قائد الجبهة الشمالية: أخطأنا التقدير... الأسد لن يسقط قريباً
أبدى قائد الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يائير غولان، في مقابلة موسعة مع صحيفة «إسرائيل اليوم»، فرحته بغياب الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه قال إن تقديراته هي بقاء الأسد في القصر الرئاسي طوال العام 2012. ولمّح إلى أن إسرائيل تعتبر نقل سلاح كيميائي إلى «حزب الله» أمراً «لا يسمح لنا بالبقاء جالسين ورؤية ما سيحدث».
وأشار المراسل العسكري للقناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي يواف ليمور، والذي يعمل أيضا معلقاً عسكرياً في «إسرائيل اليوم»، إلى أن الإسرائيليين لا يعلمون كم أن الهدوء على الجبهة الشمالية مضلل، وأن هناك خطر اندلاع مواجهات. وأشار إلى أن أي هجوم على إيران قد يقود إلى تصعيد محتمل على الجبهة الشمالية، لكنه ليس العامل الوحيد. فنقل أسلحة استراتيجية من سوريا إلى «حزب الله» أو وقوع عملية كبيرة قد يشعل حرباً كبيرة.
ويوضح المراسل أن مهمة الجنرال غولان أكبر وأعقد من مهمات قادة الجبهات الأخرى، وأن التحديات لديه أعظم. وغولان صاحب خبرة كبيرة في لبنان حيث قاد اللواء الشرقي التابع لوحدة الارتباط مع لبنان وقد أصيب بجراح على أرضه.
وفي مقابلته مع «إسرائيل اليوم» يكشف غولان أن وسائل قتالية متطورة تتسرب من سوريا إلى لبنان، وأن الأسد لن يسقط قريبا وأنه «حتى ذلك الحين ستــسفك دماء كثيرة». وأشار إلى أن الوضــع في سوريا يحتاج إلى «شهور طويــلة أخرى. وقد قلنا في تشرين الأول من العام الماضي إن الأمر يتطلب حوالــي عام ونصف العــام، وأعتقد أننا أخطأنا في تقديرنا، الأمر يحــتاج وقــتا أطول».
وأضاف غولان أن الأسد «سيبقى أيضا في العام 2013. لكن يتعذر عليه السيطرة على الاضطرابات هناك، وهي أوسع وأشد مما واجه الأسد الأب في السبعينيات والثمانينيات والتي انشغل بها ست سنوات. من جهة أخرى يتعذر جدا على المعارضة أن تتحد. في نهايــة المطاف سيــهزم الأسد بكتلة متراكمة من الفرار من الجندية، من عدم الالتحاق بالتجــنيد، مصاعب اقتصادية، انهيار القيادة العــليا، ولكن هذه السيرورات لا تحدث بيــن عشـية وضحاها».
وأوضح الجنرال غولان أن القيادة السورية حول الأسد «بقيت على حالها. ينبغي أن نتذكر أن هذه قيادة تهرم، وأن ذروتها باتت خلفها. صحيح أنها قيادة مجربة جدا، ولكن من المشكوك فيه أن تملك الطاقة الزعامية لاجتياز مثل هذا التحدي. وحتى هذا أقارنه بما توافر للأسد الأب، الذي كان ليس فقط أكثر إثارة من الأسد الابن، وإنما كان رجاله أكثر شبابا وحيوية، مع نفحة حماسة ثورية. ولذلك فإنني أعتقد أن احتمال انتهاء العصيان الحالي، كما قمع في العام 1982، ليس احتمالا كبيرا».
وقال غولان إن إيران و«حزب الله» غارقان «حتى الرقبة» في ما يحدث في سوريا، وأن الأسد يرى الإيرانيين والصين وروسيا فيرى أن بوسعه احتواء العــزلة الدولية. وأشار إلى أن الأسد يؤمن بأنه باستعــمال القوة، وبذكاء سياسي داخلي، وحــرص على عدم إغضاب الأسرة الدولية أكــثر من اللازم، وإدارة دبلوماسية معــقولة، يمكنه أن يبقى.
وأضاف قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلية أن هناك الكثير من حالات الفرار، بمن فيهم ضباط برتب عقيد وما دون، وأن ذلك يؤثر على تماسك الجيش.
ومن بين الأشياء الأكثر تأثيرا على إسرائيل في الأزمة السورية احتمال تحول سوريا إلى «دولة فاشلة» لأن ذلك سيجعل من الحدود السورية، «حدودا إرهابية». وفي نظر الجنرال غولان فإن «الدولة الفاشلة هي الدولة التي يترعرع فيــها الإرهاب. وعندما أرى عمليات القاعدة في حلــب ودمشق أفهم أن هناك هشاشة سلــطوية. ويحدث هذا اليوم بتعابير حرب أهلية، لكنه يمكن أن يحدث غدا على حدودنا. صحــيح أن تحدي الجيش السوري النظــامي يمكــن أن يغيب من أمامنا، لكنه قد يســتبدل بتحد إرهابي».
ويوجه غولان الأنظار إلى خطر تسرب أسلحة استراتيجية من سوريا مثل «صواريخ بعيدة المدى، طائرات من دون طيار وصواريخ أرض - بحر متطورة، والأهم المخزون الكبير من الأسلحة الكيميائية». ويوضح أن مثل هذه الأسلحة لم تتسرب حتى الآن، ولكن «بسيرورة طويلة المدى فإن الوسائل القتالية الاستراتيجية ستنتقل من سوريا إلى حزب الله. وهيا نتواضع ونفترض أننا لا نعرف كل شيء، وحينها تقديري أنه انتقل إلى هناك أكثر مما نعرف». وشدد على وجه الخصوص على أن السلاح الكيمــيائي هو مــصدر القلـق الأكبر.
وبعد أن يشرح غولان تقديره حول الأوضاع داخل سوريا يقول «سأفرح جدا إذا ذهب الأسد. قطعاً هذا جيد لنا». ويضيف أن «هذا يبشر بأمور عدة. أولا تجاوز قدرات سوريا كخطر على شاكلة يوم الغفران (حرب 1973). وهناك آمال، وليست فقط توقعات غامضة بشأن المستقبل. وأعتقد أنه محظور أن نفقد الأمل في هذا الشأن». وفي رأيه «إذا وصل إلى الحكم نظام سني فيكفي منه أن يكسر محور الشر الإيراني - السوري - اللبناني لنحصل على وضع جديد. من ناحية حزب الله، الأمر يتعلق بمسار نقل الأسلحة الذي أغلق وبمواقع إنتاج تغيب، وبتفهم أنه بات أشد عزلة لأن إيران تبعد عنه ألف كيلومتر شرقا».
وخلص غولان إلى أن «حزب الله» تنظيم إرهابي وأنه لا يمكن اعتباره عنصر استقرار أو كياناً مسؤولاً، فهو «تنظيم إرهابي يحمل على يديه الصراع ويبحث طوال الوقت عن سبل تجسيده». ومع ذلك أوضح أن لدى «حزب الله» من الأسلحة ما «يقض مضاجعنا». وأشار إلى أنه «ليس مهماً فعالية السلاح. فالتنظيم الإرهابي يحارب أيضا من أجل الوعي. وعندما يقول (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله «بعد، وما بعد» فإنه يريد أن يقول إن هذا الـ«بعد» هو أيضا حتى آخر مكان في دولة إسرائيل». وقال إن الهجوم على إيران لا يعني بالضرورة حربا مع «حزب الله» لأن «من المهم لنصر الله أن يبدو عنصرا لبنانيا رغم أنه لا يقدر- ولا يريد - إنكار صلته بإيران، وهو يأخذ إيران بالحسبان. ويتعذر جدا التكهن بالسياسة التي سينتهجها إذا تطلب الأمر منه مواجهة الأسئلة الصعبة الناجمة عن احتكاك المصالح».
وفي كل الأحوال يرى الجنرال غولان أن نصر الله هدف مشروع. وفي نظره «مثل أي جيش يحارب ويحلل المنظومة المعادية، ويبحث داخلها عن نقاط الضعف، من واجبنا محاولة المساس بنقاط الضعف هذه بأشد قوة ممكنة، وليس هناك مقوم في قدرات حزب الله سيكون معفيا من هذا المبدأ، لا وسائل ولا أشخاص».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد