التفجيرات الإنتحارية تهز أركان سورية والأمم المتحدة تساند المعارضة
تعرضت جهود التهدئة في سوريا لضربة قوية أمس، حيث قتل 9 أشخاص، وأصيب 26، في تفجير انتحاري في وسط دمشق أمس، استهدف مدنيين وقوات أمن، وسبقه 3 انفجارات صغيرة، بالاضافة الى تفجير عبوتين في طرطوس، فيما حملت وزارة الداخلية السورية «مجموعات إرهابية تكفيرية» المسؤولية عن التفجير، مؤكدة أنها «لن تتساهل في التعامل مع المجموعات الإرهابية وستضرب بيد من حديد كل من يعمل على ترويع المواطنين ونشر الفوضى في البلاد».
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن «الجماعات الإسلامية التي تستخدم العنف لتحقيق أهدافها تحول دون تسوية الأزمة السورية». واتهم المعارضة المسلحة بأنها وراء عدم ترسخ الهدنة، موضحا أنها تقوم بعمليات «إرهابية» وتطلق النار على قوات الأمن لإحباط خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان و«إثارة غضب المجتمع الدولي وتحريضه على التدخل الخارجي».
وأعرب رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا الجنرال النروجي روبرت مود، مع تعيينه رسميا، عن تفاؤله الحذر تجاه تطور الوضع في سوريا، وأقر بوجود تحديات كثيرة وصعبة لدفع جميع الأطراف المعنية لاحترام وقف إطلاق النار في إطار تنفيذ خطة أنان. وأعلن المتحدث باسم المبعوث الدولي احمد فوزي أن عدد المراقبين سيصل إلى 30 الاثنين.
ويأتي التفجير الانتحاري في دمشق غداة تحميل وزراء الخارجية العرب السلطات السورية مسؤولية «تواصل العنف» وتهديدها بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي في 5 أيار المقبل لاستصدار «قرار ملزم» بوقف العنف لكنهم تراجعوا عن مطالبتهم المجلس بإصدار قرار تحت البند السابع الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية.
وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) «وقع تفجير إرهابي انتحاري قرب جامع زين العابدين ومدرسة عائشة الصديقة في حي الميدان في دمشق. وأشارت المعلومات إلى وقوع 9 شهداء وعشرات الجرحى من المدنيين وقوات حفظ النظام إضافة إلى أشلاء في محفظتين طبيتين».
وقالت وزارة الداخلية السورية، في بيان، «في الساعة الواحدة والنصف من ظهر اليوم (أمس)، وفي جريمة جديدة للمجموعات الإرهابية التكفيرية التي تستهدف أمن الشعب السوري واستقراره، أقدم إرهابي انتحاري يحمل حزاما ناسفا على تفجير نفسه في الشارع العام قرب مسجد زين العابدين في حي الميدان وسط دمشق، وبالتزامن مع خروج المصلين من المسجد ما أسفر عن تسعة شهداء وتناثر أشلاء لشخصين مجهولي الهوية، وإصابة 26 شخصا من المدنيين وقوات حفظ النظام».
وأضافت الوزارة «على الفور توجهت الجهات المختصة في وزارة الداخلية إلى المكان، وقامت برفع الأدلة وأخذ عينات من الأشلاء وبقايا المواد المتفجرة من مسرح الجريمة، وتم إرسالها إلى مختبرات الأمن الجنائي لتحديد هوية الإرهابي والأشلاء المتناثرة، وما زالت التحقيقات جارية لكشف ملابسات هذا العمل الإرهابي الجبان الذي روّع المواطنين الآمنين».
وتابع البيان إن «وزارة الداخلية إذ تدعو الأخوة المواطنين إلى ممارسة دورهم بالتعاون مع الجهات المختصة في الإبلاغ عن أي حالة مشبوهة، والإدلاء بأي معلومات لديهم تتعلق بنشاط الإرهابيين وتحركاتهم حفاظا على أمن المواطنين واستقرار الوطن، تؤكد في الوقت ذاته أنها لن تتساهل في التعامل مع المجموعات الإرهابية وستضرب بيد من حديد كل من يعمل على ترويع المواطنين ونشر الفوضى في البلاد».
وبث التلفزيون السوري صورا لمكان الانفجار تحت جسر الميدان، الذي شهد انفجارا سابقا في السادس من كانون الثاني الماضي، وأوقع 26 قتيلا، و64 جريحا، وتبنته «جماعة جبهة النصرة السنية». وبدت في الصور آثار دماء وأشلاء بشرية للضحايا وحافلة صغيرة تعرض زجاجها للكسر. كما أظهرت الصور عنصرين من قوات حفظ النظام وهما يحملان جريحا وينقلانه إلى سيارة الإسعاف فيما يهرع عدد من المواطنين وسط آثار لدخان من بعيد.
وكانت عبوة انفجرت في سيارة وسط دمشق الثلاثاء الماضي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص. ووقعت تفجيرات عدة في دمشق خلال الأشهر الأخيرة، كان آخرها انفجاران قويان وقعا قرب مركزين أمنيين في 18 آذار الماضي، أسفرا عن مقتل 27 شخصا وجرح 140.
وذكرت «سانا»، من جهتها، «انفجرت عبوة لاصقة زرعتها إحدى المجموعات الإرهابية المسلحة في سيارة شرطة يقودها المهندس أيمن شوحة الذي كان برفــقة والديه في منطقة الزاهرة الجديدة شرق حي الميدان، ما أدى لإصابة والده ووالدته». وأضافت «أصيب مدنيان بانفجار عبوة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة على طريق سريع في دمشق. وانفجرت عبوة في منطقة القابون. وأصيب خمسة عناصر من قوات حفظ النظام بانفجار عبوتين بين الكورنيش البحري وتل نفوس في حي القبيات في طرطوس».
وعين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسميا الجنرال النروجي روبرت مود على رأس مهمة المراقبين الدوليين في سوريا. وسيقود الجنرال فريقا من 300 مراقب سمح مجلس الأمن الدولي بنشرهم لفترة أولية من ثلاثة أشهر لمراقبة وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التطبيق في 12 نيسان.
وأشار مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة ادواردو ديل بيوي إلى أن روبرت مود (54 عاما) يتمتع «بخبرة طويلة في القيادة ومعرفة واسعة في عمليات حفظ السلام» بما في ذلك ضمن إطار الأمم المتحدة. وكان مود بين العامين 2009 و2011 على رأس هيئة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة الهدنة في الشرق الأوسط. وخدم مرتين داخل قوة حفظ السلام في كوسوفو في 1991 ـ 2000 و2002 قبل أن يصبح رئيسا لهيئة أركان الجيش النروجي في العام 2005. وخدم أيضا داخل الوحدة النروجية في قوة حفظ السلام الموقتة في لبنان (اليونيفيل) بين العامين 1989 و1990.
وأعرب مود، في تصريح لمحطة «إن أر كيه» النروجية، عن تفاؤله الحذر تجاه تطور الوضع في سوريا، مقرا بوجود تحديات كثيرة وصعبة لدفع جميع الأطراف المعنية لاحترام وقف إطلاق النار في إطار تنفيذ خطة أنان.
وقال إن «هناك هوة كبيرة بين الحكومة والمعارضة المسلحة في سوريا نتيجة لانعدام الثقة واستمرار أعمال العنف»، لكنه أشار إلى حصول تقدم. وأضاف أن «إعلان الفشل في المهمة الملقاة على عاتق بعثة المراقبين الدوليين في سوريا ليس مطروحا على الإطلاق». وأعرب عن ثقته في إمكانية تقديم النرويج المساهمة لإعادة الاستقرار إلى سوريا، مشددا على أنه «لن يدخر أي جهد لحث الأطراف المعنية في سوريا على احترام وقف إطلاق النار حتى يمكن دفع المفاوضات السلمية إلى الأمام».
وقال المتحدث باسم المبعوث الدولي احمد فوزي، لوكالة «رويترز» في جنيف، «نتوقع أن يكون الثلاثون مراقبا على الأرض بنهاية نيسان... الاثنين (المقبل). لا تأخير. على العكس هناك انتشار سريع لخمسة عشر مراقبا على الأرض إلى جانب الدعم المدني. إنهم بحاجة لإدارة وينشئون مقرا للبعثة الجديدة». وأضاف «إنها عملية كاملة. إنهم ينتشرون بسرعة مذهلة».
وأوضح أن كل الجهود جارية من اجل النشر الكامل للبعثة وقوامها 300 مراقب. وأعلن أن الاتصال بالدول الأعضاء والحصول على موافقتها لنقل قوات من بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في المنطقة يستغرق وقتا. وقال «الحصول على تفويض من الدول الأعضاء لنقلهم (المراقبون) وتزويدهم بالمعدات والملابس يستغرق وقتا. هذا لا يحدث بين عشية وضحاها. نحن نعمل بكل مجهودنا».
