الأمم المتحدة خاضعة ومُنعت من الاتصال بـ«حماس» وسوريا
يسخر الفارو دي سوتو الدبلوماسي البيروفي المخضرم، بمرارة تختلط بالفكاهة أحيانا وبتعبيرات فلسفية أحياناً أخرى، من أمور عديدة في تقرير «نهاية الخدمة»، الذي كان من المفترض أن يبقى سرياً وأن يراه فقط الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وذلك بعد استقالته في مطلع أيار الماضي من منصبه كـ«وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، والمنسق الخاص لمسيرة السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمين العام لدى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ومبعوث الرباعية الدولية».
وأول ما يسخر منه دي سوتو هو بالضبط هذا المنصب الطويل العريض... الذي لم يعنِ شيئاً في النهاية سوى القليل، وربما لا شيء، وذلك بسبب هيمنة الولايات المتحدة الكاملة على ملف التسوية العربي الإسرائيلي، وتحديداً على عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستخدامها لهذا الملف في مواجهتها الإقليمية الأوسع مع إيران، وكمحاولة لتحسين وضعها المتدهور منذ غزو العراق.
ويكرر دي سوتو الشكوى من عدم السماح له بالاتصال بأي من الأطراف المنوط به التعامل معها وفقاً لمنصبه، خاصة الحكومة الفلسطينية منذ تولي حركة «حماس» رئاستها العام الماضي، وكذلك سوريا... لأن الولايات المتحدة تحديداً ترفض التعامل معهما.
والأسوأ، بالنسبة لدي سوتو، كان إجبار الأمم المتحدة على تبني مواقف إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش ذاتها، وإلزامها بالقيود الأميركية.
ولكن تقرير دي سوتو السري تسرب لصحيفة «الغارديان» البريطانية الأسبوع الماضي من أطراف غير معلومة حتى الآن، وقال مسؤول في الأمم المتحدة لـ«السفير» إنه لا يعتقد أن دي سوتو قام شخصياً بتسريب التقرير، في حين «إن هناك أطرافاً عدة لها مصلحة في ذلك»، في ضوء الانتقادات الحادة التي يوجهها لواشنطن والأمم المتحدة في تعاملهما مع الشرق الأوسط.
وأثار تسريب التقرير غضب أطراف عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك الأمين العام بان كي مون، الذي لم يخفِ دي سوتو صدمته واستهجانه لموقفه الذي تبنى بالكامل وجهة نظر إدارة بوش في مقاطعة الحكومة الفلسطينية برئاسة «حماس» وعدم الحوار معها قبل قبولها بما سمي «شروط الرباعية الدولية»: الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والقبول بالاتفاقيات السابقة الموقعة مع منظمة التحرير.
بل ويكشف دي سوتو أنه في أحد اجتماعات مندوبي الرباعية في واشنطن، قبل أسبوع من التوصل لاتفاق مكة، الذي تزامن مع وقوع اشتباكات بين حركتي فتح وحماس، أعرب المندوب الأميركي ديفيد ولش، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى «مرتين عن مدى إعجابه بالعنف» الدائر «لأنه يعني أن هناك فلسطينيين آخرين يقاومون حماس».
ويذهب دي سوتو بعيداً في انتقاد خضوع بان كي مون للرغبات الأميركية والإسرائيلية، إلى حد المطالبة بانسحاب الأمم المتحدة، أو على الأقل تخفيض مستوى تمثيلها، كطرف من أطراف الرباعية الدولية.
وبقدر ما ينتقد دي سوتو استغلال الولايات المتحدة للأمم المتحدة بما لها من سلطة على المستوى الدولي وتوريطها في تبني مواقف مخالفة لميثاقها، فإنه ينتقد بشدة صمت المنظمة الدولية والمجتمع الدولي على الانتهاكات الإسرائيلية العديدة كقوة محتلة، قامت هي أيضا بالتوقيع على اتفاقيات ومعاهدات سلام، ولكنها لا تنفذ أياً منها وتتهرب من التزاماتها، فضلا عن معاملتها شديدة القسوة للفلسطينيين، والتي بلغت درجة فرض حصار غير مسبوق عليهم أدى لتدهور حاد في مستوى معيشتهم وحرمانهم من مرتباتهم في غزة والقطاع... كل ذلك لإجبار «حماس» على تغيير موقفها أو على الأقل الإطاحة بها وإنهاء حكومة الوحدة الفلسطينية التي لم تحظَ أبداً باعتراف إدارة بوش أو بعض مستشاري الرئيس عباس، الذين لم يتوانَ دي سوتو عن وصفهم «بديناصورات» حركة فتح، واتهمهم بالتورط بشكل مباشر بالتآمر على «حماس» ومنع المجتمع الدولي من التعامل معها.
ويتساءل دي سوتو عن جدوى تبرّع الأمين العام بقراءة بيانات الرباعية الختامية، وما يحمله ذلك من مخاطر على سمعة الأمم المتحدة وتوريطها كطرف في الصراع الدائر، بل واعتبارها مسؤولة، من قبل شرائح واسعة من الفلسطينيين والعرب، عن فرض الحصار على الفلسطينيين، ما قد يعرض أمن العاملين فيها ميدانياً إلى الخطر، نظراً لتدهور الوضع الأمني الحالي.
وأعلن دي سوتو أنه تورط، كما الآخرين ممن يتعاملون مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي في الأمم المتحدة، في فرض «رقابة ذاتية» على نفسه، خشية إغضاب إسرائيل، الحليف المدلل لواشنطن، والتي قال إن بعثتها في الأمم المتحدة تحظى برعاية غير مسبوقة تسمح لها بالوصول إلى أعلى المستويات، وفق سياسة بدأها بشكل أساسي الأمين العام السابق كوفي أنان، لإصلاح العلاقة مع إسرائيل، بدعوى تمكين الأمم المتحدة من أداء دور في الصراع، ودحض الاتهام الإسرائيلي الثابت لها بالتحيز للعرب وتبنيها قرارات شبيهة لقرار المساواة بين الصهيونية والعنصرية، والذي ألغي في الجمعية العامة بتأييد من أنان.
ولم يكن غرض هذه السياسة إرضاء إسرائيل فقط، ولكن الأهم بنظر مسؤولي الأمم المتحدة، بدءاً من الأمين العام، هو تجنب التهديدات الأميركية بالتوقف عن دعم ميزانية المنظمة الدولية، فيما لو وُجهت انتقادات حادة لإسرائيل، ما سيغضب الكونغرس الأميركي المسؤول عن إقرار الميزانية.
ويعترف دي سوتو أن الرقابة الذاتية التي فرضها على نفسه، خشية رد فعل واشنطن وتل أبيب، منعته حتى من امتلاك الشجاعة اللازمة ليقدم اقتراحاً، ينص على أن يقدّم مكتب إدارة الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في القدس المحتلة تقريراً عن آثار الحصار على الفلسطينيين، وذلك في الجلسة الشهرية التي يعقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط.
كما أن الخطيئة الكبرى التي ارتكبها دي سوتو، وكادت تفقده وظيفته، هو أنه تصرف «بجرأة» غير مسبوقة، موجهاً خطاباً (نعم مجرد خطاب) إلى وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني يسألها فيه بـ«أدب» عن الأساس القانوني الذي استند عليه الجيش الإسرائيلي عندما اقتحم سجن أريحا، عقب تولي «حماس» رئاسة الحكومة، واعتقال أحمد سعدات، رغم الاتفاق الموقع سابقاً بشأن ترتيبات اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية.
ويوضح دي سوتو أنه التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي شكا له بمرارة عن الحرج الذي شعر به إثر اقتحام إسرائيل سجن أريحا، وطالبه بإثارة الموضوع مع الإسرائيليين، فـ«اعتقد» دي سوتو أن أقل ما يمكن أن يقوم به هو طلب لقاء ليفني... الأمر الذي رُفض، وحُدِّد له، عوضاً عن ذلك، موعد مع نائب مدير إدارة الأمم المتحدة في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
ولما رأى دي سوتو مدى استخفاف الإسرائيليين، قرر كتابة ذلك الخطاب، الذي كلّفه رفض الوزيرة التعامل معه حتى خروجه من منصبه، رغم محاولات الوساطة التي قام بها لصالحه كوفي أنان، الذي تعرّض، هو نفسه، للعقاب ذاته، رغم كل محاولاته لاستمالة إسرائيل، بسبب خطاب ألقاه في أيلول الماضي انتقد فيه الممارسات الإسرائيلية. وكان ذلك آخر اجتماع ترأسه أنان للرباعية، ولم تنعقد أي اجتماعات أخرى للرباعية حتى مغادرة أنان لمنصبه، ووصول بان كي مون مطلع العام الحالي.
يبدو أن تقرير دي سوتو، الممتد بطول 53 صفحة، والذي كُتب في أيار، تنبأ بما يحصل حالياً من صراع بين حركتي فتح وحماس في غزة، وانهيار حكومة الوحدة الوطنية، بسبب إصرار واشنطن على عزل «حماس» ورفض التعامل معها، متهماً هذه السياسة بقصر النظر وإنكار حقيقة أن حماس «حركة لها جذور عميقة ولن تختفي».
ويشير دي سوتو إلى أن إسرائيل، وخلفها الولايات المتحدة، تضعان شروطاً مسبقة يصفها بـ«العبثية»، تطالبان بموجبها حماس أن تعترف بإسرائيل أولاً، ثم التخلي عن العنف، في الوقت الذي من المفترض أن تكون تلك الأمور نتيجة نهائية للمفاوضات وليست سابقة لها.
ويشير دي سوتو إلى أن الشرط الإسرائيلي بأن تعترف «حماس» بحق إسرائيل في الوجود، كدولة يهودية، شرط غير قائم كاملاً داخل الدولة العبرية ذاتها، بسبب مواصلتها للاحتلال القمعي وتوسيع المستوطنات وتهويد القدس وإحالة حياة الفلسطينيين إلى جحيم عبر جدار الفصل ونقاط التفتيش والإغلاق الكامل لحدود غزة واستمرار احتلالها.
ولا يخفي دي سوتو دهشته أيضا من طريقة تعامل الأطراف العربية مع الملف الفلسطيني، ولا سيما منذ بروز ما يسمى بلجنة الرباعية العربية، التي تضم مصر والسعودية والأردن والإمارات، والتي تعقد اجتماعات مع أطراف الرباعية الدولية والولايات المتحدة.
وما يثير دهشة دي سوتو أن مديري الاستخبارات في دول الرباعية العربية يحضرون اجتماعات اللجنة، وتنقل عنهم واشنطن تأييدهم لاستمرار الضغط على «حماس» وعزلها دولياً، خلافاً لما يردده وزراء الخارجية العرب من معارضة للحصار المفروض على الفلسطينيين منذ وصول حماس للسلطة.
وعن السلام مع سوريا قال، أطراف الرباعية العربية للولايات المتحدة، وفقا لدي سوتو، أنهم لا يمانعون البدء في تنفيذ المبادرة العربية الخاصة بالتطبيع الكامل مقابل السلام الكامل، فقط لو تم تحريك المسار الفلسطيني، وبغض النظر عن الجمود في الملف السوري وعدم الانسحاب من الجولان المحتل.
ووصف دي سوتو هذه الاستراتيجية بأنها «فاشلة»، معتبراً أنه «واهم من يعتقد أنه يمكن التوصل إلى تسوية للملف الفلسطيني من دون رضى دمشق»، محذراً من أن الرد سيأتي سريعاً عبر تطورات تنعكس عملياً على الأرض.
- وفي الآتي مقتطفات من تقرير دي سوتو، الذي قال إنه تولى مسؤوليته في فترة حساسة للغاية تزامنت مع إنهاء إسرائيل لانسحابها من غزة، ولاحقاً غياب رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون عن الساحة السياسية، وأخيرا فوز «حماس» في الانتخابات، ما قلب الموازين وخلق واقعاً جديداً.
الفقرة 15: «أعتقد أن أهم ما في قرار شارون الانسحاب من غزة هو حقيقة أن مشروع الهجرة الصهيوني، أي عودة اليهود لبناء وطنهم في إسرائيل، لم ينجح، بأي شكل من الأشكال التي كان يتخيلها شارون عندما أشرف على سياسة الاستيطان قبل عقود. ونتيجة لذلك، فإن ثلثي يهود العالم بقوا خارج إسرائيل، وحتى أحزاب اليمين قبلت بحقيقة أن اليهود لن يشكلوا الغالبية في المناطق التي احتُلَّت عام 1967».
الفقرة 21: (حول حقيقة الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وسعي إسرائيل للحصول على اعتراف دولي بانتهاء الاحتلال من غزة والتمهيد لفصلها عن الضفة الغربية). «طالما أن معيار تقييم وجود الاحتلال، وفقاً للقانون الدولي ولما أعرفه، هو استمرار السيطرة على السكان، فإن عدداً قليلاً من المحامين الدوليين سيشككون في فكرة أن غزة ما زالت محتلة، وأن صلاتها مع العالم الخارجي، عبر الأرض والبحر والجو، ما تزال في يد إسرائيل. والأمر الوحيد الذي تغير واقعياً هو أنه لم يعد هناك مستوطنون أو جنود إسرائيليون، أو على الأقل، لا يتمركزون هناك».
الفقرة 22: «لقد منيت سياسة الانسحاب الأحادي من الأراضي المحتلة، والتي مثلت جوهر برنامج حزب كديما، بهزيمة قوية. فسياسة الانسحاب المنفرد، والتي بُررت بحاجة إسرائيل العاجلة إلى توضيح حدودها، قبل انفجار القنبلة السكانية الزمنية من خلال نمو السكان الفلسطينيين واجتياحهم للدولة اليهودية، تم وضعها على الرف. ولم تُستبدل بتجديد الحاجة العاجلة للتفاوض من أجل التوصل إلى تسوية، ولكن بسياسة تقوم على عدم القيام بشيء، وهو ما يعكس ضعف الحكومة الإسرائيلية وعدم استعدادها للقبول بفكرة أن خطوط 1967 تمثل حدود التسوية. وفي الواقع، يحق لمنظمة التحرير أن تتساءل عما إذا ما كانت إسرائيل شريكاً، تماماً كما تسأل إسرائيل المنظمة والسلطة الفلسطينية».
الفقرة 25: (التعليق على الغارات الإسرائيلية على غزة بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت). «إن القنابل التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية أرهبت شعب غزة في أوقات مختلفة من اليوم، كل يوم. وكما حدث في حرب لبنان، فإن عملية أمطار الصيف فشلت تماما في تحقيق أهدافها المعلنة وهي استعادة الجندي المحتجز ووقف هجمات الصواريخ».
الفقرة 29: «من غير الواضح ما إذا كانت المقترحات والتغيرات المتوقعة في إسرائيل من شأنها أن تؤثر على ملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية بأي طريقة فاعلة، وذلك لأن الطرف الآخر من المعادلة يتمثل في سمعة الولايات المتحدة المتدنية، بشكل تاريخي، في أوساط العرب في المنطقة، والمواقف الإيديولوجية المسبقة لإدارة بوش ولدائرة صنع القرار السياسي في واشنطن، والاستثناء المحتمل هو وزيرة الخارجية كوندليسا رايس نفسها. ويبدو أن الولايات المتحدة بدأت تتراجع عن سياستها القائمة على استبعاد طرفي محور الشر في المنطقة (إيران وسوريا). والمدى الذي سيذهب إليه ذلك التحول وتوقيت وقوعه، بالاشتراك مع تطورات الدراما القائمة في إسرائيل (بشأن تشكيلة الحكومة) سيحددان ما إذا كان هناك احتمالات تحسن».
