، موضحاً أنّ «القرار المصري كان دائما وسيظل قرارا سياديا ونحن لسنا بحاجة لأن نبرهن لأي أحد على ذلك».
وأشار شهاب إلى أنّ «مصر والسعودية لهما مواقف متشابهة في ما يتعلق بالمسألة اللبنانية وحريصان كل الحرص على سد الفراغ الرئاسي وانتخاب الرئيس ثم تشكيل الحكومة وإنهاء الأزمة».
وقال شهاب إن مقاطعة لبنان القمة «قرار سيادي للحكومة اللبنانية»، مضيفاً أنّ القاهرة تتفهم هذه الخطوة، «فلبنان لا يوجد فيه حاليا رئيس للجمهورية، وهو المنوط بحضور القمة، والحكومة لها رأي في هذا الشأن ونحن نحترمه».
من جهته، وصف وزير الخارجية الجزائري مراد مدليسي القضايا المطروحة على القمة بـ«الخطيرة جداً»، معتبراً أنّ «انخفاض مستوى التمثيل ليس هو المعيار الوحيد لنجاح القمة من عدمه، وإنما بما ستتخذه من قرارات».
أمّا وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم فقال إنّ القذافي بذل محاولات لإقناع الرئيس المصري حسني مبارك لاصطحابه معه في الطائرة إلى دمشق للمشاركة في القمة. ورأى شلقم أنّ ما ساهم في تفاقم المشكلة اللبنانية هو الاستقطاب الإقليمي والدولي الذي دخل على الخط اللبناني وأدى إلى تعقيد الملف، محذراً من أنّ «تحويل لبنان إلى دولة فاشلة سينعكس سلبا على الأوضاع بالنسبة لجيرانه والمنطقة العربية ككل، فلبنان غير المستقر سيضعف الموقف العربي».
ووصف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري التمثيل العربي في القمة بأنه كبير وقوي ومميز، مشـيراً إلى أنّ دمشـق تفهمت عدم مشاركة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بسبب الأوضـاع الأمنيـة في البصـرة.
إلى ذلك، أعلنت مديرة إدارة الإعلام في وزارة الخارجية السورية بشرى كنفاني أن «مؤسسة القمة بخلاف ما يدعي البعض هي مؤسسة جدية ويمكن أن تكون ذات نفع عام على الأمة العربية». وقالت إن «قمة دمشق ستتناول طيفاً «واسعاً من الملفات التي تتناول قضايا مركزية للعرب، إضافة إلى ملفات تهم الشارع العربي كمعالجة قضايا الشباب العربي والغلاء وذلك للمرة الأولى في تاريخ القمم العربية».
واعتبرت كنفاني إن «مقاطعة لبنان للقمة كانت متوقعة طالما أن أميركا تقول إنها لا تريد أن تنعقد القمة في دمشق»، مشيرة إلى أن «الأكثرية اللبنانية تنفذ ما تقوله أميركا». وأضافت «إذا قالت الولايات المتحدة لا للقمة، فهل يعتقد أن يقول (النائب وليد) جنبلاط و(رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير) جعجع غير ذلك؟».
وأكدت كنفاني أنّ «القمة مؤسسة عربية لمعالجة القضايا العربية ولبنان جزء من هذه القضايا وسيعالج وضعه في إطار المبادرة العربية التي تقوم على سلة متكاملة أي انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وطنية ووضع قانون انتخابات جديد»، مشيرة إلى أنّ الحجج التي أعلنت للمقاطعة واهية وغير صحيحة وأنّ «من لديه شيء عليه أن يأتي إلى دمشق ويواجه على الملأ وإلا فإن المقاطعة لا توحي بصدقية ما يقولونه».
ورأت كنفاني أنّ «لبنان بغيابه يبدو كأنه يهرب من مواجهة حقائق كثيرة مع الآخرين لأن الكلام في الصحف ووسائل الإعلام سهل، أما في مؤتمر كمؤتمر القمة فيجب أن يقال كلام موثق».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد