الأمريكيون يكررون فشل تجربة العثمانيين والفرنسيين في المنطقة
الجمل: نشر الباحث هنري سي كي ليو، بصحيفة آسيا تايمز اليوم دراسة مطولة، حملت عنوان (يتطلعون لمساعدة سوريا).
يشير الكاتب في البداية إلى إدراج تقرير مجموعة دراسة العراق لعملية الحوار والتفاهم مع جيران العراق، باعتبارها تمثل توصية رئيسية ينظر إلى التزام الإدارة الأمريكية بها كأمر في غاية الأهمية، لكي يتم تحقيق الاستقرار في العراق.
يقول الكاتب ليو: برغم هذه التوصية فإن هناك شكوكاً متزايدة إزاء قيام إدارة الرئيس جورج دبليو بوش بإدراج سوريا والعراق على طاولة الأزمة العراقية، برغم تزايد التدهور وسوء الأوضاع في العراق، كذلك يرى الكاتب بأن هذا الموقف السلبي من جانب الإدارة الأمريكية، إزاء سوريا وإيران، يستمد جذوره من خبرة السنوات الماضية.
يرى الكاتب أن الإدارة الأمريكية خلال السنوات الماضية كانت تدرك وتفهم تماماً إفلاس سياساتها في العراق، ومن ثم لتبرير فشلها أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي إلى استخدام سوريا وإيران ككبش فداء، ومن ثم اتهامهم بالتدخل في شؤون العراق، وزعزعة استقراره، وتقويض جهود الديمقراطية التي تقوم بها أمريكا وحلفاءها في المنطقة.
يقسم ليو تحليله إلى النقاط الآتية:
• تغذية الديمقراطية بالقوة:
يستشهد الكاتب على خطأ الإدارة الأمريكية بحديث هنري كيسنجر الذي قال فيه: ان تطويراً نحو الديمقراطية يجب أن يتم من خلال مرحلة تخضع لها الأمة الوليدة، يجري خلالها العمل على تحريكها. وفي العراق تشوهت أهدافنا وغاياتنا على الشكل الذي نراه الآن، لأن الديمقراطية بالنسبة للسياسة مثل الفيتامينات للصحة، وأي جرعات زائدة ستؤدي إلى نتائج عكسية وبالغة الضرر، ومن هنا فإن جلب الديمقراطية عن طريق العسكرة هو مثل إجبار مريض على تناول جرعات زائدة من الفيتامينات.
كذلك، قال كيسنجر، بأنه كان يفضل تطبيق سياسة خاصة بمرحلة ما بعد الغزو تستند على إيجاد قائد عراقي قوي يركز بقوة على تطوير تطبيق الديمقراطية.
يشير الكاتب إلى الرئيس بوش وادعائه المستمر في وصف الإسلاميين بأنهم (يكرهون حريتنا وديمقراطيتنا). ويرى الكاتب أن هذا الادعاء خاطئ من أساسه، وذلك لأن ما يكرهه الإسلاميون ليس هو حرية وديمقراطية أمريكا، بل هو حرية أمريكا في العمل بيد مطلقة وكما يحلو لها في البلدان والمناطق الإسلامية.
لقد انتهجت إدارة بوش استراتيجية بناء الديمقراطية عن طريق الوسائل العسكرية، ويعرف الكثيرون أن مثل هذه العملية غير ممكنة في ظل وجود حكومة عراقية، يجلس مجلس وزرائها وبرلمانها على بحر من رمال التمرد المتحركة.
• حرب العراق علامة تنذر بنهاية القوى العظمى:
يقول الكاتب: إن الثقافة السياسية للبلدان الأخرى، لا يمكن إخضاعها بسهولة لمخططات وبرامج الهيمنة والسيطرة التي تقوم القوى العظمى بوضعها. وإذا كانت الولايات المتحدة قد أصبحت تمثل القوى العظمى الوحيدة، في العالم منذ لحظة انتهاء الحرب الباردة، فقد مارست هذه الولايات المتحدة بخلاً شديداً في تقديم الدعم الاقتصادي للبلدان الفقيرة، ولو فعلت ذلك لاستطاعت أن تمتلك قلوب الملايين من الشعوب، ولتدافعت الملايين المستفيدة لمساندة ديمقراطية الولايات المتحدة، التي قدمت لهم الدعم والمساعدة، ولكن بدلاً عن ذلك قامت الولايات المتحدة باللجوء لفرض سياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة، وفضلت تطبيق تحرير التجارة والخصخصة على تقديم المساعدات، على النحو الذي جعل شعوب العالم تنظر بقدر كبير من الريبة والشكوك إلى عملية العولمة.
• الوضع في سوريا:
إن سوريا بلد علماني، وعلى هذه الخلفية كانت الإدارة الأمريكية تتوقع أن تتحول سوريا من التوجهات القومية العربية إلى توجهات حالة التبعية إلى السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.
ويشير الكاتب إلى أن فرنسا حاولت ذلك، ولكنها برغم جبروتها الاستعماري، فشلت فشلاً ذريعاً في دفع سوريا إلى التخلي عن التوجهات القومية العربية.
ويقول الكاتب: إن الإدارة الأمريكية تحاول تحقيق ما أثبتت تجربة فرنسا الاستعمارية بأن تحقيقه غير ممكن. بل ومستحيل، كذلك يشير الكاتب إلى أن فرنسا نفسها قد فشلت لأنها حاولت تطبيق ما فشل في تحقيقه العثمانيون، والذين ظلوا على مدى مئات السنين يحاولون القضاء على عروبة سوريا، ولكن دون جدوى.
ويخلص الكاتب إلى أن إلغاء العروبة وتبديلها هو أمر غير ممكن، لا في سوريا، ولا في العراق، حيث أثبتت التجربة العملية لأمريكا، بأن الأمر ليس مجرد تطبيق لقوانين مثل قانون اجتثاث البعث، وغير ذلك.
وأخيراً يخلص الكاتب ليو إلى رأي مفاده أن سوريا ليس لها أي مصلحة في تفشي العنف الطائفي والإرهاب في العراق، وذلك لأن سجل تاريخ سوريا المعاصر يقول انه قد سبق لها وأن واجهت خطر الإرهاب والتطرف الأصولي، ويرى الكاتب بأن السياسة الأمريكية الحالية والتي تنتهجها إدارة بوش الحالية، هي سياسة سوف لن تنجح إذا ظلت تتمسك بمحاولاتها الهادفة إلى مساندة ودعم مناهضة العروبة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد