سمعة الرقص الشرقي في الخارج بألف خير
«مهرجان اماني للرقص الشرقي» الذي اقيم للسنة الثانية على التوالي مساء السبت 24 من الشهر الماضي في فندق «ريجنسي بالاس أدما» ضم مجموعة من الراقصات من مختلف الجنسيات الغير عربية, أكّدن ان سمعة الرقص الشرقي في الخارج ما زالت بألف خير!! وعلى عكس ما هي عليه, للأسف, في الوطن العربي. رئيسة المهرجان الفنانة أماني تناولت الفنون التي يتم تدريسها للمشاركات في المهرجان خلال فترة التحضير, وفترة التحضير بكل ما تتضمنه من استعدادات, وشروط الاشتراك وكيفية الاعلان عنها في العالم, وهدف الراقصات الاجنبيات من المشاركة في مهرجان للرقص الشرقي. والأهم, تطرقت لأسباب غياب المشاركة اللبنانية والعربية خصوصاً وان الدول العربية تعتبر «المصدّر الاول» للرقص الشرقي الى العالم.
محاور كثيرة ومتنوعة اضاءت عليها الفنانة أماني في هذا اللقاء:
€ ما هي الفنون التي يتم تدريسها للمشاركات خلال فترة التحضير للمهرجان؟
هذا المهرجان مختلف عن غيره من مهرجانات الرقص الشرقي التي تقام في انحاء العالم, فهو يقدم مواد اكاديمية حول مختلف فنون الرقص وكيفية ادائها على المسرح تحت اشراف اساتذة متخصصين, ومن الفنون التي يتم تدريسها: الرقص الشرقي الكلاسيكي الذي احاول نشره في العالم, الفولكلور اللبناني, ومنه الدبكة بنوعيها اللبنانية الاصيلة والبدوية, اضافة الى الدبكة «تكنو», والرقص البدوي, والرقص الايراني البندري, والرقص الاندلسي, والرقص الشرقي الممزوج بالسامبا, والرقص القبلي الذي يجمع بين الشرقي والهندي, والفلامنكو. هذا الى جانب تعليمهم كيفية استنباط حركات الرقص الشرقي من الموسيقى, وتحويلها من حركات بسيطة الى حركات تعبيرية, وكيفية ترجمة الحياة الاجتماعية على المسرح لاستخراج الايقاع من الجسم وكل ذلك من خلال الشخصية والحضور.
€ ماذا عن فترة التحضير التي تسبق المهرجان؟
يتم التحضير للمهرجان طوال السنة لكن فترة التدريب التي يتم خلالها تدريس مختلف الفنون هي ستة ايام وخمس ليال وصولا الى ليلة المهرجان, حيث تبارت احدى عشرة راقصة تم اختيارهن من بين كل المشتركات في المسابقة, وقدمن لوحات راقصة امام الحضور وامام اللجنة الحكم التي اختارت الفائزات بالمراتب الاولى والثانية والثالثة. إلا ان كل المشتركات في المسابقة اللواتي بلغ عددهن تسعين راقصة تقريباً حصلن على شهادات تخرّج وهي مصدّقة من وزارة الشباب والرياضة ووزارة الثقافة في لبنان.
€ ما هي شروط الاشتراك بالمهرجان؟ وكيف يتم الاعلان عنه في دول العالم؟
انا اسافر الى الخارج منذ اكثر من عشر سنين, واتولى تدريب فنون الرقص الشرقي, ولدي في معظم دول العالم ممثلون وممثلات عن المهرجان, اتواصل معهم لاختيار المشتركات, وذلك عن طريق ارسال السيرة الذاتية لكل مشتركة قبل قدومها الى لبنان. ويشترط ان تكون راقصة محترفة في بلدها او على طريق الاحتراف.
€ طالما ان الراقصات على مستوى جيد من الاحتراف, إذاً ما هو هدفهن من المشاركة في المهرجان؟
المشتركات يهدفن الى اكتساب أصول الرقص الشرقي, وهن يحاولن اتباع النمط الذي اسعى الى نشره حول العالم بهدف نقل الرقص الشرقي من المستوى التجاري الى مستوى المسرح الاستعراضي, خصوصاً وانني احرص على تثقيفهن بتاريخ الرقص الشرقي والتعمق بأصوله ومبادئه.
€ لماذا لم نرَ مشاركة لبنانية او عربية في هذا المهرجان, خصوصاً وانه يقام في لبنان, البلد الذي يعتبر من «الدول المصدرة» للراقصات الشرقيات؟
المهرجان يركز على استقطاب الاجنبيات, وذلك لتعريفهن على الاساتذة اللبنانيين اولاً, ولنشر الرقص الشرقي الراقي في انحاء العالم.
€ الرد غير مقنع. لأن ما قلته لا يمنع من تخريج فتيات لبنانيات من مدرسة اماني؟
بصراحة.. الراقصة اللبنانية تشعر انها ليست بحاجة لتتعلم أصول الرقص الشرقي من أحد, حتى ولو كان اكثر خبرة منها اضافة الى انني ارفض استقبال اي راقصة من بين المستويات الموجودة اليوم على الساحة المحلية, لأنهن لا يهدفن الى الفن, بل لديهن اهداف تجارية ومادية, وكل واحدة من هؤلاء تسعى لتغطية تلك الاهداف بستار الرقص, مدعية انه «رقص شرقي». وهذا افتراء على حقيقة فن الرقص الشرقي.
€ إذاً انت غير راضية عن اداء الراقصات اللبنانيات الموجودات على الساحة اليوم؟
انا لست ضد اي واحدة منهن, لكنني لن استقبل اي راقصة للمشاركة في المهرجان ما لم تحسّن اداءها وسلوكها على المسرح, لأنني ارفض تحويل الرقص الشرقي الى حركات اغراء وابتذال اثناء العرض. بالمقابل, فان اللواتي يشاركن في المهرجان مثقفات ومتعلمات وجامعيات الى درجة انهن يتكلفن مبالغ ليزدن من احترافهن وثقافتهن عن الرقص الشرقي.
€ هل تعتبرين هذا المهرجان استثماراً لسمعة السياحة اللبنانية في الخارج؟
في كل سنة, نخصص يوماً كاملاً نرافق فيه المشتركات بجولة على الاماكن السياحية في لبنان ليتعرفن على المعالم الاثرية والتاريخية, وللاطلاع على الحضارات المتنوعة التي تركت بصماتها على ارض لبنان. في السنة الماضية وبعد المهرجان الاول, كتب عن لبنان بتسع لغات مختلفة في اكثر من اربعين بلداً حول العالم, وأهم ما انجزه المهرجان على الصعيد السياحي, كان كسر حاجز الخوف بين لبنان والخارج بنسبة 50 بالمئة, لأن الاخبار التي تتناقلها وسائل الاعلام العالمية شوهت الكثير من الحقائق عن طبيعة لبنان وواقع الأمن والاستقرار فيه, الى درجة ان الكثيرات من المشتركات من اوروبا ودول شرق آسيا أحسسن بالأمان والطمأنينة والحرية في لبنان اكثر من اوطانهم, وقد عبّرن عن ذلك في احاديثهن لصحافة بلدانهن.
€ ما الذي اختلف بين المهرجانين الاول والثاني؟
في السنة الاولى, حقق المهرجان نجاحاً كبيراً على الرغم من الاحداث الاليمة التي مر بها لبنان خلال العام 2005. وفي هذا العام كذلك, ومع كل الازمات السياسية التي عصفت بلبنان, فإن اعداد المشتركات زادت. لكن لا اخفي ان الحوادث الاخيرة التي عرفها لبنان, مثل حادثة الخامس من شباط €فبراير€, وترددات احداث العرض التلفزيوني الكوميدي الانتقادي «بس مات وطن», وغيرها, اثرّت سلباً, اذ كنا بانتظار 27 مشتركة من السويد, لكن لم يصل منهن سوى خمسة فقط, وكذلك الغت بعض المشتركات القادمات من بلغاريا حجوزاتهن.
€ هل يتم تحديد الاعداد التي يجب استقبالها مسبقاً؟
طبعاً. فهناك عدد محدود لا يسمح بتجاوزه وذلك لنضمن التواصل مع كل مشتركة في خلال فترة المهرجان, ولتستوعب كل المشتركات الدروس التي تعطى.
€ من الذي اهتم بتصميم لوحات الرقص وازياء الرقص في ليلة المهرجان؟
اللوحات الراقصة والازياء في ليلة المهرجان كانت شرقية مئة في المئة لأن هذا من شروط الاشتراك, لكن كل مشتركة حضّرت اللوحة والزي بنفسها.
€ وكيف تعاملت الصحافة اللبنانية والعربية مع هذا الحدث السنوي؟
انني اتقبل النقد البنّاء لأن رأي الصحافة يعبّر عن شريحة كبيرة من الناس, واعتقد ان الصحافة قد فهمت الهدف الاساسي من المهرجان, وقد حظي باهتمام كبير من الكثير من وسائل الاعلام.
€ هل من افكار جديدة سيتم ادخالها على المهرجان في السنة المقبلة؟
لدي افكار كثيرة لتطوير المهرجان, لكنني لن اعلن عن شيء في الوقت الحاضر «لأن اخبار البلد ما بتطمن» ولذلك افضل التريث.
€ بعيداً عن المهرجان, اين انت اليوم من الاعمال الخاصة؟
انا اسافر كثيراً الى الخارج, واقدم لوحات ومهرجانات راقصة مع فرقتي «وألبي دعوات للمشاركة في مهرجانات للرقص الشرقي, واعطي دروساً في الرقص الشرقي. حالياً, هناك طلب متزايد من الخارج, واقبال كبير على الرقص الشرقي.
€ اليوم, هناك ظاهرة المغنيات الراقصات اللواتي يعتمدن على حركات الاغراء في الحفلات في وقت يفتقدن فيه للصوت الجيد, فهل تعتبرين هؤلاء سبباً في تراجع الطلب على حفلات الرقص الشرقي الحقيقي؟
هذه الفوضى الحاصلة هي بسبب الضائقة الاقتصادية, ولكنها لا تستطيع ان تلغي الرقص الشرقي الاصيل, ولا حتى ان تقلل من جماهيرية المطرب الناجح.
ممم
لا يكتمل الحديث عن مهرجان الرقص الشرقي ما لم نفصّل الكلام عن اختيار الموسيقى التي رقصت عليها المشتركات, لذلك كان الحديث مع مدير اعمال أماني, الموسيقي الفنان علي رضا, فكان معه اللقاء الآتي:
€ كيف تم اختيار المقطوعات الموسيقية التي رقصت عليها المشتركات في ليلة المهرجان؟
عندما كنا نحضر لاختيار المشاركات في المسابقة, كنا نطلب من كل واحدة ان ترسل لنا الموسيقى التي سترقص عليها, وقد اشترطنا ان تكون شرقية اصيلة وان تعبّر عن التراث والفولكلور العربي.
€ لاحظنا ان الالحان التي رافقت المشتركات في لوحاتهن الراقصة ومنها الحان للموسيقار محمد عبد الوهاب وغيره من كبار الفنانين العرب, قد تم إعادة توزيعها, فمن الذي تولى هذا الامر؟
هذه المقطوعات الموسيقية تمت إعادة توزيعها في الخارج وقد احضرت كل مشتركة اللحن الذي سترقص عليه, فكنت اسمعه واجري عليه تصحيحاً وتعديلاً اذا دعت الحاجة الى ذلك.
€ من بين هذه المقطوعات الموسيقية, هل كان هناك ما تم المزج فيه بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية؟
نعم, فهناك مثلاً مقطوعة تم المزج فيها بين الايقاع الشرقي والايقاع الهندي. المشاركات حاولن «عولمة» الرقص الشرقي, وليس فقط الموسيقى الشرقية, فمنهن من أدخلت الفلامنكو والاسباني في لوحتها الراقصة, واتوقع انه خلال عشر سنين او ربما اقل, سنكون امام مادة رقص شرقي جديدة, هي نتيجة تداخل مختلف الحضارات الموسيقية مع حضارات الشرق.
€ هل هناك تقارب بين موسيقى الحضارات الشرقية وموسيقى اي حضارة اخرى؟
لكل موسيقى في العالم طابعها الخاص. فالموسيقى الشرقية لا تشبه غيرها, وانما يمكن القول ان الموسيقى اليونانية والتركية قريبة منها.
€ وهل يتم تعريف المشتركات بمقامات الموسيقى الشرقية, وتثقيفهن بذاكرة الالحان الشرقية الاصيلة؟
تتولى الفنانة أماني هذه المهمة بنفسها, فهي تشرح لهن نظريات الموسيقى الشرقية, والاختلاف بين الايقاعات, وحالياً, هي بصدد التحضير لـ CD يتضمن مجموعة من الايقاعات التي تشكل اساس الموسيقى الشرقية ليكون بمتناول المشتركات في المهرجان القادم.
€ من خلال تعاملك مع المشتركات منذ وصولهن الى لبنان والى حين عودتهن الى بلادهن, هل لمست لديهن اطلاعاً على الاسماء الكبيرة في تاريخ الرقص الشرقي؟
انهن يعشقن الراقصات الشرقيات, من أمثال نعيمة عاكف وسامية جمال وصولا الى نجوى فؤاد وناديا جمال, وذلك من خلال متابعتهن للافلام القديمة. والاغرب من ذلك ان البعض منهن لديهن مقطوعات موسيقية تفتقدها المكتبات الموسيقية العربية. باختصار, انهن ينظرن الى الرقص الشرقي على اساس انه تجسيد لصورة المرأة الشرقية في مخيلتهن هي «المرأة الملكة».
اقفلنا آلة التسجيل, حيث راح الفنان علي رضا يخبرنا عن رغبة المشتركات في القيام بحملة اعلامية على مستوى عالمي, وذلك لتصحيح النظرة السائدة في العالم العربي تجاه الراقصة الشرقية. وقد اصر هذا الفنان الموسيقي, وهو في الوقت ذاته من يتولى ادارة اعمال الفنانة أماني, ان يروي لي ما حدث معه, وقد استأذنته بنشر التفاصيل نظراً لأهميتها. قال:
في أحد الايام, طلبت منه مجموعة من المشتركات ان يرافقهن لمشاهدة استعراضا لراقصة لبنانية, فما كان منه إلا ان دعاهن الى واحد من أفخر المطاعم اللبنانية التي تقدم استعراضاً شرقياً. لكن إحدى المشتركات, وكانت من جنسية ايطالية, لم تتحمل رؤية الراقصة اللبنانية وهي تقدم حركات ابتذال امام الحاضرين مدعية انه رقص شرقي, فصرخت بوجهها قائلة «Get Out» €اخرجي من هنا€. فهذه الايطالية لم تتمالك نفسها لأن الراقصة اللبنانية, وللأسف, كانت تسيء الى سمعة الرقص الشرقي من خلال تعمدها تقديم حركات فيها ابتذال في حين ان الغرب ينظر الى الرقص الشرقي على انه من ارقى الفنون الابداعية.
ولعل هذه الحادثة تطرح امامنا تساؤلات كثيرة, ربما اهمها, هل ان «العيب» في الرقص الشرقي, ام في مَن يقدمن الرقص الشرقي؟!
رويدا مروة
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد