التنافس الأوروبي على الشرق الأوسط

14-03-2011

التنافس الأوروبي على الشرق الأوسط

الجمل: خلال الأسابيع القليلة التي سبقت قيام القوات الأمريكية بعملية غزو واحتلال العراق وتحديداً في مطلع عام 2003م، بدأت بلدان الاتحاد الأوروبي وهي أكثر تحفظاً إزاء التوجهات الأمريكية، والآن وعلى خلفية التطورات الجارية في ليبيا إضافة إلى لبنان والأراضي الفلسطينية بدأت نفس هذه الأطراف الأوروبية وهي حماساً لجهة القيام بدور في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص بواسطة فرنسا وبريطانيا: فما هي حقيقة التحولات الجديدة في النوايا الأوروبية الغريبة وتحديداً الفرنسية ـ البريطانية؟

* السياسات الخارجية الأوروبية التدخليةخارطة بلدان الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط في الشرق الأوسط: توصيف الوقائع الجارية

على خلفية تطورات الأحداث والوقائع الجارية في الساحة السياسية الليبية ومعطيات الموجهات الدامية بين قوات نظام الزعيم معمر القذافي والمعارضة الليبية المسلحة، لاحظ المراقبين والمهتمين بالشؤون الدولية والشرق أوسطية وجود المزيد من النوايا الأوروبية لجهة القيام بعمل عسكري تدخلي في ليبيا وفي هذا الخصوص نستعرض المواقف الأوروبية الرئيسية على ضوء المعلومات الآتية:
•    الموقف الفرنسي: أكد الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي قبل ثلاثة أيام على القول: فرنسا تقف إلى جانب إنفاذ مخطط إقامة منطقة حظر طيران في ليبيا، إضافة إلى إمكانية قيام فرنسا بدعم تنفيذ الضربات العسكرية الجوية ضد النظام الليبي، إذا سعى لجهة استخدام الأسلحة الكيميائية أو الضربات الجوية ضد السكان المدنيين الليبيين، وإضافة لذلك تحدث الرئيس الفرنسي ساركوزي قائلاً بأن مشاركة فرنسا في أي عمل عسكري ضد ليبيا سوف تكون مشروطة بالحصول على: موافقة الأمم المتحدة ـ موافقة جامعة الدول العربية ـ موافقة المعارضة الليبية.
•    الموقف البريطاني: من المعروف بأن بريطانيا هي الدولة الأولى في العالم التي طالبت المجتمع الدولي بضرورة العمل على فرض منطقة حظر جوي في ليبيا، إضافة إلى التأكيد على التزام لندن بتوفير القدرات العسكرية اللازمة لجهة قيام سلاح الجو الملكي البريطاني باستخدام قدراته المتمركزة في قاعدة أكروتيري العسكرية البريطانية الموجودة في جزيرة قبرص، من أجل إنفاذ مخطط إقامة منطقة حظر الطيران على ليبيا.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا لم تسعى إلى اشتراط الحصول سوى على موافقة الأمم المتحدة، دون الأخذ بعين الاعتبار لمواقف الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي. أو حتى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو اللذان تتمتع لندن بالعضوية والثقل في مؤسساتهما الأمنية والعسكرية والسياسية.
أما بالنسبة للموقفين الألماني والإيطالي، فما زالا أكثر اهتماماً باعتماد الموقف المزدوج، الذي يجمع بين رفض أي عمل عسكري ضد ليبيا، ورفض قيام النظام الليبي باستخدام القوة العسكرية المفرطة ضد المعارضين له.

* التنافس الأوروبي إزاء الشرق الأوسط: إلى أين؟

تقول المعلومات والتسريبات، بأن مواقف السياسة الخارجية الأوروبية، أصبحت أكثر تميز بالجمع بين الخلافات والتوافقات، ويمكن الإشارة إلى خلفيات هذه المواقف على النحو الآتي:
•    التعاون الأوروبي ـ الأوروبي: تحدثت التسريبات عن التوافق بين الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لجهة القيام بالتعاون والتنسيق في عملية فرض منطقة حظر الطيران على ليبيا، إضافة إلى القيام بتنفيذ الضربات العسكرية متى ما كان ذلك ضرورياً من أجل حماية السكان المدنيين.
•    الخلاف الأوروبي ـ الأوروبي: تحدثت التسريبات عن نوعين من الخلافات الأوروبية ـ الأوروبية، الأولى تتمثل في تباعد وجهات النظر حول الشروط اللازم توافرها، فيما ترى فرنسا بضرورة الحصول على موافقة الأمم المتحدة، والجامعة العربية والمعارضة الليبية، فإن بريطانيا اكتفت بشرط الحصول على موافقة الأمم المتحدة، إضافة إلى أن بريطانيا لم تسعى حتى الآن إلى إصدار قرار بالاعتراف بالمعارضة الليبية كممثل شرعي للشعب الليبي. وهو الأمر الذي قامت به فرنسا، ويكشف هذا الموقف إزاء المعارضة الليبية عن نوايا بريطانية لجهة التجاوز والتصرف بمعزل عن هذه المعارضة!
على خلفية تباينات الموقف الأوروبي إزاء ملف الأزمة الليبية، فقد كشفت التحليلات السياسية عن المعطيات الآتية:
•    ظلت ألمانيا تمثل القوة الاقتصادية الأوروبية الرئيسية في بلدان الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أعطى ألمانيا المزيد من القدرة على فرض توجهات إزاء السياسات الاقتصادية الأوروبية سواء على المستوى الكلي الخاص بالاتحاد الأوروبي، أو المستوى الجزئي الخاص باقتصاديات الدول الأوروبية.
•    ظلت فرنسا أكثر اهتماماً لجهة القيام بدور القوة الأوروبية الرئيسية القائدة، في الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال الرهان على تفوق فرنسا العسكري على بقية الدول الأوروبية، وفي نفس الوقت ظلت بريطانيا أكثر اهتماماً لجهة القيام بدور القوة الأوروبية الرئيسية القائدة في الاتحاد الأوروبي وذلك من خلال القيام بدور "إسرائيل أوروبا" التي تجد الدعم والسند الكامل من واشنطن، على خلفية "العلاقة الخاصة الإسرائيلية ـ الأمريكية".
أدى التنافس الأوروبي ـ الأوروبي خلال الفترة الماضية إلى صعود قوة ألمانيا، وتراجع قوة فرنسا وبريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تزايد الضغوط التي أدت إلى جعل "قصر الإليزيه الفرنسي يلجأ إلى سياسة الإذعان الكامل للإرادة الألمانية. ونفس الشيء بالنسبة لـ"قصر بكنجهام" البريطاني. والآن تشير التحليلات إلى أن تحالف لندن وباريس يسعى إلى إنفاذ الخطوة الأولى لجهة التخلص من النفوذ الألماني. وهو"الإمساك بقرون الثور الليبي". بما يتيح لمحور باريس ـ لندن السيطرة على النفط الليبي الذي يمثل شريان الطاقة الألماني. وذلك على النحو الذي يجعل برلين أمام خيارين أحلاهما مر: إما باريس. أو لندن.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...