القمة العربية : قطر تصادر مقعد سورية لحساب عملائها

في سابقة خطيرة نظرا لما لها من تداعيات على الأزمة في سورية من جانب، وعلى العلاقة بين الانظمة والمعارضات الداخلية من جانب آخر، سلَّم أمير قطر حمد بن خليفة المعارضة السورية ممثلة برئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو، مقعد الدولة السورية في الجامعة العربية.

فسورية الدولة المؤسس في الجامعة العربية، تم تعليق عضويتها في تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2011، كوسيلة ضغط على دمشق للإمتثال إلى الضغوط العربية والغربية حيال التعاطي مع المجموعات المسلحة في الداخل السوري، في خطوة وصفتها سورية الدولة آنذاك بغير الميثاقية.

خطوة اسناد المعقد السوري إلى المعارضة، أتت بعد ارتفاع اصوات داخل الجامعة العربية دعت إلى رفع تعليق عضوية سورية، كإجراء يساهم في اعادة قنوات الحوار بين الجامعة والحكومة في دمشق، غير ان تلك الدعوات لم تلق صدى في أروقة الإجتماعات العربية لا بل شُنت حملة على وزير خارجية لبنان عدنان منصور لتقديمه هكذا طلب.

خطوة الجامعة العربية من شأنها تعقيد مسار الحوار السلمي في الأزمة السورية، ورفع منسوب التوتر، فيما وصفت مصادر إعلامية سورية الخطوة بالجريمة القانونية والسياسية والاخلاقية و"استبدال الاصيل بالمسخ المنحرف".

جلوس المعارضة على مقعد الدولة، لا قيمة قانونية له، بنظر العديد، خصوصاً وان من يجلس عليه، ليس لديه أي صفة تمثيليه أو انتخابية، بل هو معين من قبل دول خارجية، خصوصاً وأن حملة ضغوط أميركية هي التي أنتجت الائتلاف الوطني السوري في قطر في تشرين الثاني / نوفومبر 2012، كما أن الدولة السورية لا تزال موجودة بصفة فعلية بشعبها وجيشها ومؤسساتها وأجهزتها وبكامل سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ويأتي ما جرى في الجامعة العربية ضمن إطار اشتداد الحملة الغربية على سورية ومع تزايد الحديث عن تسليح المعارضة، ما يجعل تلك الأحداث مترابطة، خصوصاً وأن مبادرات الحوار على خط موسكو - واشنطن لا تزال في مراحلها الأولى، ما يطرح علامات استفهام حول الموقف العربي والغربي المعلن من دعم الحوار والحل السلمي للازمة، إضافة إلى النوايا الحقيقة وراء السياسات العربية إزاء الازمة في سورية.

ويشار إلى ان هذا القرار العربي، جاء بعدما قدم معاذ الخطيب استقالته من رئاسة الائتلاف المعارض، متوجا بذلك الخلافات بين اطياف المعارضة، وكذلك التباينات داخل الدول العربية بشأن التعاطي مع الازمة السورية، حيث يسعى كل طرف إلى استمالة المعارضين، عبر تقديم الدعم المالي والعسكري لجهات دون اخرى.

ويبدو ان قطر ارادت من خلال منح المقعد إلى المعارضة، تبديد أجواء الانشقاق والخلاف، والفوضى التي بدأت في جبهة الدول المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد، وتكوين موقف مشترك وموحد، خصوصاً وأن الدول العربية لم تتفق على شيء يذكر في الأزمة السورية بخلاف النبذ المعلن لإراقة الدماء في الصراع، كما أن مقاطعة سورية دبلوماسياً وإقتصادياً لا تلتزم به العديد من الدول.

واستناداً إلى ذلك، يبدو أن تسليم المقعد إلى المعارضة خطوة إعلامية اكثر منها فعلية، فدول عربية قطعت خيوط التواصل الدبلوماسي والسياسي مع دمشق منذ فترة، كما أن الدول التي تحافظ على علاقاتها مع سورية، ليست في وارد قطعها حتى الآن.

جلوس احمد معاذ الخطيب على مقعد سورية الدولة، تزامن مع تغيير العلم واستبداله بعلم الانتداب الفرسي على البلاد.

يُذكر أن هذا العلم، اعتمد في قرار أصدره المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سورية ولبنان "هنري بونسو" في 14 أيار/مايو من عام 1930، وجاء في المادة الرابعة من الباب الأول ما يلي: "يكون العلم السوري على الشكل الآتي: يقسم إلى ثلاثة ألوان متساوية متوازية، أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود.

وقد نُشر هذا الدستور في الجريدة الرسمية العدد 12 ملحق تاريخ 30/2/1932 الصفحة 1، ورفع العلم لأول مرة في سماء سورية في 12 حزيران عام 1932، وفي المرة الثانية خلال الازمة، وعلى أيدي المعارضة المدعومة خارجيا.

ويدل هذا العلم على الهدف المضمر بتجزئه سورية وتقسيمها والعودة بالوطن الى عهد الإستعمار، حيث تشير النجوم الثلاث إلى الدويلات التي يتشكل منها الاتحاد السوري، وهي دولة السنة (دمشق، حلب، حمص، دير الزور...)، ودولة الدروز (السويداء وجبل العرب) ودولة العلويين (اللاذقية والساحل).

ويبقى السؤال، هل يحق للمعارضة المصرية، والتونسية، والسعودية، والبحرينية، الجلوس على مقاعد حكوماتهم، بعد جلوس المعارضة السورية على مقعد الدولة؟؟

وبالتالي فان قرار الجامعة العربية يمهد حكما ويشرعن ايضا لاي دولة ان تسلم سفارة اي دولة للمعارضين الذين تختارهم.

أحمد فرحات

المصدر: المنار