ظاهرة الشيخ عدنان العرعور: هل يقود الثورة السورية حقاً؟
الجمل - عبدالله علي: وجه الشيخ عدنان العرعور انتقادات لاذعة إلى مؤتمر القاهرة وإلى المشاركين به متهماً إياهم بأن نصفهم عملاء للنظام السوري ونصفهم الآخر مرتزقة ركبوا موجة الثورة لمصالح سياسية وشخصية.
وأضاف العرعور أن الكتائب المسلحة هي الأساس، وأن الشعب السوري فرح للاختلافات والصدامات التي حصلت في مؤتمر القاهرة بين المعارضين لأنه يعرف أنهم إما عميل وإما جاسوس حسب قوله.
هذا الانتقاد، الذي ليس الأول من نوعه وإنما سبقته انتقادات ومواقف كثيرة صفع الشيخ العرعور من خلالها مختلف أطياف المعارضة من المجلس الوطني السوري إلى اتحاد التنسيقيات إلى هيئة التنسيق الوطنية، يدفعنا إلى تسليط الضوء على الشيخ عدنان العرعور ودوره فيما يسمى الثورة السورية.
مما لا شك فيه أن الشيخ عدنان العرعور يعتبر ظاهرة فريدة استطاع، رغم الاختلاف على حقيقة تأثيره ومدى تمثيله، أن يصبغ القسم الأكبر مما يسمى الثورة السورية بصبغته الخاصة وأن يضفي عليها نكهته الشخصية حتى أن الكثير من الاشتقاقات المأخوذة من اسمه دخلت في الاستعمال اللغوي اليومي للمؤيدين أو المعارضين على حد سواء بغرض المدح أو الذم بحسب الحال.
وأياً كان الرأي حول تأثير الشيخ العرعور فمن المعروف أنه صاحب وصفة "التكبير" بهدف إسقاط النظام حيث طلب من مؤيديه أن يقوموا بتكبير الله بقول "ألله أكبر" عند منتصف كل ليلة وأن المداومة على هذا التكبير مدة أربعين ليلة كافٍ لإسقاط النظام. وقد التزم المعارضون بهذه الوصفة وقاموا بتنفيذها واستمروا بها رغم مرور أربعين ليلة وعدم سقوط النظام حتى أصبح التكبير سمة من سمات المعارضة السورية بغض النظر عن طبيعتها الليبرالية أو الدينية أو العلمانية.
وبعد وصفة التكبير ابتكر الشيخ العرعور وصفة "الدق على الطناجر" حيث طلب من أنصاره الخروج إلى شرفات منازلهم أو إلى الشوارع وقرع الطناجر لإحداث أكبر قدر ممكن من الضجيج واعداً إياهم أن القرقعة الصادرة عنها لها دور في إسقاط النظام.
وإذا كان ما سبق يدعو إلى الضحك والاستهزاء من قبل المؤيدين الذين طالما سخروا من هذه الوصفات وممن يشارك بها واعتبروها من قبيل الخزعبلات التي تدل على ضعف العقل، فإن المؤكد بحسب الوقائع أن دعوات العرعور كانت تحظى باستجابة واسعة من مختلف أطياف المعارضة لا فرق في ذلك بين معارض علماني أو آخر متدين، وهذا يشير إلى تأثير الشيخ العرعور في نفسيات المعارضين وقدرته على الإيحاء لهم والتحكم بسلوكياتهم بغض النظر عن حقيقة قناعاتهم.
ورغم أن بعض المؤيدين لا يصدقون هذا التأثير للشيخ العرعور ويصفونه بالمهرج المسرحي حتى أن الإعلامي رفيق لطف في إحدى حلقات "خفايا باباعمرو" قال أنه وصل إلى قناعة أن المعارضين يسخرون بين بعضهم البعض بالشيخ العرعور ولا يقيمون له أي وزن لكنهم لا يصرحون بذلك بل بالعكس يحرصون على إبداء الاحترام والتبجيل له.
وبين أنصاره ممن ينتمون إلى تنظيمات دينية كالإخوان المسلمين وغيرها، يعرف الشيخ عدنان العرعور بألقاب مثل "شيخ الثورة" أو "القائد الميداني" وهم يعتبرون أنه ركن أساسي من أركان الثورة وعمودها الفقري وأن توجيهاته وتعليماته هي التي تحرك الأحداث وتأخذها إلى الوجهة الصحيحة بحسب قناعتهم.
أما بين المؤيدين يعتبر الشيخ العرعور رمزاً من رموز التطرف والتعصب الديني وداعية من دعاة الفتنة المذهبية والتحريض الطائفي ومرجعاً لفتاوى القتل والعنف، وذلك استناداً منهم إلى بعض أحاديث الشيخ العرعور التي يهاجم فيها الطائفة الشيعية وقياداتها السياسية في لبنان والعراق وإيران، وكذلك أحاديثه التي تستهتر بنزيف الدماء لاسيما حديثه عن عدم أهمية أن يموت مائة ألف من أبناء حلب وغيرها كثير، إضافة إلى تأييده ودعمه لميليشيات الجيش الحر واعتباره إياه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السورية وثورته الأسطورية بحسب وصفه.
لذلك يبدو من السذاجة أن نختصر ظاهرة الشيخ العرعور تحت عنوان الاستهزاء أو السخرية، فالرجل له أنصار ومريدون وهو من جماعة الإخوان المسلمين التي تقود المعارضة الخارجية ولها الدور الأول في العمليات المسلحة وفي تشكيل الجيش الحر، إضافة إلى أنه استطاع أن يجذب إليه الكثير من المعارضين ممن يصنفون على أنهم علمانيون ويقنعهم بخطابه ويستحوذ عليهم بتأثير كلماته ووصفاته المبتكرة.
والأهم من كل ما سبق، ومما له دلالة على تأثير الشيخ عدنان العرعور وأهميته، ويوجب على المتابع ألا يكتفي برد الفعل الاستهزائي تجاهه، أن الشيخ العرعور يعتبر الشخصية الوحيدة في المعارضة التي لا يجرؤ أي معارض على انتقادها علناً لا انتقاداً سياسياً ولا دينياً ولا حتى شخصياً، وهذا ينسحب على المعارضين كأشخاص أو كهيئات ومجالس. ونذكر هنا أنه عند تأسيس اتحاد تنسيقيات الثورة منذ حوالي عام انبرى الشيخ العرعور ووجه صفعة قوية إلى الاتحاد الوليد عندما سخر منه وقال أنه لا يملك أي تمثيل في الشارع، فالتزم الاتحاد بالصمت ولم يرد على الشيخ بل صار بعد ذلك يتملق إليه عبر بعض أعضائه الذين يتحدثون عبر قناة وصال ولا يقصرون في تبجيل الشيخ وإظهار أقصى درجات الاحترام له ولشخصه وفكره.
وأكثر من ذلك نحن نرى ونسمع ضباط وقيادات في ميليشيات الجيش الحر وهي تبايع الشيخ عدنان العرعور وتعترف بدوره القيادي والتوجيهي ابتداءً من قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد وليس انتهاءً بالنقيب عمار الواوي والمقدم خالد الحمود وغيرهم من ضباط الجيش الحر. فليس عليك إلا أن تستمع إلى مداخلاتهم على تلفزيون وصال بحضور الشيخ عدنان العرعور حتى تكتشف مدى هيمنة الرجل ومدى استحواذه عليهم، فكيف إذا سمعت بأذنك كلمات الولاء والتقدير والتبجيل والتعظيم يتوجه بها لسان ضابط إلى مقام شيخ ويتأكد الأمر عندما تسمع الضابط وهو يطلب توجيهات الشيخ في بعض الخطط العسكرية التي ينوون تنفيذها، فما علاقة الشيخ بالخطط العسكرية؟ وهل يمكن أن يصل الاستحواذ إلى هذه الدرجة فيعتقد الضابط أنه يحتاج إلى موافقة الشيخ لنجاح خطته؟.
في الختام لا يمكننا إلا أن نبدي استغرابنا من ظاهرة الشيخ عدنان العرعور، وأن نتساءل عن الأسباب الثقافية والنفسية التي سمحت له أن يمتطي على صهوة الثورة ويقود مثقفيها ومفكريها وأطبائها ومهندسيها ويقنعهم بخطابه ويستحوذ عليهم بهيمنته الشخصية ويفرض أراءه وتوجهاته عليهم حتى ظهر بمظهر من يقود هذه الثورة ويمسك بدفة سفينتها ويضع نفسه في مكان منها لا ينافسه عليه منافس، ولا أهمية بعد ذلك إن كان هو حقيقةً كذلك أم لا! لأنه ببساطة نجح فيما يصبو إليه وما يريد تحقيقه .... وانطلاقاً من ذلك نعتقد أن انتقاده لمؤتمر القاهرة ووصفه المشاركين به بالجواسيس والعملاء سوف يمر مرور الكرام ولن يجرؤ أي معارض على الرد عليه... فكيف؟ ولماذا؟.
التعليقات
التبجيل الشامل!!!!
حفيد ابورغال
كان للعرعور محبين في بداية
إضافة تعليق جديد