«الكابوويرا» في دمشق تدريب على التحكم بالانفعال
وسط فسحة بيت دمشقي تصدح فيه موسيقى أفريقية، تتحلّق مجموعة من الشباب، أمضت أكثر من ساعة في تمارين المرونة والإحماء. يبدأ المدرب بالغناء ثم يدخل معه، في الإيقاع، أعضاء المجموعة واحداً تلو الآخر، كلٌ بما يمسك به من آلة موسيقية. تقفز كلمات أجنبية مثل Ginga ،Angola، وبعدها يتسارع الإيقاع، فيرافقه تصفيق وغناء يرسم حماسة على وجوه شباب المجموعة. يبدو الأمر أشبه بأداء استعراضي يشجّع الفرد على الدخول إلى «حلبة قتال»، وبالفعل يتقدم شابان إلى وسط الحلقة ويأخذان بممارسة حركات رياضية تعتمد على حفظ التوازن، وتوجيه ضربات إلى الخصم الذي يجب أن يتّقن تفاديها.
والمطلوب ألا تلحق الضرر بزميلك أو توقع أي إصابة، فأنت تتدرب فقط، هذه هي القاعدة الأساس في «الكابوويرا»، الرياضة التي حلّت في سورية من مدّة لا تزيد على ثمانية أشهر على رغم أن جذورها تعود إلى القرن السابع عشر الميلادي.
بشار، طالب في المعهد العالي للموسيقى في دمشق، يُعتبر المتدرب الأقدم في المجموعة. تعرّف إلى «الكابوويرا»، من طريق ملصقات إعلانية في الشوارع، يقول: «انها رياضة تنمي قدرتي على التحكم بانفعالاتي وهذا ما جذبني إليها، بالإضافة إلى أنها تمنحني فرصة التعرف الى ثقافة مختلفة من خلال الموسيقى ذات الطابع الإفريقي، والتي تستخدم آلات مثل Berimbau وهي آلة وترية إفريقية، وAttabaque أي الطبل البرازيلي التقليدي، وPandeiro، آلة موسيقية تشبه الدف».
خمسة عشر شاباً وشابة يشكّلون أفراد المجموعة، يجمعون على أن ما يجذبهم إلى الكابوويرا هو «الجوّ الاجتماعي الممتع الذي يجمع بين الرياضة والرقص والموسيقى مما يجعلك تنسى الإرهاق والتعب الناتج من التدريب».
وعلى رغم أن وجود الفتيات، قليل في هذه الرياضة، فإن ذلك لم يمنع بعضهن من المشاركة فيها، وتقول جوان موسى: «الكابوويرا رياضة قاسية نوعاً ما، لكني أجد فيها المتعة، إضافة إلى أني أحصل على اللياقة البدنية التي تمنحني إياها هذه الرياضة». وتضيف بشغف، إن قصة نشوء الكابوويرا «هي ما جذبني إليها، فأصل كلمة الكابوويرا يعود إلى نوع من النباتات التي كان ممارسو هذه الرياضة يختبئون خلفه. وظهرت الكابوويرا عند «العبيد» الذين جلبهم تجار الرقيق البرتغاليون من إفريقيا إلى البرازيل، وابتدع هؤلاء فن الكابوويرا كنوع من الدفاع عن النفس مغلّفاً بطابع موسيقي وإيقاع فلكلوري بغرض التمويه تمهيداً للقيام بثورة ضد التجار البيض، إذ كانوا يختبئون في الحقول ويدعون ممارسة الرقص والغناء وهم في الحقيقة يتدربون على القتال.
وتبلغ كلفة الاشتراك الشهري في نادي الكابوويرا، ألفي ليرة سورية أي حوالى 45 دولاراً أميركياً، وهي كلفة يراها المدرب موسى، «مناسبة» بالــمقارنة مع بقية الــنوادي الرياضــية في دمــشق.
ويتوقع موسى، وهو من أصل جزائري وعمل في تدريب الكابوويرا في ألمانيا قبل انتقاله إلى دمشق، أن تنافس الكابوويرا أنواع الرياضة التقليدية المتعارف عليها بين الشباب السوري، مستنداً في رأيه لما لمسه من إقبال الشباب للتعرف عليها خلال عرض قدّمه بعض المتدربين في شوارع دمشق القديمة، ولاقى إقبالاً من الناس الذين توافدوا لمشاهدة نشاط رياضي عبر القارات قبل أن يصل إلى سورية.
لينا الجودي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد