اتصالات روسية ـ أوروبية ـ أميركية تتمسك بالتهدئة والمفاوضات والأسد باقٍ بإرادة الشعب
رفض المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أمس، مطالب دول غربية وبعض المعارضة السورية بتحديد مستقبل الرئيس بشار الأسد مسبقاً، داعياً إلى ترك السوريين يقررون مصيره، فيما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يؤكد لقادة أوروبيين أن تنظيم انتخابات نيابية في نيسان المقبل لا يعيق عملية السلام في سوريا.
في هذا الوقت، شكك رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة عن اجتماع المعارضة في الرياض رياض حجاب بإمكانية عقد المفاوضات بين السلطات السورية والمعارضة في جنيف في التاسع من آذار الحالي، معتبراً أن «الظروف حاليا غير مؤاتية» لاستئنافها، ومكرراً أن «لا دور» للأسد في المرحلة الانتقالية.
وأيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي، الإسراع في إطلاق المفاوضات السورية في جنيف. وذكرت الخارجية الروسية، في بيان، «دعا الوزيران للإسراع في بدء المفاوضات بين الحكومة السورية وأطياف المعارضة السورية، برعاية الأمم المتحدة، والتي من خلالها سيحدد السوريون بأنفسهم مستقبل بلادهم. تم الاتفاق على مواصلة العمل بنشاط على تعزيز جميع جوانب التسوية السورية من خلال مجموعة دعم سوريا الدولية، تحت الرئاسة المشتركة لروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة».
كما أكدا «زيادة خط التفاعل الوثيق بين الدول في المجال العسكري» في سياق دعم وقف الأعمال العدائية.
وأعلن دي ميستورا، في مقابلة مع قناة «فرانس 24» بثت أمس، أن مستقبل الأسد يجب أن يقرره السوريون أنفسهم، ويجب ألا يقرر سلفاً.
وقال «قلنا إنه سيكون حلاً بقيادة السوريين.. (حلاً) ملك السوريين»، مضيفاً «ألا يمكننا ترك السوريين حتى يقرروا ما يريدون بهذا الشأن؟ لماذا يتعين أن نقول سلفاً ما يجب على السوريين أن يقولوه إذا كانوا يملكون الحرية والفرصة كي يقولوا ذلك؟».
وأوضح دي ميستورا انه لا يزال متفائلاً بشأن وقف الأعمال العدائية رغم استمرار الانتهاكات. وقال إن «أربعة أشخاص قتلوا أمس (الأول). هذا أمر محزن جدا»، قبل أن يضيف متسائلاً «لكن هل تعرف أعداد الذين كانوا يموتون قبل أسبوعين فقط؟ ما يصل إلى 120 في اليوم الواحد. وكمعدل بين 60 و80 يوميا». وتابع «كم من الناس وصلت إليهم المساعدات الإنسانية في المناطق الـ18 المحاصرة؟ صفر. ما حدث في الأيام العشرة الماضية؟ حسناً، دخلت 242 شاحنة محملة مساعدات إنسانية إلى سبع من تلك المناطق». وأكد أن 115 ألف شخص تلقوا مساعدات، لكنه اعتبر أن هذا كان لا يزال «غير كاف».
ورفض التعليق على اثر الضربات الجوية الروسية في دعم الأسد. وقال «أنا وسيط، كما أنني مسؤول في الأمم المتحدة، لذا لن أصدر حكماً. أعتقد أن التاريخ سيحكم في كل هذا». وأضاف «هناك طبعاً وجهة نظر في القول انه بمجرد تدخل الروس عسكرياً، أريد أن أصدق أنهم شعروا هم أيضاً، بأنك عندما تتورط تصبح جزءا من الحل».
وفي باريس، قال حجاب إن دي ميستورا «اقترح استئناف المفاوضات في التاسع من آذار، ونحن نعتقد أن الظروف حاليا غير مؤاتية، نظرا إلى عدم تحقيق مطالب المعارضة». وأضاف «لا المساعدات الإنسانية وصلت، ولم يطلق سراح معتقلين، والقرار 2254 لم يطبق، كما لم يتم الالتزام بالهدنة المؤقتة، والعمليات القتالية مستمرة»، معتبرا أنه «من المبكر الحديث عن مفاوضات» في الموعد المحدد.
وقال حجاب إن «أجندة المفاوضات واضحة وهي مستندة إلى بيان جنيف 1، لذا لا دور لبشار الأسد وزمرته بدءا من المرحلة الانتقالية». واعتبر أن «الأميركيين يتنازلون للروس في الكثير من المسائل، وهذا على حساب الثورة السورية»، مطالبا باستجابة من المجتمع الدولي «لفرض رقابة دقيقة وصحيحة» على تنفيذ الهدنة لأنه «من غير المقبول أن تراقب روسيا وقف إطلاق النار».
