في لقائه بأولمرت: مبارك يرتدي عباءة السادات للفوز بالمعونات

21-11-2007

في لقائه بأولمرت: مبارك يرتدي عباءة السادات للفوز بالمعونات

الجمل: نجحت الضغوط الإسرائيلية والإملاءات الأمريكية الوحيدة الاتجاه في دفع حلفاء أمريكا إلى تكوين معسكر "المعتدلين العرب"، وتبني الأجندة "شبه الليكودية" في السياسة الخارجية العربية، وقد وقع في شباك "المعتدلين العرب" كل من ملك الأردن والرئيس المصري حسني مبارك والملك السعودي، إضافة إلى "شيوخ" الخليج الذين نجحت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في اصطيادهم.
ولكن بعد المواقف الإسرائيلية – الأمريكية الأخيرة إزاء عملية السلام في الشرق الأوسط ومؤتمر أنابوليس، اتضح الخيط الفاصل بين الأبيض والأسود، وعرف جميع المعتدلون العرب أنهم ضلوا الطريق، عندما وقفوا إلى جانب إسرائيل وأمريكا ضد حزب الله اللبناني في مقاومته للعدوان الإسرائيلي.
بادر ملك الأردن (أحد زعماء المعتدلين العرب) عبد الله الثاني بن طلال، بالذهاب إلى دمشق، في زيارة وصفت بالمفاجئة، وكالعادة استقبلته القيادة السورية بما يليق بالضيف العربي، أما الرئيس المصري حسني مبارك، الزعيم الآخر للمعتدلين العرب، فلم يبد حتى الآن أي رغبة في زيارة سوريا.
* السياسة الخارجية المصرية:
السياسة الخارجية المصرية خلال فترة الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، كانت تجسد الطموح الوطني المصري والقومي العربي من أجل التقدم ورفض الظلم، ولم يكن غريباً أن كان الشارع العربي يستمع لخطابات عبد الناصر ويتابع تصريحاته، على النحو الذي جعل من مصر القوة الإقليمية القائدة في المنطقة العربية.
ولكن بعد اتفاقيات كامب ديفيد وخروج مصر من دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي، وركوبها قاطرة التطبيع والتبعية الاقتصادية التي حولتها من دائن إلى مدين، لم تعد مصر تمثل القوة الإقليمية القائدة، وبرغم ذلك ما تزال الحكومة المصرية والرئيس المصري حسني مبارك ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم القوة الإقليمية القائدة على النحو الذي أصبح فيه مبارك لا يجد حرجاً في التصريح نيابة عن الآخرين!!
* حسني مبارك وإطلاق التصريحات "نيابة عن سوريا":
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليوم 21 تشرين الثاني 2007م، تقريراً عن لقاء أولمرت – حسني مبارك في شرم الشيخ، أشار إلى:
• وقف الرئيس المصري إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعلن عن تأييد الحكومة المصرية الكامل لمؤتمر أنابوليس.
• أعلن حسني مبارك عن اعتقاده بأن سوريا سوف ترسل مندوبها إلى أنابوليس.
• أعلن مبارك عن تفاؤله بأن يؤدي إحراز التقدم على المسار الإسرائيلي – الفلسطيني إلى "فتح إمكانية" إحراز التقدم على المسارات الأخرى (وأشار كاتب التقرير إلى أن المسارات الأخرى تتضمن الجولان).
• أعلن مبارك وأولمرت بأن اجتماعهما يأتي في الذكرى الـ30 لقيام الرئيس المصري السابق أنور السادات بزيارة إسرائيل ومخاطبة الكنيست الإسرائيلي.
* ماذا وراء اجتماع أولمرت – حسني مبارك؟
هدف السياسة الخارجية المصرية الرئيسي هو الحصول على المعونات، والمعونات لدى أمريكا، وأمريكا لن تقدم المعونات لمصر إلا بعد موافقة إسرائيل، وإسرائيل سوف توظف هذه المزايا في القيام بعملية ابتزاز للسياسة المصرية.
وبعد فشل الدبلوماسية المصرية في "إقناع إدارة بوش" بأن مصر تقوم بواجبها تجاه أمريكا في المنطقة، تحولت الدبلوماسية المصرية (بعد التقاط إشارة الإدارة الأمريكية التي تعلقت بتجميد مبلغ 500 مليون دولار كانت ستقدم إلى مصر، لو لم تعترض منظمات اللوبي الإسرائيلي) إلى العمل من أجل إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بأن مصر تقوم بواجبها تجاه إسرائيل في المنطقة.
ومن أبرز الإشارات التي تؤكد ذلك، ما ورد في تصريحات الرئيس حسني مبارك، التي أدلى بها في اجتماع شرم الشيخ الأخير، وهي تصريحات يحمل مضمونها الإشارات الآتية:
• إن سوريا لم تعلن حتى الآن موافقتها الرسمية على المشاركة في مؤتمر أنابوليس، وتصريح حسني مبارك بأن سوريا سوف تحضر، القصد منه إقناع الإسرائيليين بأن سوريا سوف تحضر المؤتمر لأن مصر لعبت دوراً في إقناعها!!
• قول الرئيس حسني مبارك بأن إحراز التقدم في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي قد يفتح الباب أمام إحراز التقدم في المسارات الأخرى، هو قول يمهد إلى إغلاق ملف الجولان وترك أمر التفاوض حول هذا الملف على "الآمال" والأبواب التي "يمكن" أن تفتح مستقبلاً.
عموماً، السياسة الخارجية المصرية الحالية، وفق أداءها السلوكي الحالي، هي سياسة يمكن وصفها بأنها كفت عن أن تحمل صفة "خارجية"، وذلك لجهة تناقض هذه السياسة مع أبرز وأهم سمات السياسة الخارجية:
• السياسة الخارجية تهدف إلى خدمة أهداف السياسة الداخلية، ومن الواضح أن تصريحات الرئيس المصري لا تخدم الأهداف الداخلية المصرية.
• السياسة الخارجية تهدف إلى تحقيق أهدافها في البيئة السياسية الخارجية، ومن الواضح أن تصريحات الرئيس المصري لا تساعد البيئة السياسية الخارجية المصرية في تحقيق أهدافها الخارجية وإقناع إسرائيل لكي تقنع الإدارة الأمريكية بإلغاء تجميد المساعدات. بكلمات أخرى، إن سوريا بلد مستقل بسياسته الداخلية والخارجية، ولن يستطيع حسني مبارك الاضطلاع نيابة عن أمريكا وإسرائيل بعملية صنع واتخاذ القرار السوري.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...