تقارب العملاقين الروسي والصيني: مناورات بحرية وتفاهم بشأن أوكرانيا وسوريا
في الوقت الذي تشهد فيه علاقات روسيا والصين توتراً مع الولايات المتحدة، وتواجه بكين خلافات بحرية مع جيرانها مثل فيتنام واليابان والفيليبين، اجتمع الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة بينهما في شنغهاي أمس، حيث أطلقا مناورات بحرية مشتركة، واتفقا على ضرورة حل أزمتي أوكرانيا وسوريا بالحوار، لكنهما فشلا في توقيع اتفاق ضخم لتوريد الغاز الروسي إلى الصين.
ورحب شي جين بينغ بحرارة بزيارة بوتين لحضور "القمة الرابعة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا". وأوضح الرئيس الصيني أنه سيوقع بياناً مشتركاً "جوهرياً" مع نظيره الروسي يهدف إلى توسيع أطر التعاون في كل المجالات وتنسيق الجهود الديبلوماسية لتقوية شراكة التعاون الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، مشيراً إلى أنهما سيشهدان توقيع عدد من اتفاقيات وعقود التعاون المهمة، وأن "زيارة بوتين الحالية ستكون مثمرة للغاية".
من جهته، وصف بوتين الصين بأنها أكبر شريك تجاري لروسيا، موضحا أن "حجم التجارة البينية وصل إلى قرابة 90 مليار دولار العام الماضي". وأشاد بقوة الدفع السليمة للتجارة البينية هذا العام، معرباً عن اعتقاده أن حجم التجارة الثنائية سيصل إلى مئة مليار دولار بحلول العام 2015. وحث على إقامة تعاون وثيق في مجالات الطيران والفضاء والإنتاج الصناعي والطاقة والثقافة.
واعتبر بوتين أن التعاون الصيني - الروسي، بما فيه التعاون في الأمم المتحدة، قد أصبح عاملاً مهماً في السلام والاستقرار العالميين. كما حث كلا البلدين على تقوية التنسيق بينهما في "منظمة شنغهاي للتعاون".
وحصل بوتين على دعم شي جين بينغ في قضيتي أوكرانيا وسوريا. وأعلنا، في بيان مشترك، أن "روسيا والصين تشجبان محاولات التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، وتؤيدان الحكومة السورية والمجتمع الدولي في مسعى تخليص سوريا من الأسلحة الكيميائية، وتدعوان إلى حل الوضع الإنساني في سوريا".
وبشأن قضية أوكرانيا، عبّر الزعيمان "عن قلقهما إزاء استمرار الأزمة السياسية الداخلية في أوكرانيا، ويدعوان إلى حلها وضبط النفس والبحث عن حلول سياسية سلمية للمشاكل". وأضافا أن "روسيا والصين تدعوان كل الأقاليم الأوكرانية والمجموعات السياسية والاجتماعية لبدء الحوار، ووضع نظرية لتطور البلاد الدستوري تتضمن احترام حقوق المواطنين".
وأكدا أن "روسيا والصين ستتصديان لأي تدخل في الشؤون الداخلية للدول". ودعوَا إلى "التخلي عن لغة العقوبات الأحادية الجانب، وتمويل أو تشجيع النشاطات الرامية إلى تغيير النظام الدستوري في أية دولة أو إلى جرها إلى اتحادات متعددة الأطراف أو أحلاف".
واتفق بوتين والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على "ضرورة تسوية الأزمة في أوكرانيا بالطرق السياسية، وعن طريق الحوار الشامل". كما بحثا "الوضع في سوريا وإمكانية التسوية السياسية في البلاد، وإيجاد حلّ للمشاكل الإنسانية التي يعاني منها اللاجئون".
وأطلق الرئيسان الصيني والروسي مناورات بحرية مشتركة قبالة شنغهاي، في مراسم حضرها عدد كبير من الضباط من سلاحي البحرية في البلدين، وهم يرتدون الزي الرسمي الأبيض.
وأعلنت بكين أن التدريبات، التي تستمر أسبوعاً في بحر الصين الشرقي، تستهدف "تهديداً بحرياً محتملاً"، وتشتمل على تدريبات بالذخيرة الحية.
وفي هذا السياق، قال شي جين بينغ إن التدريبات تظهر "التصميم والإرادة القويين للصين وروسيا لمواجهة التهديدات والتحديات معاً لحماية الأمن والاستقرار الإقليميين"، فيما أكد بوتين أنه يأمل أن "يقوي الجيشان التعاون بينهما في ظل الوضع الجديد".
وستبدأ المرحلة الناشطة للمناورات في 23 و24 أيار الحالي، حيث سيتم تدريب الأفراد على الدفاع عن سفن راسية ومرافقة سفن وبواخر، وتحرير سفينة مختطفة والكشف عن أهداف تدمرها وسائل الدفاع الجوي. كما انه من المخطط توجيه ضربات مشتركة إلى أهداف بحرية ومكافحة الغواصات، وإجراء عمليات البحث والإنقاذ واستخدام الأسلحة في البحر.
وتشارك في المناورات 12 سفينة، بما فيها طراد "فارياغ" الحامل للصواريخ وسفينة مكافحة الغواصات "الأميرال بانتيلييف"، ومدمرة "بيستري"، وسفينة الإنزال الكبيرة "الأميرال نيفيلسكي"، والناقلة البحرية "إيليم"، والقاطرة البحرية "كالار" من الجانب الروسي، وثلاث مدمرات وسفينتان للحراسة وسفينة للإمداد من الجانب الصيني. كما تشارك في المناورات قاذفتا القنابل "سو أم كا 2" الروسيتان، ومروحيات روسية من طراز "كا 27" وبعض الطائرات الأخرى.
وقرر الرئيسان الروسي والصيني تنظيم مناورات بحرية مشتركة أخرى العام المقبل، وذلك لمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ70 للانتصار على النازية. يذكر أن هذه ثالث تدريبات عسكرية بحرية مشتركة بين البلدين بالقرب من السواحل الصينية، بحسب الإعلام الصيني.
وفي ما يتعلق بالاتفاقيات، تم توقيع اتفاقية بين مؤسسة صناعة الطائرات المتحدة "أواك" الروسية وشركة الطائرات التجارية الصينية "كوماك"، للبدء قريبا بتطوير طائرة مدنية ضخمة للمسافات البعيدة.
وقال رئيس "أواك" الروسي ميخائيل باغوسيان إن "المشروع أحد أضخم المشاريع في مجال الطيران، ومن المخطط أن تتمكن الطائرة المزمع تصنيعها من السيطرة على حصة كبيرة في سوق الطيران الروسية والصينية، متجاوزة حصة شركتي بوينغ وإيرباص".
إلا أن هذا الاتفاق، لم يمنع البلدين من الإخفاق مجدداً في توقيع اتفاق لتوريد الغاز بقيمة 400 مليار دولار. وقال متحدث باسم الرئيس الروسي إن مفاوضي البلدين لم يتمكنا من التغلب على خلافاتهما بشأن السعر، وهو ما يعني أن العقد لم يوقع خلافا لتوقعات كثيرين في صناعة الطاقة.
وكانت هناك توقعات كبيرة بأن زيارة بوتين للصين ستهيئ المجال أمام الجانبين لتوقيع عقد تورد بمقتضاه شركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة 38 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً لمدة 30 عاماً إلى شركة البترول الوطنية الصينية "سي أن بي سي". ومن المتوقع أن يتضاعف استهلاك الصين من الغاز إلى أكثر من المثلين بين العامين 2014 و2020.
وكالات
إضافة تعليق جديد