بوتين
وذكر الكرملين، في بيان، بعد اتصال هاتفي بين بوتين والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون ورئيس الحكومة الايطالية ماتيو رينزي، أن «الجانب الروسي لاحظ أن قرار السلطات السورية تنظيم انتخابات برلمانية في نيسان ينسجم مع الدستور السوري، ولا يؤثر على الخطوات (الجارية) لبناء عملية سلمية».
وأضاف البيان «لوحظ بارتياح أن وقف إطلاق النار مطبق على كامل» أنحاء سوريا. وأوضح أن وقف المعارك «يؤمن الظروف لتطبيق العملية السياسية في سوريا، عبر حوار بين الأطراف السوريين، برعاية الأمم المتحدة».
وأشار الكرملين إلى أن القادة أبدوا استعدادهم لزيادة مساعدتهم الإنسانية في سوريا، مشددين على ضرورة «الاحترام التام للهدنة من قبل جميع المتحاربين»، مع الاستمرار في التصدي بلا هوادة لتنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» وغيرهما من الجماعات الإرهابية.
من جهته، انتقد هولاند، خلال مؤتمر صحافي مع ميركل في باريس، فكرة تنظيم انتخابات قريباً جداً في سوريا، واعتبرها «استفزازية وغير واقعية». وأضاف «يكمن هدفنا المشترك في الاستفادة من الهدنة من أجل دفع عملية الانتقال السياسي قدماً إلى الأمام».
وقالت ميركل، من جهتها، «أود أن أؤكد مرة أخرى أن الرئيس الروسي أكد رسالة رئيسية مفادها الالتزام بوقف إطلاق النار وأن الهجمات ستقتصر على داعش وجبهة النصرة».
وقالت متحدثة باسم كاميرون إن «زعماء أوروبا أبلغوا بوتين بأنه ينبغي استغلال الهدنة في سوريا في السعي للتوصل إلى اتفاق سلام دائم يشهد انتقالا سياسيا بمعزل عن الأسد».
وعن رد بوتين، أعلنت المتحدثة أنه لم يجر نقاش مفصل حول الرئيس السوري. وقالت «نعلم جميعا أن هذه واحدة من النقاط الصعبة»، مضيفة أن كاميرون «شدد على أهمية الانتقال (السياسي) من دون الأسد، وتشكيل حكومة تكون ممثلة تماماً لكل قطاعات سوريا».
إلى ذلك، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، أن «طائرات حربية نفذت ضربتين على مشارف دوما شمال شرق دمشق للمرة الأولى منذ سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية»، مشيراً إلى مقتل شخص، من دون توضح ما إذا كان مدنياً أم من المسلحين.
وحمّلت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، تركيا المسؤولية الكاملة عن استمرار المعارك في إدلب وحلب، مشيرة إلى أن قوافل الأسلحة تصل يومياً من تركيا إلى مناطق سورية خاضعة لـ «جبهة النصرة» و «أحرار الشام». وكشفت أن تركيا لا تزال تقصف القوات الكردية التي تحارب «النصرة» على الأراضي السورية. وأعلنت أنه «خلال الـ24 ساعة الماضية تم تسجيل 27 انتهاكاً للهدنة في كل من إدلب ودمشق وحمص ودرعا واللاذقية وحلب».
وذكرت «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية، في بيان، أن دبابات تركية أطلقت عشرات القذائف على مواقعها في منطقة عفرين، فيما نفت أنقرة هذا الأمر، متحدثة عن استهداف مواقع لـ «داعش».
وفيما نفى «جيش الإسلام»، في بيان، ما ذكرته تقارير إعلامية روسية بأن بعض أعضائها وقعوا اتفاقات لوقف الأعمال العدائية، قال القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش، لوكالة «رويترز»، إن «هناك خروقات كبيرة من جهة النظام، واحتلال لمناطق جديدة، واستخدام كل أنواع السلاح، لا سيما الطيران والبراميل المتفجرة في بعض المناطق وحشود لاحتلال مناطق استراتيجية مهمة جدا». وأضاف ان «المساعدات التي تم إدخالها في الأيام الأخيرة للمناطق المحاصرة لا تكفي عشرة في المئة من الحاجات المطلوبة، وأكثر المناطق لم يدخلها شيء».
وكالات
إضافة تعليق جديد