الأسد: ربط البحار الأربعة بعقدة لا يمكن الاستغناء عنها
اختتم الرئيس التركي عبد الله غول، أمس، زيارة استمرت ثلاثة أيام إلى سوريا، بالإعلان أنه يرغب بتعاون لا محدود بين أنقرة ودمشق، مشددا على أن»تركيا تهدف لأن تكون قوة إيجابية لتحقيق الاستقرار والطمأنينة والسلام الإقليمي والعالمي»، في الوقت الذي دعا فيه نظيره بشار الأسد إلى ربط البحار الأربعة المحيطة بدول سوريا وتركيا وإيران والعراق لتكون نقطة ربط تجارية عالمية، مشيرا إلى الآفاق التي تحملها هذه العلاقة بين أنقرة ودمشق، ومنوّها أيضا بأن صورة المنطقة كانت لتبدو أكثر قتامة لولا التعاون القائم بين الاتراك والسوريين.
وكان الأسد وغول افتتحا، في فندق ديدمان في دمشق أمس الأول ملتقى رجال الأعمال السوري التركي بحضور أكثر من 1400 رجل أعمال من الطرفين، إضافة إلى ممثلين رسميين للدولتين.
وأكد الأسد، في افتتاح الملتقى، أن زيارة غول لسوريا «ليست بروتوكولية وإنما لإظهار الدعم السياسي». وقال إن «سوريا وتركيا ممر مهم بالنسبة لآسيا وأوروبا والعالم العربي في مجال النقل والطاقة والمجالات المختلفة الأخرى، وعلينا أن نستخدم هذا الموضوع لكي نتكامل».
وأضاف الأسد «هناك تعاون بين تركيا والعراق، وهناك بداية تطور للعلاقات بين تركيا وسوريا وبين تركيا وإيران، وهناك علاقة جيدة تتطور بين سوريا والعراق، ولكن هناك علاقة قوية أيضا بين سوريا وإيران، وعندما نفكر لاحقا بأن هذا الفضاء الاقتصادي سيتكامل فنحن نربط بين البحر المتوسط وما بين بحر قزوين والبحر الأسود والخليج».
وأشار الأسد إلى أن الإنجاز الأساسي لزيارة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري إلى بغداد مؤخرا هو «الربط بين ميناء أم قصر في العراق على الخليج والموانئ السورية باعتبارها المسافة الأقصر بين المتوسط والخليج». وهو خط سيتم افتتاحه بداية حزيران المقبل. واعتبر أن السير قدما في هذا التصور يمكن أن يجعله «العقدة الإجبارية لكل هذا العالم في الاستثمار وفي النقل وغيره».
من جهته، قال غول إن «الموقع الجغرافي يساعدنا كثيرا، وبالتالي فإن الفعاليات التجارية والاقتصادية يجب أن تكون متطورة أكثر»، و«هناك إرادة سياسية مشتركة لهذا التطور ونريد أن نحقق تعاوناً لا حدود له».
وخاطب غول الحاضرين من رجال الأعمال ومسؤولين بالقول «هناك مخزون هائل أمامكم، يجب أن تستثمروه. وعندما تواجهون أي مشكلة، فان المسؤولين سيحلّونها».
واتفق الجانبان، خلال اجتماع غول مع عطري، على توسيع قاعدة الشراكات والمشاريع الاستثمارية في قطاعات النقل والصناعة والري واستصلاح الأراضي والسدود المائية وتأهيل وتنمية المناطق الحدودية لتصبح مناطق جذب تنموية. كما اتفقا على تأمين احتياجات سوريا من الموارد المائية من نهري الفرات ودجلة، واستخدام شبكات نقل الغاز التركية لنقل كميات من الغاز الإيراني إلى سوريا، وتزويد تركيا لسوريا بالكهرباء.
كما تم الاتفاق على عقد اجتماع «عاجل» بين وزراء النفط والري والمياه في سوريا وتركيا والعراق لترجمة ما تم الاتفاق عليه بين هذه البلدان. وعقد محافظو اللاذقية والرقة والحسكة وإدلب مع ولاة محافظات غازي عنتاب وكلس وهاتاي شانلي وأورفة وماردين التركية اجتماعا بحثوا فيه إمكانية توسيع برنامج التعاون السوري التركي الإقليمي ليشمل جميع المجالات الخدماتية والاقتصادية والاجتماعية والزراعية.
وأشار غول، في محاضرة في جامعة حلب، إلى التنسيق بين مندوبي البلدين في المحافل الدولية، مؤكدا أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين «جديرة أن تكون نموذجا للدول الأخرى». وقال «تم تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين البلدين ليبلغ حجم التبادل التجاري 1.8 مليار دولار السنة الماضية، ونتطلع كي يبلغ 2.5 مليار دولار مع نهاية هذا العام، وطالما ان الأرضية صلبة والنوايا حسنة فيمكن البناء عليهما في تعاون بناء».
وحول القضية الفلسطينية، قال غول، الذي التقى رئيس مجلس الشعب (البرلمان) محمود الأبرش، «إذا لم يتحقق قيام دولة فلسطينية مستقلة فلا يوجد سلام في المنطقة، ولا بد من استمرار المحادثات واسترجاع الأراضي التي تحتلها إسرائيل من سوريا ولبنان، وإننا نعتقد أنه يمكن التوصل لحل وتحقيق السلام في إطار القرارات والمبادئ الدولية بعد تصريحات (الرئيس الأميركي باراك) أوباما الذي خلق جواً من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى النتائج المرجوة».
وحول البرنامج النووي الإيراني، كرر غول «إن تركيا تساند الجهود الهادفة لإيجاد حل. لا بديل آخر غير الدبلوماسية لحل المسألة الإيرانية». ودعا إلى وحدة الصف العربي، معتبرا أن ذلك سيسهم «في إيجاد الحلول لمسائل المنطقة». وقال «لابد من إنهاء الشق في الصف الفلسطيني، وعلى الفلسطينيين أن يكونوا يدا واحدة. لا يمكن أن نفترض وجود دولتين للفلسطينيين، هناك فلسطين واحدة».
وعلى مأدبة عشاء أقامها الأسد لغول، أشار الرئيس السوري إلى أن البلدين تمكنا بفضل التعاون الوثيق «من الوقوف في وجه المحاولات العديدة التي تمت بهدف خلق فجوة بين مواقفنا، ومن ضمنها الضغوطات التي تعرضت لها تركيا من أجل المشاركة في محاولات ضرب الاستقرار في سوريا وعزلها في الأعوام القليلة الماضية، ونجحنا في إعطاء العلاقة زخما أكبر واقتربت المواقف أكثر، في وقت خضع فيه كثر في العالم لتلك الضغوطات، وذلك لأننا فهمنا أن أحدنا يكون بخير عندما يكون الآخر بخير بفعل الجغرافيا والتاريخ والمصالح والعواطف وغيرها».
وأضاف الأسد أن الصورة في الشرق الأوسط كانت لتكون أكثر قتامة لولا التعاون التركي السوري، مشددا في الوقت ذاته على أنه «لا يمكن لنا أن نطمئن للمستقبل ما دامت القضية العراقية أو الأراضي المحتلة في سوريا ولبنان وفلسطين من دون حل، وإذا كانت الدول التي خارج الشرق الأوسط قد بدأت تشعر بخطورة هذه القضايا عليها، فالأحرى بنا أن نشعر بخطر أكبر يحدق بنا».
من جهته، أشار غول إن «سوريا تعتبر بمثابة مفتاح لتحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة، كما أن لمساهماتها في التوصل لحلول المشاكل في المنطقة أهمية بالغة، وبالتالي فإن حظوظ النجاح في البحث عن حلول من خلال تجاوز سوريا والابتعاد عنها تعتبر ضئيلة للغاية، ونحن في تركيا أكدنا دائما ضرورة انخراط سوريا في هذا الأمر وليس العمل على عزلها».
ورحب غول، الذي زار صرح الشهيد في جبل قاسيون والجامع الأموي وسوق الحميدية، بارتفاع وتيرة الاتصالات الدبلوماسية بين الدول الغربية والولايات المتحدة مع سوريا، متوقعا أن «تثمر هذه الاتصالات عن نتائج إيجابية وطيبة».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد