بغداد تطلب تعديل المعاهدة ... وواشنطن تنذر

22-10-2008

بغداد تطلب تعديل المعاهدة ... وواشنطن تنذر

دخلت »المعاهدة الاستراتيجية« بين واشنطن وبغداد منعطفاً حاسماً، أمس، مع مطالبة الحكومة العراقية بإدخال تعديلات »ضرورية« على مسودتها النهائية لتكون »مقبولة على المستوى الوطني«، وذلك بعد ساعات من تحذير رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولن بغداد من تأثير الامتناع عن توقيعها على الصعيد الأمني، مكرراً اتهام طهران بالعمل على عرقلتها.
في موازاة ذلك، أفتى العلامة السيد محمد حسين فضل الله، رداً على استفتاءات وردت إليه من نواب عراقيين، بأن »لا شرعية لأية سلطة أو مؤسسة أو هيئة رسمية أو غير رسمية عراقية تسلط الاحتلال على شعبها أو تشرعن وجوده أو إطالة أمد بقائه على أرض العراق، أو تمكنه من مقدرات العراق وثرواته وقراراته، أو توفر له الغطاء القانوني الذي يتجاوز من خلاله القضاء العراقي«. وأكد »وجوب خروج قوات الاحتلال من العراق من دون قيد أو شرط«.

بدوره، جدد المرجع الديني الإيراني السيد كاظم الحسيني الحائري، تحريمه الموافقة على المعاهدة. وقال في بيان »لقد أوضحنا حرمة الموافقة على هذه الاتفاقية في بياناتنا السابقة، ونؤكد هذا للمرة الثالثة، كما نؤكد خطابنا لجميع العراقيين ذوي العلاقة في هذا الموضوع بقولنا: كل من ساعد المحتلين على ما يريدون فسوف لن يغفر الله له ذنبه هذا، ولن تسامحه الأمة العراقية المظلومة، ولا الحوزة العلمية المباركة، ولا أي مسلم ذي وجدان وضمير يؤمن بيوم الحساب«.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، إن »مجلس الوزراء اجتمع في جلسته الاعتيادية لمناقشة مسودة الاتفاق، وأجمع على أن تعديلات ضرورية على مسودة الاتفاق يمكن أن تجعله بمستوى القبول الوطني«، موضحاً أن المجلس دعا الوزراء إلى »تقديم تلك التعديلات خلال أيام ليتم تضمينها في المفاوضات مع الجانب الأميركي«. وأضاف أن »المجلس ثمّن جهود الفريق العراقي المفاوض وما حققه من تقدم في المفاوضات والاقتراب من الثوابت التي حددتها الحكومة في بداية المفاوضات«، مؤكداً أن »مجلس الوزراء دعا الجميع للنظر إلى الاتفاق بموضوعية ومسؤولية ومراعاة المصالح العامة«.
وقال مسؤولون حكوميون إن وزراء الدفاع والداخلية والتخطيط وافقوا على المسودة من دون تغيير، فيما تقدم باقي الوزراء في الحكومة، المؤلفة من ٣٧ عضواً، باعتراضات مختلفة عليها.
وسارع البيت الأبيض إلى الإعلان أنه ينتظر معرفة التعديلات التي تطالب الحكومة العراقية بإدخالها. وقالت المتحدثة باسمه دانا بيرينو »لا أظن أننا حصلنا عليها (التعديلات) بعد، وسأترك للمفاوضين التحدث عنها في بغداد عندما يتلقونها«، مضيفة »لكننا نعرف أن ذلك سيستغرق بعض الوقت«. وأوضحت أن الحكومة الأميركية على ثقة في التوصل إلى اتفاق أوسع بشأن العلاقات بين البلدين، لكن بالنسبة للاتفاق المتعلق تحديداً بالوجود العسكري الأميركي فإن »الأمر أكثر تعقيداً، ونحن كنا نعلم أن العراقيين سيخضعونه لمراحل عديدة« قبل إقراره.
في غضون ذلك، حذر الأميرال مولن، على الطائرة التي أقلته إلى هلسنكي، بغداد من الامتناع عن توقيع المعاهدة لأن »الوقت ينفد أمامنا بشكل واضح«. وقال »عندما ينتهي تفويض الأمم المتحدة في ٣١ كانون الأول (المقبل) فإن القوات الأمنية العراقية لن تكون جاهزة لتتولى الأمن، وفي هذا الصدد هناك احتمال كبير لحدوث خسائر ذات عواقب جسيمة«.
وأضاف مولن أن »النقاش حول الاتفاق من معالم الديموقراطية، لكنني قلق بشكل متزايد، ولا يبدو أن العراقيين يدركون خطورة الأوضاع«. وتابع »من الواضح أن الإيرانيين يبذلون أقصى جهودهم للتأكد من عدم تمرير الاتفاق، على الشعب العراقي أن يعي ذلك«. وأوضح أن »الدبلوماسيين الأميركيين وكبار القادة العسكريين في العراق، بذلوا جهوداً استثنائية للتوصل إلى هذه النتيجة النهائية من جانب الولايات المتحدة«، في إشارة إلى أن واشنطن لن تفتح باب المفاوضات مجدداً.
وحذر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس من »عواقب وخيمة« في حال عدم التوصل إلى اتفاق سريع مع بغداد حول وجود قوات الاحتلال. وقال »هناك تردد كبير في خوض تفاصيل عملية الصياغة أكثر من ذلك«. وأضاف »لا أعتقد أن من المتعيّن إغلاق الباب بعنف.. ولكن أقول إنه مغلق إلى حد كبير«. وحذر من أن الإخفاق في الوصول لاتفاق بشأن وضع القوات الأميركية أو تجديد التفويض الذي تمنحه الأمم المتحدة لقوات الاحتلال معناه »بالأساس التوقف عن عمل أي شيء«.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان همام الحمودي قال بعد لقائه نائب الرئيس طارق الهاشمي، إن رئيس الحكومة نوري المالكي غير مقتنع ببعض فقرات »المعاهدة«، موضحاً »أن رئيس الوزراء يقول إن ما أعطوه باليد اليمنى أخذوه باليسرى«.
وأضاف الحمودي أن »الاتفاقية تقول إن الأميركيين ينسحبون من المدن والقرى العراقية في حزيران عام ٢٠٠٩ إذا كان الوضع الأمني يساعد على ذلك. لكن من يحدد هذا الأمر؟«. وأوضح »لقد وضعوا شروطاً ومحددات قابلة للنقض، وكأنما لم يعطوا شيئاً. نحن نحاول رفع هذه المحددات والشروط«.
وقال النائب سامي العسكري إن عدداً من أعضاء »التحالف العراقي الموحد« يريدون إزالة اللغة التي تسمح للحكومة بالطلب من قوات الاحتلال البقاء بعد عام ٢٠١١ وتوضيح بعض الأجزاء التي تختص بمحاكمة جنود الاحتلال.
من جهة أخرى، عبر وزير الداخلية العراقي جواد البولاني في عمان عن أمله بأن يساعد مؤتمر وزراء داخلية دول جوار العراق المقرر عقده غداً بغداد على استعادة الأمن والاستقرار.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الكازاخستانية أن وحدة نزع الألغام، المؤلفة من ٣٠ عنصراً، انسحبت نهائياً من العراق، موضحة أن عملية الانسحاب من الكوت تمت »بناء على طلب الحكومة العراقية نظراً لاستقرار الوضع في البلاد«. وستتسلم محافظة بابل جنوبي بغداد المسؤولية الأمنية من قوات الاحتلال الأميركي غداً الخميس، فيما قتل مسلحون ١٥ شخصاً، وأصابوا ،١٤ في هجوم استهدف عشيرتين في منطقة جرف الصخر شمالي المحافظة.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...