تفاصيل وساطة عمرو موسى بين الفرقاء اللبنانيين

11-01-2008

تفاصيل وساطة عمرو موسى بين الفرقاء اللبنانيين

فاجأت المعارضة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من حيث لم يكن ينتظر، فإذا بتحفظاتها وتفسيراتها تطوى كلها لصالح إبرام اتفاق سياسي شامل بينها وبين الأكثرية برعاية جامعة الدو الله مجتمعاً مع موسىل العربية، يشكل مفتاح الخروج من الأزمة السياسية رئاسة وحكومة وقانونا انتخابيا الخ...
وقد شكّل اللقاء الذي عقد، أمس، بين موسى ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون في الرابية، قوة دفع للخطة العربية المتكاملة، حيث فاجأ عون ضيفه العربي بانفتاحه وتجاوبه الكبيرين مع كل بنود المبادرة العربية و«مضامينها المسيحية مئة بالمئة»، لكنه اقترح على عمرو موسى أن يجمعه برئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، من أجل إبرام اتفاق باسم الأكثرية والمعارضة وعندها لا مشكلة حول قضية الأرقام والأحجام طالما سنكون محكومين بالاتفاق السياسي.
ووفق معلومات فان موسى سارع الى تلقف اقتراح عون وتجاوبه الكامل مع المبادرة العربية وسأله أن يشارك في الاجتماع قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وكان رد عون «نحن اتفقنا على الجنرال سليمان ولكننا لم نتفق معه، ومن غير الجائز أن نقحمه بخلافاتنا، وعندما نتوصل الى اتفاق أنا والنائب الحريري، نبادر الى دعوة قائد الجيش كونه سيكون من موقعه في الرئاسة الأولى الضامن والراعي للاتفاق».
ولدى استفسار موسى عن موقف باقي القوى رد عون «من جهتي أنا مفوض من المعارضة واستطيع التعهد مسبقا بأنني لن أخرج من اللقاء مع الشيخ سعد إلا بعد أن نبرم الاتفاق ونوقعه حتى من دون استشارة حلفائي في المعارضة لأنهم منحوني تفويضا وثقة كاملين».
بعد ذلك انتقل البحث الى مكان اللقاء، فاقترح الأمين العام للجامعة العربية انعقاد اللقاء في فندق «الفينيسيا»، ورد عون «لماذا لا يعقد اللقاء في مجلس النواب، وهو مكان له رمزيته»؟ ولاقت الفكرة أيضا ترحيب موسى، وقال انه يمكن بعد انجاز الاتفاق دعوة رئيس المجلس نبيه بري وأعضاء هيئة الحوار، وكان رد عون «عندها ننتقل جميعا الى دارة رئيس المجلس أو أي مكان آخر».
وبعد ذلك انتقل «الحوار الدافئ» بين «الجنرال» وموسى الى عناوين سياسية عامة وقال عون «إننا نستغرب هذا الاستهداف العربي لما نمثله على الصعيد المسيحي، فللمرة الأولى يقف المسيحيون بهذه الطريقة في مواجهة أعتى حرب إسرائيلية تدميرية (حرب تموز) ولكن في المقابل، يبدو أن العرب أرادوا معاقبتنا على هذا التحول النوعي التاريخي في خطابنا السياسي الى جانب المقاومة وضد الاحتلال».
وردا على أسئلة موسى والوفد المرافق قال عون «الأزمة ليست في الرئاسة. هي من قبل ومن بعد مشكلة الحكومة. الأزمة عمرها سنة ونصف السنة، وأخشى ما نخشاه أن البعض يريد للمسيحيين أن يتمثلوا بغير من يعكسون حقيقة قواعدهم الشعبية. البعض يقول إن المبادرة العربية مسيحية بامتياز. المفارقة أن هؤلاء يريدون اعطاء المرشح للرئاسة بإجماع كل اللبنانيين أكثر مما يطلب ولكنهم يرفضون الاعتراف بدور قيادات المسيحيين الأساسية».
ووسط الانطباع الايجابي المفاجئ لموسى وفريقه بانفتاح عون، بعدما كانوا يحسبون الحساب لهذا اللقاء منذ لحظة وصولهم الى بيروت، طلب الأمين العام للجامعة من رئيس تكتل التغيير والاصلاح التكتم على اقتراحه بالاجتماع الثنائي مع الحريري، فبادر عون الى الطلب من مساعديه الحاضرين عدم مغادرة الرابية حتى تلقي رد موسى على الاقتراح.
وفور صعوده الى سيارته، بادر موسى الى طلب موعد عاجل من الرئيس بري «لأنني أود بحث بعض التفاصيل الضرورية حالا معك». وحال هذا الامر المستجد دون لقاء كان مقررا بين موسى وممثل الامين العام للامم المتحدة غير بيدرسون، فيما ألغى بري موعدا رسميا في التوقيت نفسه.
واتصل موسى بالنائب الحريري في قريطم وأطلعه على مضمون اقتراح عون طالبا جوابا رسميا على الاقتراح وأبلغه أنه في طريقه الى دارة الرئاسة الثانية لعرض الاقتراح على بري.
وبالفعل، وصل موسى بعيد الثالثة بعد الظهر الى عين التينة، وعقد لقاء قصيرا مع بري عبر خلاله عن ارتياحه الكبير لأجواء اللقاء مع عون، وطرح على بري فكرة ان يعقد لقاء اليوم الجمعة بين عون والحريري في مجلس النواب، فرحب رئيس المجلس، مبديا الاستعداد للقيام بكل ما يلزم لإتمام اللقاء سواء على الصعيد اللوجستي أو غير اللوجستي، وابلغ موسى حرفيا «باب المجـلس النيابي مفتوح أمامكم».
وكان لافتا للانتباه تسريب فكرة اللقاء المقترح بين عون والحريري في مجلس النواب الى وسائل الاعلام قبيل وصول موسى الى عين التينة، وهو الأمر الذي أثار استغراب الأمين العام كونه تم الاتفاق على إبقاء الأمـر طي الكتمان. وما زاد الطين بلة أن رفض الحريري للقاء تبلغه أيضا «تسريبا» من وسائل الاعلام لحظة مغادرته اللقاء مع بري .
وتبين لاحقا بالفعل أن الحريري رفض اقتراح عون بعد مشاورات أجراها مع حلفائه في قوى الرابع عشر من آذار الذين طرح بعضهم صيغة الاجتماع الحواري الموسع فيما تردد أن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع طلب أن يشارك في الاجتماع الى جانب الحريري، وكان رد عون على ذلك «يمكن للمعارضة أن تشارك في أي اجتماع موسع أما أنا فلن أشارك. الجماعة ليسوا جديين وليسوا في وارد التوصل الى حل».
ونقل زوار الرئيس بري عنه قوله ان «الامور ستتبلور مع انتهاء برنامج لقاءات موسى مع الفرقاء اللبنانيين، وفي اي حال، نأمل ان تكون الامور جيّدة وأن تكون النــهاية ايجابية، ولننتظر ما سيحصـل خـلال السـاعات المقبلة».
وردا على سؤال عما اذا كان موسى قد حمل تفسيرا محددا للبيان العربي، كرر بري التأكيد على ان بيان الجامعة وبالصيغة التي صدر فيها في منتهى الوضوح ولا يحتاج الى تفسيرات وانطلاقا من وضوح البيان وصفته بـ«البيان التاريخي».
يذكر أن عمرو موسى أجرى على مدى ثمان وأربعين ساعة جولة واسعة من الاتصالات شملت الى بري مرتين وعون، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، النائب الحريري، مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، البطريرك الماروني نصر الله صفير، قائد الجيش العماد ميشال سليمان، الرئيس امين الجميل، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان.
واختتم موسى برنامج يومه الثاني بلقاء الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بحضور المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين خليل وعضو المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي، وشارك عن الجانب العربي السفيران عبد الرحمن الصلح وهشام يوسف وطلال الأمين وجهاد عيسى من مكتب الأمين العام.
وتم خلال اللقاء تبادل الأفكار بين الجانبين حول المبادرة العربية وأبلغ نصر الله موسى أن العماد ميشال عون هو المعني بالتفاوض السياسي باسم فريق المعارضة ونصح عمرو موسى باستمرار التواصل مع عون للوصول الى النتيجة المرجوة. وشدد نصر الله خلال اللقاء على أن المعارضة تريد الشراكة الفعلية وليس المشاركة الشكلية .
يذكر أن عمرو موسى تبلغ من الرئيس أمين الجميل طرحا لافتا للانتباه يقضي بتشكيل حكومة غير سياسية (حكومة تكنوقراط)، وقال انه لم يتشاور بشأنه «مع حلفائه»، ومفاده استعادة «تجربة الرئيس الراحل الياس سركيس عام 1982 عبر انتخاب الرئيس أولا ثم تشكيل حكومة حيادية تقوم في موازاتها هيئة الحوار بجمع القيادات وفق جدول أعمال ومهلة زمنية محددة، ويتم خلالها الاتفاق على آلية سريعة لتنفيذ ما اتفق عليه سابقا وتستكمل ما لم ينجز في وجود حكومة انتقالية تسيّر شؤون الدولة»

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...