الغاز في سورية... كثر الكلام وتأخر الوصول
تصريحات كثيرة أطلقها القائمون على وزارة النفط خلال السنوات الماضية حول احتياطات سورية من الغاز وتبع هذه التصريحات إعداد دراسات حول تنفيذ مشاريع للعمل بالغاز كالدراسة التي أعدتها وزارتا النفط والنقل لتحويل وسائل النقل للعمل بالغاز والتي نفذتها مديرية الدراسات البيئية في وزارة النقل, وكذلك تم الحديث عن تصدير الغاز السوري عبر خط الغاز العربي إلى كل من لبنان وتركيا.
ولكن اليوم هناك تساؤلات كبيرة تطرح عن مصير الغاز السوري الذي تم الإعلان عن احتياطاته, ولاسيما مع الارتفاع العالمي لأسعار النفط وعجز وزارة النفط عن تلبية الطلب على الغاز حتى بأبسط متطلباته كطلب معامل السيراميك, وتحويل وسائل النقل للعمل بالغاز, وفصل مجموعات توليد كهربائية تعمل بالغاز عن العمل لعدم وجود الغاز ما من شأنه أن يعد بانقطاع للكهرباء صيفاً, هي تساؤلات كثيرة ومشروعة يجب أن يحصل عليها المواطن ويعرفها ليبدد حالة القلق التي تنتابه من نقص أي مشتق من المشتقات النفطية, هذه التساؤلات طرحناها على وزارة النفط (الشركة السورية للغاز) وكان الجواب التالي:
بلغ الاحتياطي المكتشف من الغاز الطبيعي في سورية /284/ مليار متر مكعب عام 2007 وبزيادة قدرها 88% عن عام 1990 ,وأكد المهندس سفيان العلاو وزير النفط في تقرير قدمه أمام أعضاء مجلس الشعب أن الانتاج اليوم من الغاز يقدر ب(22) مليون متر مكعب ,وتضيف الشركة السورية للغاز في ردها على تساؤلات الثورة أن الغاز النظيف ينتج من منشآتها الحالية في معامل غاز الحسكة والجبسة ودير الزور والعمر ومحطات غاز المنطقة الوسطى إضافة إلى الغاز النظيف المعالج من حقل بالميرا العائد لشركة حيان حيث يبلغ وسطي إنتاج الغاز النظيف من هذه المنشآت حوالي 19 مليون م3 /يوم يعادمنها للحقن بحدود 4,5-5 مليون م3/ يوم في حقل الطابية, كما يستهلك داخلياً ضمن مواقع المعالجة واستخدامات الرفع بالغاز بحدود 2,5 مليون م3 /باليوم ويوزع الباقي على المستهلكين بحدود 11-12 مليون م3/يومياً,بالإضافة إلى إنتاج كميات من الغاز المنزلي والمكثفات.
ويتم العمل على زيادة الإنتاج من خلال تطوير واستثمار الحقول الغازية المكتشفة والذي من المتوقع أن يعكس زيادة في كمية إنتاج الغاز النظيف المعد للمستهلكين بحدود 14-15 مليون م3 باليوم خلال السنوات القليلة القادمة اعتماداً على انجاز المشاريع الرئيسية التالية:
أولاً: مشروع جنوب المنطقة الوسطى:يهدف المشروع إلى استثمار الغاز المكتشف في حقول أبو رباح وشمال الفيض وقمقم في المرحلة الأولى وحقول البلعاس وأبو الظهور والرسم وصدد في المرحلة الثانية ومعالجته في معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى الذي من المتوقع أن يعطي من /6-7,2/ مليون م3 باليوم من الغاز النظيف للمستهلكين وحوالي 60 طناً يومياً من الغاز المنزلي ومن المكثفات حوالي 5000 برميل.
يتم تنفيذ المشروع من قبل شركة ستروي ترانس غاز الروسية وفق العقد 92/2005 وفترة تنفيذ 22 شهراً اعتباراً من تاريخ المباشرة في 4/4/2006 وقد تم إنجاز جزء كبير من أعمال المشروع ومن المتوقع أن ينتهي في النصف الأول من عام 2009 لوجود تأخير في تنفيذ المشروع نتيجة تباطؤ المقاول في التنفيذ وازدحام الأسواق العالمية في السنتين الأخيرتين على طلب معدات ومستلزمات الصناعة النفطية والغازية بسبب ارتفاع أسعار النفط وزيادة مشاريع النفط والغاز.
ثانياً: مشروع شمال المنطقة الوسطى:يهدف المشروع إلى استثمار الغاز المكتشف في حقول (توينان-غرب توينان-الضلعة-شرق الأكرم-شمال الحسين-الزملة-العجوز-الحريث-الغور) ومعالجته في معمل غاز شمال المنطقة الوسطى الذي من المتوقع أن يعطي /3/ملايين م3 باليوم من الغاز النظيف للمستهلكين وحوالي 2000 برميل من المكثفات و53 طناً من الغاز المنزلي يومياً.
يتم تنفيذ المشروع من قبل شركة ستروي ترانس غاز الروسية وفق العقد 67/2007 وفترة تنفيذ 20 شهراً ومن المتوقع دخوله بالانتاج في بداية العام 2010 .
ثالثاً: مشروع معمل ايبلا: تقوم شركة بتروكندا بإنشاء معمل لاستثمار الغاز في حقول الشاعر والشريفة بطاقة إنتاجية 2مليون م3/يوم من الغاز النظيف و/73/طناً/ يوم من الغاز المنزلي و2000 برميل باليوم من المكثفات ,ومن المتوقع دخوله بالإنتاج في النصف الثاني للعام 2010 حيث باشرت الشركة شركة بتروفاك الإنكليزية تنفيذ المشروع من خلال العقد المبرم معها بفترة تنفيذ26 شهراً.
رابعاَ: مشروع معمل جهار:تقوم شركة حيان للنفط بتنفيذ مشروع استثمار الغاز المكتشف في حقول جهار والمهر لإنتاج 3,7 ملايين م3 باليوم من الغاز النظيف للمستهلكين و180 طناً باليوم غاز منزلي إضافة إلى 1800 م3 باليوم من النفط والكوندنسات, من خلال العقد الذي أبرمته مع شركة بتروفاك الإنكليزية بفترة زمنية 33 شهراً لإنشاء معمل لمعالجة الغاز المنتج من هذين الحقلين, ومن المتوقع المباشرة بالتشغيل والإنتاج في بداية عام 2011 .
خامساً: مشروع خط الغاز العربي: يتكون المشروع في الأراضي السورية من خط أنابيب بطول 320 كم قطر (36 إنشاً) من الحدود السورية- الأردنية حتى الريان وتفريعة بطول 14 كم إلى محطة دير علي مع محطة قياس, وقد تم الانتهاء من تنفيذ كافة الأعمال الأساسية للمشروع حيث تم تشغيل جزء الخط من الحدود السورية الأردنية وحتى موقع الضمير متضمناً تفريعة محطة دير علي ومحطة القياس وتم البدء بتزويد الغاز الطبيعي السوري إلى هذه المحطة.
أما الجزء المتبقي من الضمير وحتى موقع الريان فقد تم إنجاز كافة أعماله وبوشر تحضيره للبدء بالتشغيل علماً أن تنفيذ هذا المشروع قد تم من قبل شركة ستروي ترانس غاز الروسية وفقاً للعقد 91/2005 .
أما بالنسبة لتوزيع الغاز الطبيعي على المستهلكين فيتم ذلك بتوجيه من الجهات الوصائية التي تأخذ بعين الاعتبار أولويات توزيع الغاز إلى المستهلكين وفق أهميتهم والجدوى الاقتصادية وتوفر الوقود البديل.
وهناك دراسات لتأمين الغاز لقطاع الصناعة (معامل السيراميك- تحويل السيارات للعمل على الغاز...) في ضوء زيادة الإنتاج المتوقع من خلال اكمال المشاريع المذكورة.
بالنسبة لموضوع توريد الغاز المصري فقد تم اتخاذ كافة الإجراءات الفنية اللازمة ويتم تنفيذ الربط لخطوط الغاز على الحدود الأردنية السورية, وتم توقيع اتفاقية بيع الغاز المصري مع الهيئة القابضة للغازات في مصر ومن المتوقع البدء باستجرار الغاز المصري قريباً.
تقول الشركة السورية للغاز في ردها على تساؤلات عن مشروع جنوب المنطقة الوسطى إن المشروع قد ينجز في النصف الأول من عام 2009 ما يعني أن التأخير على تنفيذ المشروع يصل إلى أكثر من عام,وتضيف الشركة أن ذلك يعود إلى تباطؤ المقاول في تنفيذ العقد وازدحام الأسواق العالمية في الطلب على معدات ومستلزمات الصناعة النفطية بسبب ارتفاع في أسعار النفط وهو ما أكده لنا السيد وزير النفط المهندس سفيان العلاو, وهنا نسأل إذا كان المقاول تأخر فما الإجراءات التي تم اتخاذها مع المقاول ولا سيما أننا علمنا أنه يطالب بمبالغ إضافية؟
كيف ستسد وزارة النفط الاحتياجات المتزايدة لكل القطاعات مع تعثر ضخ الغاز المصري.
والسؤال الأكبر إذا كانت الشركة المنفذة وراء التأخير الذي يكلفنا يوميا أكثر من مليوني دولار أمريكي لماذا تم توقيع عقد جديد معها في بداية العام الحالي 2008 بقيمة 160 مليون يورو ومليار ليرة سورية؟ هل هو مكافأة على التأخير؟
والسؤال الأخطر عن الخطة الاسعافية التي أعدتها وزارة النفط لتأمين مليون متر مكعب إضافي من الغاز لمشاريع توليد الكهرباء والتي كنا نشرنا عنها سابقا في صحيفة الثورة وذلك على حساب مشاريع ضخ النفط من خلال حقن الآبار بالغاز والذي تشير وزارة النفط في أحد دراساتها أنه على حساب المردود النهائي لإنتاج النفط.
يوزع حوالى 12,5 مليون متر مكعب يوما من الغاز إلى المستهلكين المحليين وبنسب متفاوتة حيث تتصدر وزارة الكهرباء قائمة المستهلكين بنسبة 79% من الغاز المتاح تليها النفط ب 12% والصناعة بنسبة 9%,فيما تغيب وزارة النقل عن قائمة المستفيدين وهذا يجب أن يتم التوقف عنده طويلا إذ إن تمويل مشاريع النقل للعمل بالغاز سيخفف من كلفة الفاتورة النفطية وينعكس إيجاباً, على البيئة ويمكن أن يحول الغاز من رديف للنفط إلى بديل كامل يفرض على الحكومة أن تسرع في إنجاز مشاريع الغاز وإدخال الغاز بشكل كبير في الصناعة والنقل والكهرباء, وبما يمكن أن يوفر على سورية مبالغ كبيرة تدفعها لتوريد المشتقات النفطية, عدا ضغط الظروف الجوية والنزاعات الإقليمية والدولية.
معامل الاسمنت يلزمها كهرباء.. والكهرباء يلزمها الغاز.. والغاز يلزمه معامل.. والمعامل يلزمها من يبنيها..؟
لا تقف مشكلة الغاز عند السيراميك والكهرباء والصناعة, فمعامل الاسمنت التي تم الترخيص لها تحتاج إلى الكهرباء, وهو ما يمكن أن تؤمنه تجمعات المعامل من خلال محطات توليد خاصة, ولكن المحطات تحتاج إلى وقود للتشغيل, وهذا ما تعجز وزارة النفط حالياً عن تأمينه, سواء كان غازاً أم فيولاً, فالغاز والفيول يمكن أن يوردا, ولكن سعات المرافئ ومرافئ التفريغ لا تتسع لاستطاعات كبيرة, وبالتالي هناك مشكلة في تأمين النفط والكهرباء لهذه المعامل, وقد يهدد الوقود مشاريع الاسمنت التي طال انتظارها.
بعد كل ذلك, هل يمكن أن تفسر وزارة النفط كيف ستؤمن هذه الاحتياجات اللازمة, وما اعتبارات الزمن في الخطط؟
الموضوع في غاية الأهمية والخطورة, ولابد من الإسراع في الحسم كي نخرج من دائرة الابتزاز طالما أن الأساس موجود.
معد عيسى
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد