دمشق لا تنتظر انتهاء جنيف: حكومة جديدة وفقاً للاستحقاق الدستوري
سيجتمع أعضاء مجلس الشعب (البرلمان) الجديد الـ250 خلال الأسبوعين الأولين من أيار المقبل، لتشكيل لجان المجلس التقليدية، ولانتخاب رئيس للمجلس ونواب له، استهلالاً لبدء الدور التشريعي الثاني، ولاحقاً سيلقي الرئيس السوري بشار الأسد كلمة موجّهة للأعضاء الجدد كما جرى العُرف، يعطي فيها المجلس توجيهاته، ويعلن انطلاق عمله رسمياً.
ووفقاً لما علمنا فإن تغييراً حكومياً سيجري قريباً مع بدء الدور التشريعي الثاني، بشكل يسمح للقيادة السورية بالقول إن عملية التغيير «أخذت بعدَيْها التشريعي والتنفيذي»، وكل ذلك وفقاً لـ «المسار الدستوري» النابع من أجندة دستور العام 2012.
ووفقاً لما نقلته مصادر عالية المستوى فإن مصطلح التغيير يعني عموماً «التغيير من الرأس نزولاً»، وهو ما يعني إمكانية استبدال رئيس الوزراء الحالي وائل الحلقي مع وزراء آخرين بشكل موسّع، وإن كان موضوع الحسم في هذا الاتجاه لم يتبلور تماماً بعد، في ظل الإقرار بصعوبة إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية في الوضع الراهن، وهو ما يترك احتمال إجراء تعديل موسّع قائماً، وإن بشكل خجول.
وتتعرّض الحكومة لانتقادات كبيرة، من بينها عجزها على معالجة الوضع الاقتصادي، وضبط الفوضى العارمة في هذا القطاع، إضافة لموضوع الفساد، وكل ما يترتب من نتائج عن آثار الحرب.
ويعترف كثير أنه وبالرغم من أن بعض الانتقادات الموجّهة للحكومة «هي في محلها»، إلا أن ما في مقدور حكومة أخرى أن تفعله يبقى «محدوداً هو الآخر، بفعل تأثيرات القوى الناتجة عن حالة الحرب القائمة».
وكما جرى في الانتخابات التشريعية، التي جرت في 13 نيسان الحالي وفقاً للاستحقاق الدستوري، بشكل تجاهل «العملية السياسية» الجارية في جنيف، فإن التغيير الحكومي سيجري في الوقت الذي يتمّ فيه تداول فكرة «حكومة وطنية موسّعة» من قبل الجانب الرسمي السوري، كنتيجة من نتائج العملية التفاوضية برعاية أممية في جنيف.
وبنظر المصدر ذاته فإن ما يجري في جنيف «مسار آخر مرتبط بعوامل مختلفة دولية وإقليمية»، و «ربما يحتاج وقتاً طويلاً»، في ما تقوم به الدولة في سوريا «هو تطبيق الأجندة الدستورية وفقاً للاستحقاقات المحلية حصراً».
وبالرغم من «الانطباع بأن جنيف يتعثر، وظروف التسوية غير ناضجة بعد»، إلا «أن الإيمان بالتسوية السياسية لا يجب أن يغني عن متابعة العمل المؤسسي الداخلي». ويُراد أن تبدو عمليتا التغيير بمثابة تجديد في المؤسستين الأهم على المستويين التشريعي والخدمي، بشكل يُعطي انطباعاً مشجعاً إزاء محاولات تحسين الأوضاع المعيشية السيئة للغاية في البلاد، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة.
ويعتقد أن التغيير المقبل سيركز على الوزارات الخدمية والاقتصادية التي على تماس يومي مع حياة المواطن، علماً أن ظروف تردي الوضع المعيشي مرتبطة بالحرب بشكل رئيسي وبالهبوط القياسي لمستوى العملة، والتي تراجعت لأسباب مختلفة من 80 ليرة للدولار الواحد في خريف العام 2012 إلى 510 ليرات راهناً، إضافة لاتساع هوامش الفساد والغنى السريع مترافقاً مع تعمّق الفقر الشديد، من دون أن يتراجع معدل المضاربات المالية الممنوعة، وتهريب العملة الصعبة خارج البلاد.
وتسلّم الحلقي (مواليد درعا العام 1964) رئاسة الحكومة بدلاً عن رياض حجاب الذي فرّ خارج البلاد وهو على رأس عمله، ويشغل الآن موقع المنسق العام لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» التابعة لمعارضة الرياض، والتي للمفارقة تفاوض بشكل غير مباشر وفد الحكومة في جنيف.
وطرأت تعديلات عدة على حكومة الحلقي، شملت وزارات اقتصادية وخدمية. وكلف الرجل بإعادة تشكيل حكومته في آب منذ عامين. والحلقي يشغل مرتبة عليا في «حزب البعث»، كما هو متوقع من الذي سيحلّ محله، في حال تم استبداله.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد