الثوم في سورية .. ثروة مناعية خارج الحسابات الحكومية
تحتل زراعة الثوم في سوريا مرتبة متقدمة عربياً،من حيث المساحة المزروعة، وحجم الإنتاج، وطعم المذاق لأنواع متميزة من الثوم كالكسواني،الذي يتمتع بمواصفات غذائية وتخزينية جيدة، ومع أهمية هذا المنتج على مستوى الزراعات الرئيسية في سورية مازالت الثروة المناعية خارج حسابات وزارة الزراعة .
الوزارة التي اعلنت منذ سنوات عن دراسة إستمثاره خاصة لتحديد تكاليف إنتاج وتسويق محصول الثوم، والاصناف المزروعة، واماكن تركز الأسواق الرئيسية والفرعية، وأماكن توزيع السلع المصنعة من هذه المادة من قبل تاجر الجملة والوسيط، وحجم التكاليف التسويقية الناتجة عن الجني والأسمدة والفرز والتعبئة والنقل والعمولات والتخزين ومشكلات التسويق، لكن كل ما سبق هو عبارة عن وعود وتصريحات اعلامية، حيث موسم الثوم هذا العام يئن من ارتفاع أسعار البذور، والأسمدة،والمحروقات، وأجور النقل، وارتفاع أجور اليد العاملة في جني المحصول والتجارة غير الشريفة بين السماسرة.
ارتفاع تكاليف زراعة الدنم الواحد الى أكثر من 5 مليون ليرة سورية ، بإنتاج يصل لنحو من 3 إلى 4 أطنان إذا حالفه الحظ وحظي بأمطار وفيرة، بحسب المزارع زياد شحاده الذي قال إن المزارع يقف بين معادلة " تكاليف الإنتاج يقابلها الأسعار والسماسرة " ،لافتا إلى أن هامش الربح المحقق لا يتناسب اليوم مع الجهود المبذولة، وسط غلاء المعيشة ودفع التكاليف الاضافية نتيجة عدم توفر الادوية الزراعية المحلية .
قلع الثوم يحتاج الى جهد وعناية خاصة لجمع جميع المحصول من الارض، وعدم ترك الرؤوس التي فقدت ساقها، بحسب العاملة نجاح التي تتقاضى على كل ساعة عمل 500 ليرة سورية وتاخد مونتها من الثوم مجانا .
وفي سوق الهال بمنطقة الزبلطاني بدمشق اطلع موقعنا على واقع سوق الثوم، حيث أكوام منتشرة وبكثافة وحدد سعر الثوم النوع الجيد بين 1100 و 1200 ليرة من أرض السوق، والنوع الثاني بالف ليرة، والنوع الثالث ب850 ليرة، وطبعا من يريد شراء كميات كبيرة هنا يتراجع السعر حسب الكمية والبازار بين االبائع والشاري.
كمايختلف سعر الثوم من محافظة واخرى، إذا يباع في سوق الهال بطرطوس كيلو الثوم النوع الأول بألف ليرة، لكنه من انتاج محلي أو من محافظة حماه، ويختلف عن الكسواني في الطعم والتخزين، كما يباع النوع الثاني ب900 ليرة لكنه أخضر أي يختلف بالوزن بين القلع الحديث وبين اليابس.
بكل الأحوال مادة الثوم متوفرة وبكثرة حتى اليوم والعام الماضي فُقد الثوم من الأسواق خلال أيام ، ليباع الكيلو بحدود 400 ليرة سورية في بداية الموسم قبل أن يرتفع الى 1200 ليرة ومن ثم يتابع الارتفاع إلى أن وصل سعر الكيلو مايقارب 5000 ليرة .
معادلة الثوم اليوم في سورية أو ماتعرف بالثروة المناعية أطرافها القدرة الشرائية للمواطن، والمحافظة على الانتاج، وضمان أرباح الفلاح، وتشغيل اليد العاملة الموسمية، وتامين حاجة السوق، وعدم الاعتماد على الثوم الصيني المستورد، وتحقيق العدالة في التسويق مع هامش ربح معقول للتجار، والعمل على الاستفادة من الانتاج الواسع في صناعات وتصدير الفائض ،وتحسين جودة الانتاج وتأمين المستلزمات الزراعية، هذه المعادلة تغيب عنها الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة تماما بالرغم من الاستمارات والاجتماعات والتصريحات،و كل ما يتطلبه الامر هو اقرار حكومي لدراسة مستفيضة لهذا المنتج الذي يشغل جميع العائلات السورية في شهر ايار من كل عام ، فهل سنبقى في اطار الوعود ام سنغلق ملف الثوم وتحقيق معادلة الجميع رابح فيها.
طلال ماضي
إضافة تعليق جديد