الفقرة 44: «اقترحتُ أن تتبنى الرباعية موقفاً موحداً ولكن متمايزاً بشأن التعامل مع حماس والحكومة الجديدة، واقترحتُ على مقر الأمم المتحدة عدم تقييد أيدينا بطرق نندم عليها لاحقاً. وقلتُ أيضا أنه، مع الإقرار بأن لدى الولايات المتحدة وأوروبا قيوداً قانونية تمنعهم من تقديم مساعدات لحماس التي يعتبرونها إرهابية، يجب أن يقروا أنه لا يمكن التعامل مع مجموعة تحوز على غالبية مقاعد المجلس التشريعي، بشكل فاعل، فقط من خلال العزل والضغط، وأن حماس قابلة للتطور... وكان لا بد من الإبقاء على قناة مفتوحة للحوار، ويمكن للأمم المتحدة أداء ذلك الدور كما فعلت في مناطق أخرى من العالم بنجاح، وأنه لا بد من منحها المساحة للقيام بذلك».
الفقرة 45: «لا بد من احترام رغبات الناس، الذين عبّروا عن رأيهم في انتخابات حرة ونزيهة شجع المجتمع الدولي على إجرائها».
الفقرة 49: (عندما عارض دي سوتو انضمام الأمم المتحدة لقرار الرباعية بقطع المساعدات عن الفلسطينيين بعد فوز حماس) «تعرضتُ لهجوم قوي من (ديفيد) ولش و(اليوت) ابرامز (نائب مستشار الأمن القومي)، بما في ذلك تلميحات إلى أنه، في حال لم يدعم الأمين العام مراجعة المشاريع التي تقوم بها وكالات الأمم المتحدة (في فلسطين)، فإن ذلك سيكون له آثار على مناقشات الميزانية الخاصة بالأمم المتحدة في الكونغرس».
الفقرة 50: «تحولت الرباعية من تجمع رباعي يدعو لدعم المفاوضات، بناء على وثيقة مشتركة هي خريطة الطريق، إلى هيئة لا تقوم بشيء سوى فرض العقوبات على حكومة منتخبة بشكل حر من قبل شعب محتَلّ، وكذلك لوضع شروط مسبقة لا يمكن تحقيقها من أجل بدء الحوار».
الفقرة 51: مقاطعة حكومة حماس «لم تؤد فقط إلى تهديد أسس قيام دولة فلسطينية في المستقبل، بل إلى إضعاف قدرات أجهزة الأمن الفلسطينية في الحفاظ على القانون والنظام، وذلك من دون الإشارة إلى إنهاء الهجمات ضد إسرائيل. إن الخطوات التي اتخذها المجتمع الدولي، بغرض الوصول لكيان فلسطيني يعيش في سلام مع جارته إسرائيل، قد أدت إلى نتائج عكسية».
الفقرة 52: «يجب عدم تجاهل مسؤوليات إسرائيل، بما في ذلك مسؤولياتها كقوة محتلة وفقاً للقانون الدولي، والتي لم تتمثل فقط في قتل مئات الفلسطينيين المدنيين عبر عمليات اختراق متواصلة وتدمير البنية التحتية، ولكن شملت أيضا ضربات انتقائية جوية على محطة الطاقة الوحيدة وكذلك الجسور في غزة، والتوقف عن تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية منذ شباط ,2006 والتي تقوم إسرائيل بجمعها وفقا لاتفاقيات باريس. هذه الأموال تجمع من المستوردين والموردين الفلسطينيين وهي أموال فلسطينية، تمثّل، في الظروف العادية، ثلث دخل الفلسطينيين، وهي المصدر الأساسي لدفع مرتبات موظفي السلطة. وبينما يطالب المجتمع الدولي الحكومة الفلسطينية دائما بوجوب قبول الاتفاقيات والالتزامات السابقة، فإن إسرائيل تحرم السلطة من القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني في خرق لاتفاقيات مماثلة سابقة».
الفقرة 54: «بشكل عام، أدت سياسة الرباعية أيضا إلى إزالة كل الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل. وفي الوقت الذي يتم فيه التركيز على أوجه فشل حماس، فإن مشاريع الاستيطان وبناء الجدار تواصلت دون توقف. وفي الفترة الزمنية ذاتها، لقيت الفكرة القائلة بأن المشكلة في المنطقة الآن هي إيران والهلال الشيعي، رواجاً في أوساط الرأي العام الغربي، وحتى لدى بعض الحكومات العربية، وهي وصفة تهدف لتشتيت الانتباه بعيداً عن القضية الفلسطينية».
الفقرة 58: «بقي أبو مازن مخلصاً طوال الوقت لاستراتيجيته القائمة على الاحتواء (لحركة حماس) ولم يكن ملتزماً أبداً بالمؤامرات التي كان يحيكها مستشاروه. وكان ذلك يتضمن الدعوة لانتخابات مبكرة، الأمر الذي كانت تدفع له الولايات المتحدة في نهاية .2006 إن أبو مازن غير راغب، سواء من الناحية الفلسفية أو الاستراتيجية، بعبور الخط الفاصل بين الموازنة والمواجهة. أما الولايات المتحدة فهي تستمع لمجموعة صغيرة من المحاورين الفلسطينيين والذين يقولون لها ما تريد سماعه. ولذلك، بدا أنها مقتنعة، في عدة مناسبات، أن أبو مازن كان على وشك تحقيق النصر على حماس، ولكن كان هذا تقييماً يسيء الحكم على الرجل وعلى توازن القوى الذي كان يواجهه».
الفقرة 75: «إن آلية الاحتلال والمقاومة شبيهة بمثال معضلة الدجاجة والبيضة، ولكنني أتساءل ما إذا كانت السلطات الإسرائيلية تدرك، أنه في موسم وراء الآخر، أنها تحصد ما تزرع، وأنها تدفع، بشكل منتظم، دائرة العنف والانتقام بطريقة تولد نفسها بنفسها. وبعد قراءتي للتقارير الخاصة بالصاروخ الذي ضرب منزل أسرة في بيت حانون مكونة من عشرين فرداً كانوا مختبئين في قبو منزلهم، تساءلت: هل بإمكان فريق من علماء النفس والاجتماع التنبؤ بعدد الشهداء (يقصد الاستشهاديين) الذين سنراهم في المستقبل، في كل مبنى في المنطقة، وذلك من بين الأطفال الذين شاهدوا أهلهم يهانون من قبل جنود إسرائيليين اقتحموا منازلهم».
الفقرة 97: «يتحدث المصريون مع حماس ويؤدون دوراً حيوياً، على الرغم من أن حماس لا تشعر بأن القاهرة لاعب حيادي، نظراً لظروف مصر الداخلية، المتعلقة بالأخوان المسلمين. والطرفان المحايدان الوحيدان اللذان عملا على دفع حماس في الاتجاه الصحيح كانا النروج وسويسرا. ومع الأخذ بعين الاعتبار الضغوط الواضحة على حكومة الوحدة الوطنية، فإن تفككها أمر لا يمكن استبعاده. وإذا حدث ذلك فإنه سيمثل نكسة قوية لإسرائيل والفلسطينيين، على حد سواء، وكذلك انتكاسة لجهود حل الصراع عبر الدبلوماسية بدلاً من العنف في المنطقة وحتى خارجها. وأخشى أنه لن يكون بوسع الأمم المتحدة القول إننا قمنا بما في وسعنا لمنع حدوث ذلك».
الفقرة 112: «لا يوجد قرار في مجلس الأمن يمنع الاتصال مع الحكومة السورية. وأراضي سوريا تبقى خاضعة للاحتلال. وفي ضوء تجاهل حدود صلاحيات المنسق الخاص لمسيرة السلام في الشرق الأوسط، يمكن التسامح مع الحكومة السورية إذا تساءلت عما إذا كانت سياسة الأمين العام لا يدفعها القانون الدولي بما في ذلك قرارات مجلس الأمن، ولكن رغبات عضو أو اثنين دائمين في مجلس الأمن».
الفقرة 113: «لا يوجد لدي شك أن ما هو مطروح على المحك الآن هو ما إذا كان الأمين العام سيمارس مهامه بشكل مستقل بالفعل، آخذاً بعين الاعتبار فقط القانون والميثاق وقرارات مجلس الأمن وحكمه الشخصي على ما هو مناسب كحل للصراع العربي الإسرائيلي، أم أنه سيوفر الغطاء لاستراتيجية أوسع لم يتبناها مجلس الأمن».
الفقرة 120: «ما لم يحدث تغيير حقيقي في السياسة المتبعة، والتمسك بمواقف الأمم المتحدة وجعل القبول بها شرطاً للموافقة على بيانات الرباعية، ورفع كل القيود على الاتصالات مع أمثال حكومة السلطة، وبالطبع مع حماس، وكذلك، بالطبع، مع سوريا، فإن الأمين العام يجب أن يقوم بمراجعة حقيقية لدبلوماسية الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، وذلك قبل أن يتخذ أي قرارات تتعلق بتعيين أفراد محددين. كما لا بد أن يخضع دور الأمم المتحدة في الرباعية إلى مراجعة حقيقية».
الفقرة 96: «خلافاً لما نقوم به في لبنان ـ الحوار مع حزب الله الذي ليس حكومة منتخبة (كما هي حماس)، ولا هو حزب الأكثرية (كما هي حماس ولا تزال)، والذي بدأ في الصيف الماضي حرباً امتدت 33 يوماً (على خلاف حماس التي لا يمكن إنكار إحجامها على مدى العامين السابقين)، فإذا ما ربطنا مقاطعاتنا بتصرفاتنا، لكنا تحاورنا مع حماس وقاطعنا حزب الله... ولكننا نتحاور مع حزب الله، وهذا أمر صائب لأنه حزب مهم ولا حل لمشاكل لبنان من دونه، وعلينا أن نفعل المثل مع حماس».
الفقرة 99: «هناك مقولة قديمة في الشرق الأوسط تقول: لا يمكنك شن حرب من دون مصر ولا يمكنك إرساء السلام من دون سوريا، وفيما لم يعد الشق الأول من هذه المقولة صالحاً، أعتقد أن الشق الثاني لا يزال حقيقياً».
الفقرة 103: «لم يعطني أحد أي سبب مقنع لماذا كان يتعين عليّ أن أتجنّب، على مدى العامين السابقين، دمشق. سمعت أحياناً شائعات تقول إنه، بما أن العمل الأساسي مع سوريا مرتبط بدورها في لبنان، وخصوصاً في تنفيذ قرار مجلس الأمن ,1559 ومؤخراً ,1701 سيكون من المضلل أن يتحدّث عضو من الأمم المتحدة مع سوريا في غيرها من المسائل. دعوني أسجّل ذلك: خلال سنتين لم أتسلّم أي تقرير عن الاجتماعات أو نشاط المبعوث المسؤول عن تنفيذ القرار 1559 (تيري رود لارسن) رغم علمي أنه تلقّى بشكل منتظم المواد التي تناولتها مع المقر الرئيسي للأمم المتحدة، وأنه على اتصال بالحكومة السورية».
خالد اسماعيل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد