عصام عبه جي سينام طويلاً على سفح قاسيون
أمس، سقطت ورقة جديدة من شجرة الدراما السورية على إيقاع هادئ يشبه الحياة التي عاشها عصام عبه جي (1941 -2014) في منطقة المهاجرين عند سفوح جبل قاسيون. هناك، ولد الممثل السوري وعاش طفولته في زمن لم يكن فيه للتمثيل شأن يذكر، ولا يعد اختيار هذه المهنة طموحاً حكيماً. مع ذلك، اختار نجم «باب الحارة» الدرب الصعب في زمن يسخر فيه من التشخيص، ليبدأ رحلته المضنية التي استمرت 73 عاماً قبل أن ينطفئ أمس في دمشق.
بدأ عبه جي بـ «أبو الفنون» حين انضم إلى الفرق المسرحية الهاوية، مروراً بفرق خاصة حتى تمكّن من الانتساب إلى «فرقة المسرح القومي» الحكومية. مع الراحل رفيق الصبّان، سلك درب الاحتراف، فقدم مجموعة مسرحيات عالمية وعربية، منها لشكسبير مثل «الملك لير»، أو لموليير مثل «طرطوف»، ومنها لسعد الله ونوس، مثل «الملك هو الملك». في هذه الأثناء، وجد طريقه إلى إذاعة دمشق، حيث جسّد أدواراً في تمثيليات إذاعية. أما مشواره مع التلفزيون، فقد كان بوابة مختلفة منحته الشهرة والانتشار. البدايات كانت مع سلسلة «مرايا» لزميله وصديقه ياسر العظمة. منذ الجزء الأول سنة 1982 والممثل السوري عُدّ «راكوراً» في العمل. فقد واظب على أداء أدوار كوميدية في لوحاته المختلفة حتى أجزائه الأخيرة. وكان يعتبر أنه مثّل انطلاقته التلفزيونية الحقيقية. منحه هذا العمل فرصة ليؤدي أدواراً متعددة، وكان فخوراً بتجربته هذه. على منوال الكوميديا ذاته، نسج مجموعة أدوار نال فيها قبول الجمهور في «عيلة خمس نجوم» (1993)، و«الدغري» (1992) و«عودة غوار» (1999) و«يوميات مدير عام» (1996). وكان للإعلان التجاري الذي أدّاه مع النجمة سامية الجزائري (صندوق توفير البريد) وقع مختلف على اعتبار أن شريط «الأنيميشن» حقق قبولاً وترحيباً من الجمهور، الذي حفظ كلماته ورددها طويلاً. ولم يغب الراحل عن تجارب تراجيدية خاصة باتت أيقونات في الدراما السورية، مثل «هجرة القلوب إلى القلوب» مع المخرج هيثم حقي، و«نهاية رجل شجاع» مع نجدت أنزور.تقبل التعازي غداً في «صالة الإسعاف الخيري» في شارع الحمراء
وحفظت له مكانته في الأعمال الشامية منذ «الخوالي» مروراً بـ «ليالي الصالحية» و«باب الحارة»، وأخيراً «زمن البرغوث»، الذي كان جزؤه الثاني (2013) آخر أعماله قبل أن يشتد عليه المرض، فيمنعه من مزاولة مهنته. في اتصالنا مع عائلته، لم تتمكن ابنته من السيطرة على نفسها والتوقف عن البكاء. كل ما أخبرتنا به أنه فارق الحياة في منزله في تمام الساعة الحادية عشرة من ظهر أمس، وصلي عليه بعد صلاة المغرب في «مسجد الحبيب بن زيد» في ضاحية قدسيا، ووري ثرى مقبرة «زين العابدين» في حي المهاجرين، حيث ولد. على أن تقبل التعازي في «صالة الإسعاف الخيري» في شارع الحمراء بدءاً من يوم الغد.
النجم أيمن زيدان أعرب عن أسفه لرحيل زميل وصديق قدّما معاً مجموعة من المسلسلات، منها التراجيدية والكوميدية، وكان واحداً من الممثلين الكبار، «لكن ماذا نفعل في مواجهة زمن الخسارات الذي لا يبقي ولا يذر. ويبقى له نقطة مضيئة في تاريخ المسرح القومي هو دوره في مسرحية «العنب الحامض». ويضيف زيدان: «ربما ألفنا الحزن ولم نعد نتأثر كما المعتاد، نتمنى أن نتجاوز هذه المرحلة وتعود سوريا إلى سابق عهدها وان يطيل الله بأعمار كل مبدعيها وفنانيها».
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد