أنقرة تغازل واشنطن نحن جنودكم في معركة الرقة
منذ اليوم الأول للغزو التركي، كان واضحاً أنّه لا بد لأنقرة من استغلال تدخلها المباشر في الميدان السوري لحجز مقعد رئيسي ومؤثر في أي مفاوضات مقبلة. لكن الآن، فقد بات يظهر أنها تسعى أيضاً إلى لعب دور «وسطي» يمكّنها من تمتين علاقاتها مع واشنطن وموسكو على حد سواء. فبعد مصالحتها مع روسيا وإعلانها بدء التنسيق معها حول العمليات في سوريا، تعود لتأكيد «ولائها الأطلسي»، مؤكدة أنها مستعدة لقيادة قوات برية تحت غطاء «التحالف» لخوض معركة الرقة
بدا، أمس، أنّ أنقرة قد رحبت بعرض أميركي «للتعاون مشترك» حول المدينة، وفق ما ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أثناء عودته من قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية. وأشار الأخير إلى استعداد بلاده للتعاون العسكري في معركة الرقة، مضيفاً أن «لا شيء يمنع مثل هذا التعاون... ولندع عسكريي البلدين يجتمعون، وذلك كفيل بحل جميع الأمور الضرورية».
وبقدر ما قد يحمل «الاقتراح» الأميركي رسالة واضحة لـ«الوحدات» الكردية (التي يُقال إنها قد أبدت سابقاً عدم اهتمامها بخوض معركة الرقة «غير الاستراتيجية» لها)، فإنه يدلّ على أن القوات التركية بصدد توسيع عملياتها ضمن الشمال السوري، وبغطاء من «التحالف».
وضمن هذا السياق، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن «قلق عميق» إزاء «توغل القوات التركية وقوات المعارضة السورية المدعومة من أنقرة داخل الأراضي السورية»، مضيفة في بيان أن «هذه التحركات ثير القلق بشأن سيادة سوريا ووحدة أراضيها... وسوف تزيد من تعقيد الوضع العسكري والسياسي». وطالب بيان الخارجية أنقرة بـ«الكف عن أي خطوات تزيد من تزعزع الوضع».
من جهة أخرى، جددت الإدارة الأميركية رفضها دراسة اقتراح تركيا إقامة «منطقة حظر طيران» في شمال سوريا. وأعرب نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، بن رودس، عن اعتقاد بلاده بأن «منطقة حظر الطيران لا يمكن أن تحل القضايا الأساسية على الأرض، لكون القتال سيتواصل في الميادين». ورأى في الوقت نفسه أنّ «تطهير» منطقة الحدود التركية «سيرسي الأمن في منطقة أوسع، وسيوقف تدفق المقاتلين الأجانب»، مشيراً إلى أنّ هذا الرأي نُقل إلى الرئيس التركي.
أنقرة: لنبدأ بالباب ومنبج
عن النيات التركية ضمن عملية «درع الفرات»، أشار أردوغان، في حديث إلى الصحافيين أجراه على متن الطائرة التي أقلته من الصين، أن «الهدف المقبل» للعمليات العسكرية هو مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، مضيفاً أن «الهدف الثاني هو مدينة منبج، التي يسيطر عليها إرهابيو الاتحاد الديموقراطي والعمال الكردستاني».
ولفت الرئيس التركي إلى أنّ بلاده اقترحت سابقاً على الولايات المتحدة، أن تتولى القوات التي تتلقى تدريباً تركياً، والمكونة من «عناصر عربية، تحرير مدينة منبج وريفها من قبضة داعش»، لكن الاقتراح لم يلقَ موافقة واشنطن التي «فضلت إعطاء الدور لحزبي الاتحاد الديموقراطي والعمال الكردستاني». وأوضح أن الحجة الأميركية كانت تقول إن تنفيذ المقترح سيؤجل تحرير المدينة «بين شهرين إلى ثلاثة أشهر».
وأعرب أردوغان عن أمله في توصل الولايات المتحدة وروسيا إلى «هدنة» قبل عيد الأضحى، موضحاً أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوضح له «أن من الممكن أن يتم تأمين الاتفاق خلال أيام». وأشار إلى أن تركيا تستعد عند إقرار «الهدنة»، لإيصال «المساعدات الإغاثية والأدوية وألعاب الأطفال» خلال العيد. على صعيد آخر، بالتزامن مع زيارة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، إلى أنقرة، اليوم، كان من المتوقع وصول وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى أنقرة مساء أمس، وفق ما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو. ومن المرتقب أن تتضمن زيارة ستولتنبرغ، تحليلاً مشتركاً بين «الناتو» وتركيا، لعملية الأخيرة العسكرية في سوريا، ومناقشة طرق الدعم التي يمكن أن يقدمها حلفاؤها في إطار تلك العملية.
وكان الجبير قد أشار أمس، مجدداً، إلى احتمال التوصل إلى اتفاق روسي ــ أميركي في سوريا، عقب حضوره أمس، مؤتمر «أصدقاء سوريا» في لندن، الذي أبدى فيه المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، رياض حجاب، رفض الأخيرة لأي اتفاق «تتوصل إليه روسيا والولايات المتحدة... إذا كان مختلفاً عن رؤية الهيئة». وتأتي تصريحات حجاب، عقب اجتماع «الهيئة» مع وزراء خارجية «مجموعة أصدقاء سوريا» في لندن، حيث طرحت «رؤيتها السياسية» للمرحلة الانتقالية، التي تتضمن «مفاوضات تستغرق ستة أشهر من أجل تشكيل هيئة انتقالية تضم شخصيات من المعارضة والحكومة والمجتمع المدني». كذلك أشارت إلى ضرورة «تنحي الرئيس بشار الأسد عن منصبه بنهاية الأشهر الستة. وعقب ذلك ستدير الهيئة الانتقالية البلاد لمدة 18 شهراً، تُجرى بعدها انتخابات».
(الأخبار)
واشنطن لا تؤكد لقاء كيري ــ لافروف
بينما أعلنت الخارجية الروسية، أمس، أنّ الوزيرين سيرغي لافروف، وجون كيري، سيلتقيان في جنيف اليوم لاستكمال مناقشاتهما بشأن سوريا، قالت وزارة الخارجية الأميركية، في وقت متأخر من مساء أمس، إنه لا يمكنها تأكيد إعلان موسكو. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر: «بعدما تحدث الوزير جون كيري لمدة 45 دقيقة مع نظيره الروسي، لم نصل إلى ذلك بعد». وأضاف قائلاً إنّ «الوزير لا يزال ملتزماً الجهود المستمرة لمحاولة حلّ القضايا العالقة من أجل الوصول إلى ترتيب بشأن سوريا... لكننا لن نوافق على ترتيب لا يفي بأهدافنا الأساسية».
وقال تونر: «لم نتمكن من التوصل إلى تفاهم واضح بشأن مسار للسير قدماً. لا يمكنني أن أقول إنه يوجد أمل كبير للنجاح... نحن فقط نواصل العمل».
(رويترز)
إضافة تعليق جديد