وذكرت «سانا» إن «وفدا من المراقبين الدوليين زار أحياء حمص القديمة ومنطقة المطاحن. كما زار وفد من المراقبين مدينة إدلب». وقال المتحدث باسم الفريق نيراج سينغ ان مراقبين اثنين استقرا في درعا، بعدما استقر مراقبان في حماه وآخران في حمص.
وأعلن لافروف، في تصريح لقناة «روسيا 24»، أن «الجماعات الإسلامية التي تستخدم العنف لتحقيق أهدافها تحول دون تسوية الأزمة السورية». وقال «كانت في الكثير من الدول العربية قبل الربيع العربي أنظمة علمانية، وفي الوقت الراهن تحل محلها أحزاب إسلامية. وأنا لا أرى في ذلك أي شيء خطير، ولكن هناك أمرا آخر، حيث تحاول الجماعات الإسلامية استغلال الإسلام لتحقيق أهدافها بوسائل أخرى، بما في ذلك استخدام العنف».
وأضاف «نحن نرى كيف يحول هذا الأمر دون تسوية الأزمة في سوريا»، مشيرا إلى أن «الهدنة لم تترسخ بعد بشكل نهائي، وأحد أسباب ذلك هو أن جماعات المعارضة المسلحة تحاول القيام باستفزازات وتفجيرات وعمليات إرهابية وإطلاق النار على أفراد القوات الحكومية والمباني الحكومية بغرض إحباط خطة انان وإثارة غضب المجتمع الدولي وتحريضه على التدخل الخارجي».
وتابع لافروف «يجب أن يعمل الجميع بنزاهة. ونحن، ولأسباب مفهومة، نتعاون مع الحكومة (السورية) بشكل أساسي، ونحاول إقناعها بأن تتمسك بشكل صارم بالتزاماتها وفقا لخطة انان. ونتعامل كذلك مع المعارضة، إلا أن الدول الأخرى تتمتع بنفوذ أكبر وسطها (المعارضة)، ونحن نتوقع من هذه الدول موقفا مسؤولا أكثر إزاء التزاماتها وفقا لقرار مجلس الأمن». وأكد معارضة موسكو لفرض العقوبات على سوريا.
وأكد نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، خلال لقائه وفد «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» المعارضة السورية برئاسة قدري جميل في موسكو، أن «روسيا ستواصل دعم جهود السوريين الهادفة إلى إحلال السلام واستعادة الاستقرار في بلادهم بأسرع ما يمكن».
ودعت جماعة الإخوان المسلمين السورية، في بيان، «الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يقرن إعلانه عن امتناع حكومة (الرئيس السوري بشار) الأسد عن الالتزام بعملية السلام، باعتبار خطة كوفي انان منتهية، في الوقت الذي يسقط فيه يوميا على أيدي العصابات المارقة عشرات الأبرياء».
وطالب البيان بان كي مون أيضا «بتجميد عضوية سوريا في المنظمة الدولية إلى حين قيام حكومة معبرة عن إرادة الشعب السوري» داعيا المجتمع الدولي إلى «إسقاط أي صفة تمثيلية لبشار الأسد وحكومته ومعاملتهم على أنهم مجموعة مارقة اختطفت الدولة والمجتمع في سوريا».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في نيودلهي، «عن قلقه العميق» من تواصل القتل على الرغم من تعهد السلطات بوقف العنف. وأعلن أنه يعمل مع أنان وجامعة الدول العربية للإسراع بنشر بعثة المراقبين، معبرا عن أمله بأن يؤدي نشرهم «إلى حصول تغيير على الأرض».
وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جون ايرنست أن واشنطن تشعر بالإحباط لعدم وفاء دمشق بتعهداتها بالالتزام بخطة انان. وقال «نعتزم الاستمرار في تكثيف الضغوط الدولية على نظام الأسد وتشجيعه بأقوى التعبيرات الممكنة على الوفاء بالتعهدات والالتزامات التي قدموها في ما يتعلق بخطة انان».
وفي باريس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو «إذا لم تلتزم دمشق بتعهداتها والتزاماتها وفقا لخطة انان فإن باريس ستدعو إلى استصدار قرار بموجب الفصل السابع». وأشار إلى أن «لفرنسا هدفا واحدا يتمثل في وقف العنف وتنفيذ كامل بنود خطة انان التي يدعى النظام السوري أنه يقبلها»، مشددا على أولوية نجاح مبادرة انان.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد