عاصفة «تاريخية» في تركيا: ثلـث الأكـراد مـن التركمـان!

23-08-2007

عاصفة «تاريخية» في تركيا: ثلـث الأكـراد مـن التركمـان!

وسط انشغال تركيا بانتخابات رئاسة الجمهورية، أثار رئيس مجمع التاريخ التركي البروفسور يوسف حلاج اوغلو عاصفة من السجالات، أدت إلى مطالبة البعض بإقالته.
وكان قد عقد، نهاية الأسبوع الماضي، مؤتمر علمي بعنوان «الأفشار في التاريخ والثقافة التركيين»، أعلن حلاج اوغلو خلاله أن 30 في المئة من أكراد تركيا هم من التركمان، وان لا أكراد علويين في تركيا، بل إن الذين يعتبرون انفسهم كذلك، ليسوا سوى أرمن غيروا دينهم نتيجة مجازر العام .1915
ويقول اوغلو إن جميع الأكراد في تركيا من السنة الشافعية، وان العلويين من التركمان، لذا ما من أكراد علويين، موضحا انه كان ثمة في تركيا، في القرن السادس عشر، حوالى 41 ألف عشيرة، بينها 37 عشيرة تركمانية و2280 عشيرة كردية. وتبعا لسجلات «الطابو» العثمانية حينها، فإن العديد من العشائر التي تعتبر نفسها اليوم أنها «كردية» هي في الأصل تركمانية.
ويضيف اوغلو «أنا لا أقول انه لا يوجد في تركيا أكراد، ولكن 30 في المئة منهم من اصل تركماني، و99 في المئة من العلويين من التركمان، و99 في المئة من الأكراد من السنة الشافعيين. وعلى اثر التهجير الذي حدث في العام ,1915 بدأ بعض الأرمن الذين هاجروا إلى مناطق أخرى (داخل تركيا) يقولون عن أنفسهم إنهم علويون أكراد. والعلويون في سيواس وسهول تونجلي هم من أصل ارمني، لكن يجب ألا يعني ذلك أن جميع الأكراد العلويين هنا من اصل ارمني».
وأشار اوغلو إلى أن «انتقال الأرمن إلى العلوية ليس صميميا، فقد واصلوا جهود إنشاء كنائس. كما أن بعض الأكراد المنتمين إلى «حزب العمال الكردستاني» ليسوا مختونين، ويجب التدقيق جيدا في المناطق التي يخرج منها الإرهابيون. وأثبتت الدولة ذلك بيتا بيتا في عامي 1936-1937». ويشدد على أن كل شيء يستند إلى الوثائق ويجب ألا يفهم أن وراء ذلك نزعة عرقية.
وأوضح اوغلو، خلال مؤتمر صحافي قبل يومين، المزيد من آرائه، مشيرا الى انه كان في تركيا مليون ونصف المليون ارمني. وتساءل أين اختفوا؟. وقال «لا شك أن قسما منهم مات لأسباب مختلفة، وقسما طاله التهجير خارج الحدود، لكن قسما منهم غيروا هويتهم طلبا للنجاة، وكانوا يجيبون أنهم أكراد أو علويون». وأضاف أن بين يديه وثائق رسمية تعود للعامين 1936-,1937 تثبت أن ما لا يقل عن تسعين إلى مئة ألف ارمني ارتدوا إلى العلوية والكردية في عشرينيات القرن العشرين، لافتا الى انه يمتلك أسماءهم الأرمنية القديمة وأسماءهم التركية الجديدة، وأين كانوا يسكنون، لكنه رفض الكشف عن هذه السجلات ولن يكشف عنها أبدا. وأطلق على هؤلاء اسم «أرمن الدونمة» على غرار «يهود الدونمة» (كلمة دونمة تعني في التركية «المرتد» أو «المتخلي» عن دينه وليس لها أي معنى متصل بالمكان). وشدد على انه لن يفصح عن عددهم الحالي. ولم تتأخر ردود الفعل على كلام المؤرخ التركي المشهور بنظريات حول قضايا عديدة كانت تثير نقاشات واسعة.
ووصف الكاتب احمد اوميت كلام اوغلو بالهراء وعدم المسؤولية. وقال إن «جذور الأتراك في الأناضول تعود إلى ألف سنة خلت، فيما الأكراد أقدم من ذلك بكثير، واعتبارهم من التركمان هو كأن تحجب الشمس بحفنة من الصلصال. أما مسألة الأكراد العلويين والأرمن، فثمة في أساس العلوية التركية أولئك الذين جاءوا من زاوية احمد يسوي (المدفون في كازاخستان) ومن آسيا الوسطى ولا علاقة لهم البتة بالأرمن. وأستطيع أن أقول إن مثل هذا الكلام انفصالي».
وقال المفكر المعروف باسكين اوران، الذي فشل كمرشح مستقل في الانتخابات النيابية مؤخرا، إن مثل هذا الهذيان سيؤدي إلى إعلان آدم وحواء على أنهما أتراك، وأن القرد الذي يشكل حالة وسطى بين القرد والإنسان واكتشف في اثيوبيا وسمي بـ»لوسي» هو أيضا من اصل تركي، والمسألة كلها تقع في خانة عمليات الصهر التي تعرض لها التركمان والأرمن.
ودعا رئيس كتلة «حزب المجتمع الديموقراطي» الكردي البرلمانية احمد تورك رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، الذي يعين رئيس مجمع التاريخ التركي، إلى إقالة اوغلو المتربع على الكرسي منذ 14 سنة، والحكومة ألا تسكت على هذه المقاربة العنصرية للتاريخ.
وشبه النائب عن «المجتمع الديموقراطي» اقين بردال مقاربة اوغلو بقرارات «حزب الاتحاد والترقي» في سالونيك، معتبرا أنها تلحق الضرر بالسلم الأهلي، وعلى البرلمان فتح تحقيق بذلك.
وتناوب زعماء الجمعيات العلوية في تركيا على انتقاد اوغلو، مشددين على أن لا علاقة له بالتاريخ. ويقول كنعان اقبينار، رئيس إحدى هذه الجمعيات، إن «هويتنا ثابتة منذ قرون ونرفض إظهارنا على أننا إرهابيون». ويقول طوران اثر، امين عام اتحاد العلويين البكتاشيين إن مقاربة اوغلو ليست علمية بل ايديولوجية، فيما اعتبر فرماني التين، رئيس وقف اهل البيت العالمي العلوي، ان اوغلو «محرّض وسنقوم بتظاهرة اذا لم يعزل من منصبه».
ودعت صحيفة «راديكال» العلمانية، في عنوانها الرئيسي، إلى إقالة اوغلو من منصبه، مذكّرة بماضيه في اتهام الكاتب اورخان باموق بأنه عميل لاستخبارات أجنبية، ونفي حدوث «ابادة» بحق الأرمن في العام ,1915 واتهام فرنسا بارتكاب «ابادة» في الجزائر وتراجعه في ما بعد.
إلا أن هناك من دعم اوغلو في موقفه. وقال البروفسور ايهان اقتار إن اوغلو فتح ملفا شائكا، ودعاه إلى مواصلة بحثه حتى النهاية لتعرف الحقيقة كاملة. وكذلك فعل السياسي حسن جلال غوزيل، الذي اعتبر انه لا يمكن تعميم ما جاء به اوغلو ولكن لا يمكن وضع الأكراد العلويين خارج دائرة الانتماء إلى «الأمة التركية»، كما لا يمكن القول إن كل العشائر الكردية غير تركمانية الأصل. وأشار إلى أن هناك محاولات حثيثة ومستمرة لإظهار أن الأتراك ليسوا أكثرية في هذا البلد، واوغلو يسعى علميا لإثبات العكس، مشيدا به كونه من النادرين في جديتهم العلمية في حقل التاريخ.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...