الجيش اللبناني يتعرّض للنار سياسياً وأمنياً في عاصمة الشمال

29-10-2013

الجيش اللبناني يتعرّض للنار سياسياً وأمنياً في عاصمة الشمال

من يريد تحويل التبانة الى عبرا ثانية أو يسعى لإعادة تكرار «سيناريو» مخيم نهر البارد في مدينة طرابلس وإخضاعها لسطوة السلاح والمسلحين، وربطها بنيران المحاور الاقليمية؟ والى متى ستبقى العاصمة الثانية في عطلة قسرية بينما تمارس كل المدن اللبنانية الأخرى حياتها بشكل طبيعي؟ جسر الملولة وقد بدا مقفراً غروب أمس (عمر إبراهيم)
ما شهدته طرابلس، أمس، من تطورات ميدانية، بدا أنه تجاوز كل قدرات الدولة، من رأس الهرم الى قاعدته، فلا أحد من القيادات السياسية والدينية والأمنية يستطيع أن يكبح جماح بعض مسؤولي المجموعات المسلّحة عن الاستمرار في إشهار السلاح، وصولا الى حدود مواجهة الجيش اللبناني والتصدّي له بشكل مباشر لمنعه من الانتشار في شارع سوريا والحارة البرانية، كما حصل ظهر أمس وأدى الى سقوط ثلاثة جرحى من العسكريين.
وما زاد الطين بلة، استمرار بعض القيادات في طرابلس بالوقوف على خاطر عدد من المجموعات المسلحة التي خرجت عن سيطرة الجميع بعدما باتت لها «أجنداتها» وتمويلها الخاصين، ووضعت نفسها في مواجهة مع أية محاولة للجيش والقوى الأمنية لوضع حدّ لجولات العنف العبثية التي ترزح طرابلس تحت نيرانها منذ أيار 2008.
ويضع هذا العجز السياسي الكامل طرابلس أمام خيارين أحلاهما مرّ: اما أن تخضع المدينة لسيطرة المسلحين، أو أن يعتمد الحل العسكري الذي قد يُعرف كيف يبدأ لكن لا أحد يستطيع التكهّن بنتائجه وتداعياته.
ويمكن القول إن التحريض السياسي المستمر ضد الجيش، والذي بلغ ذروته مع البيان الصادر عن الرئيس سعد الحريري قبل يومين، بدأ يُترجَم اعتداءات على العسكريين في المدينة التي شهدت أمس أربع حالات إطلاق نار متفرقة، بعيدا عن المناطق الساخنة، قام بها ملثمون على متن دراجات نارية، فأصابوا جنودا خلال التحاقهم بمراكز عملهم، أحدهم في حالة الخطر، واستكملت هذه الاعتداءات بتعرض وحدات الجيش الى كمين خلال انتشارها ظهرا في شارع سوريا والحارة البرانية، بالرغم من كل الاتصالات السياسية الايجابية التي مهدت لهذا الانتشار، ما أدى الى إصابة ثلاثة عسكريين.
ولم يعرف العنصر المستجد الذي دفع الحريري لاتخاذ موقفه الأخير، خاصة أنه يدرك أن الحل يجب أن يكون سياسيا في طرابلس، والا فان أحدا لا يستطيع التكهن بكلفة مواجهة عسكرية مفتوحة في زواريب الأحياء الفقيرة.
وإذا كان قد سجل للحريري أنه دعم خطوات الجيش في عبرا للقضاء على ظاهرة الشيخ أحمد الأسير، وأعلن رغبته في التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي خلال معركة عبرا نفسها، كما دعم خطوات الجيش في كل المناطق، خاصة في بيروت والبقاع، وقبل ذلك في مخيم نهر البارد، فان مقاربته لموضوع طرابلس وتحذيره من تحول الجيش إلى طرف وشاهد زور، تركا وراءهما الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام.
الثابت في طرابلس اليوم، أن أهداف الجولة 17 لم تتحقق بعد، وأن ثمة أطرافا إقليمية تسعى للإمساك بورقتها الأمنية للاستفادة منها في معركة شد الحبال القائمة في المنطقة، وهذا الأمر قد يقتضي تمديد هذه الجولة، عبر تعطيل دور الجيش ومنعه من تنفيذ قرارات السلطة السياسية في بسط الأمن، أو إدخاله في مواجهة مع المجموعات المسلحة.
وبدا واضحا أن مَن استهدف الجيش في شارع سوريا، أمس، وهو على عتبة المرحلة الأخيرة من تنفيذ الخطة العسكرية لوقف النزف الحاصل في المدينة، كان يهدف الى إعادة سيناريو مخيم البارد أو عبرا في التبانة، أو في طرابلس بشكل عام، خصوصا أن الاعتداءات استهدفت العسكريين ودفعت الجيش، أمس، الى القيام بمزيد من التحصينات حول مراكزه، وبقائه على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ.
وما يثير الاستغراب هو هذا الصمت المطبق من قبل قيادات طرابلس ومجتمعها المدني حيال ما تعرض له الجيش من اعتداءات، ما يجعل المعتدين يتمادون في هذا المسلسل الذي سيؤدي، في حال استمراره، الى ما لا تحمد عقباه.
وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش مستمر في القيام بالمهمات المطلوبة منه مهما كانت الظروف والمعطيات، وأنه سيتعامل من الآن وصاعدا بقوة النيران مع اي مسلح الى أي جهة انتمى.
وقالت مصادر أن الجيش سيعيد الكرّة للدخول الى التبانة والحارة البرانية في الساعات المقبلة، وفي حال جوبه بالنيران كما حصل ظهر أمس فإنه «سيلجأ الى خيارات أخرى»، من دون تحديد ماهيتها .

غسان ريفي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...