دمشق وباريس تشددان على رئيس توافقي للبنان
راوحت الأزمة السياسية اللبنانية في منطقة “التفاؤل الحذر” بشأن ملف انتخاب رئيس جديد، مع انتقال الملف إلى دمشق في معاودة المساعي الأوروبية لبحث الاستحقاق مع القيادة السورية اليوم، بعدما كان الملف نفسه حاضراً أمس بين القيادة السعودية والموفد الفرنسي جان كلود كوسران الذي سوف يلتقي اليوم في دمشق المسؤولين السوريين، وينتقل بعدها لبحث الملف نفسه مع القيادة الإيرانية. وذلك في وقت وصلت المبادرة التي أطلقها البطريرك الماروني نصر الله صفير للوصول إلى توافق ماروني داخل جناحي الموالاة والمعارضة إلى ما يشبه “التعثر” لناحية الوصول إلى ما يشبه لائحة أسماء متوافق عليها، وخصوصا بعد إعلان رئيس اللجنة الرباعية المارونية المطران سمير مظلوم بعد اجتماع اللجنة الأخير أمس، بعد شبه اجتماعات متتالية، عدم التوصل إلى الأسماء المرشحة التوافقية، بسبب تقويض اللجنة، وعدم تخويلها البحث في لائحة الأسماء.
وقال المطران إن الأمر من مسؤولية القيادات السياسية لموارنة الموالاة والمعارضة، وإن اللجنة سوف ترفع توصياتها إلى البطريرك صفير، ليأخذ على ضوئها ما يراه مناسباً لجهة دعوة الأقطاب الموارنة إلى لقاء موسع تحت رعايته، أو عدمها، مع ترجيح عدم اتجاه البطريركية المارونية لجهة الدعوة إلى اجتماع قيادي مسيحي على مستوى الصف الأول، خشية فشل اللقاء نتيجة انعكاس التشنج السائد بينها، والذي لم يخفف منه اللقاء بين النائب المعارض ميشال عون والرئيس الأسبق أمين الجميل من الموالاة، وبالتالي تأثير ذلك سلباً في الدور المنوط بالبطريركية المارونية في ملف الاستحقاق الرئاسي.
وفي دمشق، قالت مصادر رسمية إن زيارة كوسران ولقاءاته المرتقبة مع المسؤولين السوريين تندرج في إطار الانفتاح الفرنسي السوري، بعد المكالمة التي تلقاها أول أمس وزير الخارجية وليد المعلم من نظيره الفرنسي برنار كوشنير، وجرى فيها بحث تطورات الأوضاع في لبنان والجهود الأوروبية العربية من ألا يقع لبنان في محظور الفراغ الدستوري. وأضافت المصادر أن دمشق عند موقفها الثابت في دعم أي اتفاق بين اللبنانيين على انتخاب رئيس توافقي، ووفقا للأصول الدستورية ووحدة اللبنانيين.
وحسب هذه المصادر، فإن الجهود العربية والأوروبية تصطدم بالمواقف الأمريكية المتعنتة، وهذا بات جليا لكل الجهات التي تبذل وساطة، ونفت المصادر وجود سوء تفاهم بين مصر وسوريا حول الموضوع اللبناني.
وذكرت (سانا) أن المعلم تلقى اتصالا هاتفيا أول أمس من نظيره الفرنسي برنار كوشنير شددا فيه على “أهمية التوصل إلى اتفاق بين اللبنانيين على رئيس توافقي، ووفقا للأصول الدستورية”، وأضافت أنهما أكدا أيضا “ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق هذا الهدف بما يضمن وحدة اللبنانيين”.
وسُجل الليلة قبل الماضية “خرق كبير” من على خط العلاقة بين الجميل وحزب الله، والتي كانت شهدت قبل فترة بعض التشنج. وتمثل الخرق في استقبال الجميل النائب حسن فضل الله موفداً شخصياً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وكان الأبرز في اللقاء هو ملف الاستحقاق الرئاسي، وتوافق الطرفين على ضرورة التوافق الداخلي في شأنه.
وذكر بيان عن مكتب الجميل أنه جرى في اللقاء مع النائب حسن فضل الله تقويم للعلاقة بين حزب الله والجميل “من أجل استمرار التواصل لمعالجة الأزمة السياسية الراهنة”.
وجدد رئيس التيار الوطني الحر المعارض النائب ميشال عون إعلان رفضه لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بنصاب نصف أعضاء مجلس النواب زائداً واحداً، وقال إن وصول رئيس كهذا إلى سدة الرئاسة سيكون بمنزلة انقلاب، وسيكون على المعارضة أن ترد عليه بانقلاب مماثل.
وفي كلمة له أمام وفد شعبي من منطقة عاليه زاره أمس، أجرى عون قراءة تاريخية للواقع المسيحي في لبنان منذ سبعينات القرن الماضي، وتناول اغتيال القيادات المسيحية من الصف الأول، بدءاً من الوزير طوني فرنجية إلى الرئيس رينيه معوض وما شهدته التسعينات من حروب إلغاء، وصولاً إلى 2005 الذي كانت ظروفه ملائمة لإعادة الاعتبار للحضور المسيحي، لولا أن تم استهدافه بإعادة اعتماد قانون العام 2000 الانتخابي الذي همش التمثيل المسيحي في مجلس النواب وفي الحكومة على حد سواء، على حد قوله.
وطالب عون بالعودة إلى الحلول الدستورية عبر حكومة انتقالية تؤمن قانوناً جديداً للانتخابات المبكرة، أو من خلال اعتماد الانتخابات الرئاسية من الشعب مباشرة، وإذ رفض تعديل الدستور لمصلحة فرد بعينه فقد أكد أنه لن يقبل بحكومة جديدة مثل الحكومة الحالية لا يتمثل فيها المسيحيون والشيعة بصورة عادلة، وقال إن أي محاولة لإلغاء طائفة لبنانية من معادلة السلطة هي إلغاء للبنان بأكمله.
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد